الاستشارية الأسرية حياة بركوكي لـ "المساء":

الإسلام راعى كل كبيرة وصغيرة في حقوق المرأة

الإسلام راعى كل كبيرة وصغيرة في حقوق المرأة
الاستشارية الأسرية حياة بركوكي
  • القراءات: 1502
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

اختارت حياة بركوكي، المرشدة الأسرية ومستشارة تدريب احترافي في التنمية الذكائية والتواصلية مع الطفل، باحثة في بناء الشخصية وتعديل السلوك، اختارت أن تتحدث عن حقوق المرأة المسلمة، ومهمتها في بناء الأسرة السليمة التي تعد عمادها. وافتتحت بقول "سواس باشا": "إذا تأملنا عظمة الحضارات الإسلامية الخمس التي انتشرت، بالتوالي، في العالم، يجب أن نعترف بأن هذه الحضارة لا تفسر إلا بسبب أخلاقي، ولتأثيرها العميق على العقول؛ "الإسلام هو العقيدة الوحيدة التي تملك الأسس المتينة اللازمة لقيام المرأة. وإن تحقق المشاريع الكبرى الضرورية لصالحها وصالح قيام الأمة العربية المسلمة، فهو الدين الوحيد الذي اعتنى بنمو المرأة من صغرها إلى أن تصبح عجوزا حكيمة في أمور دنياها، استقامت على الزرع لآخرتها".

تقول الاستشارية الأسرية: "لقد وهب القرآن المرأة من الحقوق والامتيازات؛ ما يمكن أن يعتبره غير المسلم إفراطا. ولا يوجد أي تشريع في العالم يمنح المرأة من الحقوق ما يقره لها كتاب الله؛ فمثلا للمرأة الحق بدون أي تحديد ولا تبعية، أن تتصرف في مالها. ولها أن تشتري وتبيع وتستثمر رأسمالها والمطالبة أمام القضاء بدون طلب أي إنسان؛ لقوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم". وكمثال آخر جعل الطلاق هو الحل الوحيد للنزاعات التي يمكن أن تنجم بين الزوجين المختلفين إذا كانت كل المحاولات للإصلاح والرجوع نفذت. وقد انتهت جميع التشريعات العالمية بقبول ذلك منذ نصف قرن فقط، على أنه إذا كان التشريع الإسلامي أقره، ومع ذلك غير مرغوب فيه إذا كان في إمكانية رجوع الزوجين لبعضهما، وهذا وفق ما جاء في النص؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق".

إرث الرجل المضاعَف لصون كرامة المرأة والإنفاق عليها

أوضحت بركوكي أن المرأة في المجتمعات غير المسلمة لا تحظى بالاحترام إلا بقدر ما لها من إغراءات ظاهرة. أما المسلمة فهي مقدسة، ويكون الحجاب الذي فرضه الله تعالى لها، الوسيلة التي تجعلها محترمة كأجمل النساء مصونة؛ فحمّل الرجل ما عليه من تكاليف، ومكنه من ذلك؛ كأن خص له التشريع الإسلامي في الإرث بحظ ضعف حظ المرأة، ففرض الإسلام على الرجل بالتكليف، وأن ينفق على المرأة، وحماها لذلك من الإغراءات ومكايد الشارع، ولتحفظ زينة تاجها؛ أي أخلاقها. وتواصل المتحدثة: لم يعط أي دين على الإطلاق، المرأة حقوقها كاملة مثلما أعطاها الإسلام، حتى إن الفاروق عمر بن الخطاب كان يقول: "والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم"؛ فالإسلام عدها جوهرة ذات قيمة، مصانة كريمة ومعززة، لها حقوق وواجبات وفق ما يلائم طبيعتها التي خلقها الله عليها، بل إنه سبحانه وتعالى رفع عنها العديد من الأمور التي لا تقوى عليها؛ فأي تكريم هذا؟! قال تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة". البقرة: 228

وفي ما يخص المزايا التي تتمتع بها المرأة تقول الاستشارية الأسرية: "في ظل الإسلام أصبح للمرأة حق البيع والشراء والإيجار والتعليم، بل إن التاريخ الإسلامي يروي الكثير من قصص مسلمات آثرن الأمة بعلمهن وكدهن وجهادهن وثباتهن ورسالتهن العظيمة في بناء النشأ الطيب والفعال للأمة. هذه المرأة المسلمة التي ملأ قلبها قرآنها وسيرة نبيها ونساؤه الصالحات القدوة، فباتت كالنور تضيء المجتمع؛ فقد أكد الإسلام أن المرأة عزيزة بهذا الدين الذي رفع شأنها عن قبل من أيام الجاهلية؛ حيث كانت تتعرض لأبخس الانتهاكات المؤذية، فجاء الإسلام إلى الدنيا وأحياها بين قومها، وأعطاها مكانتها الحقيقية".

الكريم من أكرمهنّ...

وقيّد الإسلام الرجل بقيود لا يجوز له تخطيها في معاملة النساء، فلا بد من إكرامها وعلو شأنها؛ فـ "لا يكرمهن إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم، بل إن الإسلام منع الرجل من الاعتداء على زوجته، وعلّمه، ووجّه كيف يعاملها بحسن العاملة وطيبتها؛ قال صلى الله عليه وسلم وناهيا عن الإساءة إليها: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يضاجعها"، وجعل الأساس بينها وبين الرجل المودة والرحمة، ولقوله تعالى: وجعلنا بينكم مودة ورحمة".

وبالأساس لما نزل التكليف بين آدم وحواء؛ فهما مسؤولان وكل بدرجته؛ قال تعالى: "وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين". البقرة: 35 فالرجل من المرأة والعكس؛ لقوله تعالى: "أنتم لباس لهن وهن لباس لكم". وقال تعالى: "أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض". (آل عمران: 195)؛ إذ جعل الإسلام شخصية المرأة في الإسلام مستقلة، لا أَمَةً عند الرجل، ومساندة؛ خصها بما يلائم فطرتها وأنوثتها وكيف تحفظهما، وكل حقوقها واجبة النفاذ؛ قال تعالى: "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن". سورة النساء: 32

الحالة النفسية للمرأة جانب هام يرعاه الإسلام

توضح بركوكي بشأن الحالات النفسية والعضوية للمرأة؛ "الإسلام راعى الانفعالات النفسية. وبما أن النساء بشكل عام، أكثر تأثرا من الرجال بالاضطرابات النفسية، والسبب أن المرأة في تكوينها البيولوجي تمر بتغيرات جسمانية هرمونية عديدة؛ فالدورة الشهرية والحمل والنفاس والرضاع وانقطاع الدورة، كلها تغيرات بيولوجية ثقيلة جدا. و(العاطفية) التي فطر الله المرأة عليها، تساهم إلى حد كبير، في زيادة الانفعالات النفسية التي تمر بها. وفي حال حمل المرأة فإنها تعيش بمشاعر متضاربة عاطفيا نحو الجنين، ونفور يتوجه نحو الرجل في الشهور الأولى، وحالة الغثيان والقيء في الوحام، والخوف والقلق من فقدان الجنين أو تشويهه، وحالة الخوف والقلق من نوع الجنين إذا كان الزوج يرغب في فتاة أو صبي مثلا، وحالة الخوف والقلق من نفور الرجل من زوجته بسبب تعبها وابتعادها عنه وانشغالها عن حاجاته، وحالة الخوف والقلق من غيرة بقية الأبناء من أخيهم الجديد أو اختهم.

وهناك حالة الاكتئاب الشديدة التي تصيب 50٪ من النساء عقب الولادة مباشرة. وتتمثل في البكاء والقلق والحزن الشديد. وهناك العقم وما يخلّفه من حسرة في القلب كلما رأت المرأة أما تحضن أولادها، وما يسببه من شعور بالقلق والخوف من فقدان زوجها. وهناك الطلاق إذا كان بإرادة منفردة من الرجل؛ فهذا يعني أنه تخلى عنها ولم يعد قادرا على العيش معها، وهذا ما يجعلها عرضة للقال والقيل في المجتمع، ويجعل المجتمع كله ينظر إليها كأنها هي المقصرة وهي المسؤولة عن فقدان أسرتها. وتحديات الحضانة قاسية بشكل كبير على المرأة؛ فهي أن أخذت أولادها تعثر زواجها من شخص آخر، وإن لم تأخذهم تتحسر عليهم، وإن تزوجت خسرت حضانتهم، وإن لم تخسرها فستخسرها عندما يبلغون الحلم؛ فهذه محنة حقيقية للأمومة.

كل هذه الاضطرابات وحالات الخوف عند المرأة هي عادية بحكم التكوين البيولوجي والنفسي العاطفي للمرأة، تزول بنسبة كبيرة من خلال الرعاية والاهتمام والتفهم والدعم الذي يقوم به الأهل لها أثناء أزمتها النفسية؛ فالأدوية الطبية تنفع في بعض الحالات، والرياضة البدنية تنفع، إلا أن العلاج الأكبر يكون بالرعاية والاهتمام ممن يحيطون بها، ولهذا أكثر ما تحتاجه المرأة لتجاوز هذه التحديات والمخاوف العاطفية، الاهتمام والدعم النفسي والرعاية واللمسة الحانية والحضن الدافيء والكلمة الطيبة. وقد اهتم الإسلام بكل هذا، وجسد له حلولا ثابتة ووقائية، فنجد أنه أعطى المرأة مكانة عظيمة وراقية، ومحفوظة حقوقها قبل واجباتها.

وقد قال تعالى: "وليس الذكر كالأنثى". وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليؤكد الحقيقتين في سنته فيعلن "إنما النساء شقائق الرجال" في الأجر والثواب والدعوة والبناء. ويعلن ويوصي مرارا وتكرارا بهن: "اِستوصوا بالنساء خيرا"؛ لأنهن يختلفن عنكم جسديا ونفسيا، ولأنهن يتعرضن لحالات نفسية صعبة كلما دخلن مرحلة أو طرأ عليهن طارئ جسدي. وقوله: "استوصوا" هو أبلغ من قوله: "أوصيكم"؛ فاستوصوا معناها دوام التواصي، ودوام التذكير به، ودوام العمل به.

والإسلام راعى نفسية المرأة، ووضع أحكاما خاصة بها في وقت الحيض والحمل والولادة والرضاعة والتقلبات النفسية؛ حتى إنه لم يلزمها برضاعة طفلها؛ لأنه راعى أن تمر باكتئاب ما بعد الولادة، وأنها قد ترفض الطفل. وأمر الإسلام بالإنفاق على الحامل وعلى المرضع؛ من أجل راحتها ورعايتها لتكون مستقرة نفسيا؛ فالرجل المسلم هو أكثر الرجال فهما لهذه النفسية. ودعمُ المرأة نفسيا ومعنويا يساعدها على استقرارها وهدوئها وسعادتها.

أيتها المرأة أنت محظوظة

وفي الختام اختارت بركوكي أن تقول: "أود أن أوجه نداء لكل امرأة مسلمة، أنت حقا محظوظة بهذا الدين العظيم؛ الشيء المميز في الإسلام أنه أعطاها منزلة في الأسرة مع أبيها أو أخيها أو زوجها، تختلف عن أي منزلة في دين آخر؛ حيث جعل الإسلام للزوج القوامة من أجل راحتها، وجعلها عند الأب قرة عين، وجعل لها من الأخ سندا تتكأ عليه؛ فالمرأة مع الرجل المسلم هي دوما في عز ورفعة؛ بين احترام ومحبة ورحمة، فنرى الرسول، عليه الصلاة والسلام، أوصى بها خيرا ولطفا ورفقا؛ "رفقا بالقوارير".