أكدها القائد الأعلى للقوات المسلّحة

المؤسسة العسكرية.. خط أحمر فلا تلعبوا بالنّار

المؤسسة العسكرية.. خط أحمر فلا تلعبوا بالنّار
  • القراءات: 3572
 مليكة . خ مليكة . خ

❊ تعزيز رابطة جيش ـ أمة بشعار "جيش ـ شعب خاوة خاوة"

حرص رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلّحة، وزير الدفاع الوطني، منذ توليه سدة الحكم على تعزيز رابطة الشعب بجيشه باعتبار هذا الاخير الركيزة الاساسية التي حمت الدولة في مختلف الظروف والمراحل  التي عاشتها البلاد. فهذه الرابطة القوية أبان عنها الشعب في مظاهراته السلمية خلال الحراك الشعبي الأصلي والأصلي، والذي رددت فيه حناجر مختلف فئات الشعب "جيش، شعب... خاوة خاوة"، بعد أن نجح الجيش في مسايرة واحترام مطالب الشعب المنادية بالتغيير، ليكون بذلك داعما لها دون أن تنزل أي قطرة دم، خلافا لتجارب بعض الدول التي سجلت صدامات بعد إقحام الجيش في صد التظاهرات.

يركز مراقبون من خلال تصريحات رئيس الجمهورية، التي أدلى بها في عدة مناسبات، على أن المؤسسة العسكرية تعد خطا أحمر، كون محاولات المساس بها تعني استهداف رفع الحماية عن الجزائريين، في الوقت الذي يبقى فيه الجيش حامي اللحمة الوطنية والعمود الفقري للدولة والضامن الدستوري لوحدة وسيادة البلاد. ولم تكن هذه التصريحات عفوية من القاضي الأول في البلاد، الذي يكون بالتأكيد قد اطلع على التقارير الأمنية، في ظل محاولات بعض الأطراف تصغير الدور الريادي للجزائر من خلال إملاءات صادرة من وراء الستار، تحاول زعزعة استقرار البلاد باستغلال أبنائها، عبر شائعات تغزو مواقع التواصل الاجتماعي بشأن مختلف القطاعات، وتستغل الظرف الصحي الحالي لزرع الهلع في نفوس المواطنين عبر نشر الأخبار الكاذبة والفيديوهات الملفّقة التي باتت تمس الأمن القومي، الأمر الذي دفع بالدولة الى استحداث قطب جزائي يتكفّل بمعالجة الجرائم السيبرانية.

احترافية.. تطوير وضخ دماء جديدة

ولم يقتصر الأمر على تكييف الإمكانيات التكنولوجية مع المستجدات الراهنة في سياق مجابهة الحروب الجديدة التي تعد أكثر خطورة من الحروب الكلاسيكية، بل تعدى ذلك إلى العنصر البشري من خلال ضخ دماء جديدة في الأسلاك الأمنية ذات الخبرة العالية في الدفاع عن حمى الدولة، وحماية أمن واستقرار الحدود فضلا عن إدارة قسم الأمن الداخلي في الاستخبارات ومديرية القضاء العسكري. فقد طالت حركة التغييرات قيادات القوات المسلحة والنواحي العسكرية للجيش، وشملت أوامر بإنهاء مهام ألوية بأركان القوات الجوية وبعض النواحي العسكرية، بالإضافة الى إجراء حركة في سلك المديرين المركزيين بالمديرية العامة للأمن والدرك الوطنيين.

ويرى المتتبعون أن استراتيجية رئيس الجمهورية، في تسيير أهم مؤسسة في الدولة وهي المؤسسة العسكرية تتم بالاحترافية والحكمة، خاصة وأن العالم يشهد متغيرات أمنية جد خطيرة عصفت بأمن الكثير من الدول وكادت أن تعصف بأمن أخرى. كما أن صلاحية التغيير التي يتمتع بها القاضي الأول في البلاد، تندرج في إطار ما يخوله له الدستور في إجراء تغييرات لإطارات لم تكن في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها، باعتبار أن أمن واستقرار البلاد خط أحمر يجب التعامل معه بكل حنكة ودهاء.

الجيش بالمرصاد للمكائد والدسائس

كثيرا ما اقترنت هذه التغييرات مع التصريحات الجريئة التي يدلي بها الرئيس تبون، عندما يتحدث عن المكائد وعن وجود مؤامرات تحاك ضد الجزائر، مستدلا في هذا الصدد بالحملة المسعورة المركزة الموجهة ضد الجزائر وجيشها على منابر وسائل إعلام أجنبية وشبكات التواصل الاجتماعي، "انتقاما منها نظير مواقفها المبدئية تجاه القضايا العادلة، وغيرتها على سيادتها الوطنية وقرارها الحر الذي يأبى الخضوع والخنوع". ويجمع المتابعون للشأن الداخلي، على أن التغييرات التي يجريها القاضي الأول في البلاد، في الأسلاك الأمنية  تندرج في سياق إعادة ترتيب الأولويات وفق الظروف الإقليمية والدولية المتغيرة، كما أنها تصنّف في خانة التأقلم مع الطرق الجديدة التي باتت تلجأ إليها  بعض الأطراف لزعزعة أمن واستقرار الجزائر.

التصدي لمخططات "الماك" و"رشاد" الإرهابيين

أمام هذه المعطيات يدأب رئيس الجمهورية، على ترؤس الاجتماعات الاستثنائية للمجلس الأعلى للأمن، لتقييم الوضعية الأمنية للبلاد خصوصا إثر الأحداث الخطيرة التي عرفتها البلاد مؤخرا، عند إشعال الحرائق في الغابات باستهداف منطقة القبائل بالخصوص، وما تبعها من اغتيال المواطن جمال بن اسماعيل، في ظروف غامضة، حيث عزز ذلك فرضية الفعل العمدي.

فبعد تقديم المصالح الأمنية حصيلة للأضرار البشرية والمادية الناجمة عن الحرائق في بعض الولايات خصوصا ولايتي تيزي وزو وبجاية، أسدى الرئيس تبون، تعليماته لجميع القطاعات لمتابعة تقييم الأضرار والتكفل بالمتضررين من الحرائق التي ثبت ضلوع الحركتين الإرهابيتين "الماك" و"رشاد" في إشعالها، وكذا تورطهما في اغتيال جمال بن إسماعيل، وتم بموجب ذلك تصنيفهما ضمن قائمة المنظمات الإرهابية. كما طالت هذه الأعمال العدائية أفراد  الجيش الوطني الشعبي، حيث استشهد 25 جنديا وجرح آخرون بعد أن نجحوا في إنقاذ أكثر من 100 مواطن من النيران بجبال بجاية وتيزي وزو. ورصدت تقارير أمنية منذ 2019 عشرات الصفحات عبر منصات التواصل من دول أوروبية، تقف وراءها حركة "رشاد" عبر عناصرها، والتي تركز على بث الفتنة والفرقة في المواضيع الحساسة أبرزها الجيش والهوية والعلاقات مع فرنسا.

مؤامرة خسيسة.. والمخطط الدنيء بالأدلة

ويرى ملاحظون أن حركة "رشاد" الإرهابية تجني عائدات مالية ضخمة وفق ما تسرب من وثائق ومن شهادات منشقين عنها عبر مواقع التواصل، حيث تعتمد على جمع التبرعات من المشتركين في موقع يوتيوب عبر الموقع الخدمي "Pay Pal" أو ما يعرف بـ"البنك الإلكتروني"، من خلال الاحتيال واستعطاف متابعيها بقضايا إنسانية أو حقوقية.

وتمتلك هذه الحركة الإرهابية، عشرات الشركات "الوهمية" في أوروبا، تقوم بعمليات تبييض لأموال تتلقاها من دولة أجنبية، بما فيها بعض الدول العربية المعروفة بدعمها وتمويلها للتيارات الإخوانية. أما "الماك" الإرهابي فقد أظهر خلال الأحداث الأخيرة "تحالفه" مع حركة "رشاد"، وفق ما كشفته الأجهزة الأمنية، حيث تشير التقارير إلى مخطط مشترك بين الحركتين لضرب استقرار الجزائر بدعم من أطراف أجنبية، وتم إحباط عدة عمليات إرهابية وفككت خلايا إجرامية تابعة لها، حاولت استهداف المظاهرات بمختلف أنواع الأسلحة بين سيارات مفخخة. وحرص المجلس الأعلى للأمن بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، على تكثيف جهود المصالح الأمنية من أجل إلقاء القبض على المتورطين في الجريمتين وكل المنتمين للحركتين الإرهابيتين اللتين تهددان الأمن العام والوحدة الوطنية إلى غاية استئصالهما جذريا، لا سيما الماك التي تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف معادية للجزائر هي المغرب وإسرائيل.

المخزن.. الصهاينة والدسيسة الكبرى

يأتي ذلك بعد أن سجل المجلس، بأن الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضد الجزائر تطلبت إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية، حيث قررت الجزائر بعد إصرار المغرب على مواصلة استفزازاته لها من خلال محاولة الترويج لما أسماه بـ"حق تقرير مصير الشعب القبائلي دون تقديم تفسيرات، قطع العلاقات الدبلوماسية معه والتي طالت أيضا الجانب التجاري، من خلال قرار الجزائر السيادي بعدم تجديد عقد نقل الغاز المار من الأراضي المغربية نحو إسبانيا. كما أغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية  والعسكرية، لاعتبارات أمنية خصوصا بعد تطبيع المخزن المغربي علاقاته مع الكيان الصهيوني، الذي لم يتردد في إطلاق تصريحات خبيثة انطلاقا من الأراضي المغربية ضد الجزائر بخصوص دورها الاقليمي وعلاقاتها مع ايران.

صدّ الحملات اليائسة لتشويه جيش الشعب

ويحرص رئيس الجمهورية القائد الأعلى  للقوات المسلّحة وزير الدفاع الوطني، على القيام بزيارات إلى وزارة الدفاع الوطني التي أطلق على مقرها تسمية  "الفريق أحمد قايد صالح"، كرسالة تأكيد على وقوفه إلى جانب هذه المؤسسة، في الوقت الذي يتعمّد فيه الرئيس تبون، من مقرها على تمرير رسائل إلى بعض الاطراف التي اتهمها  بالاستعانة بلوبيات لاستهداف الجيش عبر حملات يائسة، مؤكدا وقوفه بالمرصاد في وجهها. وشدد الرئيس، على أن الشعار الذي رفعه المتظاهرون في حراكهم "جيش شعب خاوة ـ خاوة، ساهم في إنقاذ البلاد من المصير المجهول الذي كان مسطرا لها والقفز بها إلى عهد الأمل واستعادة الثقة بالنّفس"، في الوقت الذي أعرب فيه عن فخره بالمناورات العسكرية التي يجريها الجيش الجزائري، مما يؤكد نجاعة الاستراتيجية التي تبنّتها المؤسسة العسكرية في تحديث وعصرنة القوات المسلّحة.

ولم يتردد وزير الدفاع الوطني، في مشاركة إطارات سامية في الجيش الوطني الشعبي من العاملين والمتقاعدين الاحتفالات الوطنية بمناسبة إحياء تاريخ اندلاع الثورة التحريرية المظفّرة. وذلك  بتنظيم احتفالات بالنادي الوطني للجيش، فضلا عن حرصه على حضور الحفل السنوي لتخرج الدفعات بالأكاديمية العسكرية بشرشال، حيث يشرف على تقليد الرتب للضباط، فضلا عن الاطلاع على القدرات والإمكانيات العسكرية للجيش الوطني الشعبي الذي يواكب الاحترافية وفق ما تقتضيه المتطلبات الراهنة.

على هذا الأساس يحرص القاضي الأول في البلاد، كذلك على ربط علاقات التعاون الاستراتيجية مع دول صديقة على غرار روسيا والصين ودول أوروبية، فضلا عن الولايات المتحدة الامريكية من خلال استقباله لعدة مسؤولين عسكريين، مثلما هو الأمر مع قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) الجنرال ستيفن تاونسند، حيث تم بحث تطوير التعاون والملفات الأمنية بالمنطقة، وبحث فرص دفع علاقات التعاون في مختلف المجالات ذات الصلة بنشاط القيادة الأمريكية في إفريقيا، واستعراض مستجدات الأوضاع في المنطقة خاصة الساحل وسبل تعزيز قدرات دول المنطقة في مكافحة الارهاب. وفي سياق الانسجام مع المتغيرات الحاصلة في السياسة الدولية والأوضاع الإقليمية والدولية، نالت المؤسسة العسكرية حظها من التعديلات التي تضمنها الدستور الجديد، من خلال النص على امكانية مشاركة الجزائر في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها في عمليات حفظ واستعادة السلام، وذلك بعد مصادقة البرلمان بأغلبية الثلثين من أعضائه.