المركز الثقافي الجزائري بباريس

توطين للتراث وهيمنة للتاريخ

توطين للتراث وهيمنة للتاريخ
  • القراءات: 973
مريم. ن مريم. ن

يهدي المركز الثقافي الجزائري بباريس، باقة أندلسية عطرة من روائع التراث الجزائري، كما يخوض في شؤون ثقافية وفنية شتى، من خلال البرنامج الذي سطره لشهر ديسمبر الجاري، حيث استقبل المركز سهرة الرابع منه "المجموعة الأندلسية" لباريس، التي تأسست سنة 2010 برئاسة عبد الكريم بن سيد، وحققت حضورا واسعا في شتى المناسبات، لاسيما في الجزائر وفرنسا، وتسعى إلى التعريف بتراثنا الموسيقي الكلاسيكي الجزائري، خاصة مدرسة تلمسان.

يحتل الفن الكلاسيكي العريق مكانة كبيرة في الجزائر، إذ يمتلك جمهورا واسعا، لما له من رقي وتهذيب للذوق العام وارتباط بالماضي الحضاري العريق. بالنسبة لمدرسة تلمسان العريقة، تتميز بالنوبات والأداء والأزجال، مما يجعلها مختلفة عن باقي المدارس الموسيقية الأخرى. أما مجموعة "قم ترى" التي تتكون من فنانين جزائريين وفرنسيين بقيادة الملحن كريم موريس، فهي مشروع موسيقي يبرز الجسور الموجودة بين الموسيقي الجزائرية والموسيقي الكلاسيكية العالمية والجاز، وسيكون حضورها بالمركز سهرة 11 ديسمبر، وستعمل على استحضار أمهات قصائد الأندلسي من التراث الجزائري العريق، وأدائها بنوع الجاز وجعلها تتلاقى مع موسيقى وثقافات وفضاءات من العالم، علما أن الفرقة حققت شهرة واسعة، وتناولتها الصحافة العالمية بإعجاب كبير، كما التقت الجمهور في عدة حفلات بالعالم. كما يبقى المركز حريصا على حضور الفنان القدير عبد القادر شاعو، ليلتقي جمهور المغتربين بباريس سهرة 18 ديسمبر الجاري، علما أنه في كل مرة تنفذ التذاكر وتعج القاعة بالوافدين، كيف لا وهو الفنان الذي يحمل روح الجزائر وعبقها، ويعبر عن أصالة شعبها المحب للسلام والجمال.

شاعو ينشط سهرتين، وهو جد مطلوب من الجمهور، انتشر صوته مع بداية السبعينيات عبر الإذاعة والمسارح الجزائرية، استطاع أن يروج لفن الشعبي العصري، وأدخل عليه عدة آلات موسيقية، منها البانجو والقيثارة، وتعامل مع الراحل مصطفى اسكندراني وكذا محبوباتي، كما تعاطى مع الحوزي وأعطاه بعدا وانتشارا واسعا. الفنان ابن القصبة صاحب الـ60 عاما من العطاء، ورفيق الموندول والفريد في طبعه الشعبي، رغم حرصه على أن يكون دوما قريبا من منابع الأصالة، ووفيا لأستاذه الذي كونه بمعهد الموسيقى الشيخ الراحل امحمد العنقى. كما خصص المركز الثقافي الجزائري بباريس، برنامجا ثقافيا مكثفا، منه لقاء مع المؤرخة موريال كوهين يوم 8 ديسمبر الجاري، حول كتابها "العائلات غير المرئية جزائريو فرنسا بين الاندماج والتمييز 1945-1985"، الذي يطرح مشهدا من التاريخ الكولونيالي في الجزائر  وهو الهجرة.

يتناول الكتاب الهجرات الأولى للعائلات الجزائرية نحو فرنسا، خاصة إلى نونتار وغرب العاصمة باريس، كما يقدم بعض وثائق الأرشيف، مع استعراض الوضعية القانونية لتلك الحالات الإنسانية من طرف السياسة الفرنسية العامة، ناهيك عن ملفات التجمعات العائلية وبعض الحوارات، وأيضا الأرشيف الخاص بالمناضلة مونيك نيرفا، التي استقرت في مدن القصدير بنونتار سنة 1959، لتعيش مآسي العائلات الجزائرية المهاجرة، إنه وجه بشع لظاهرة الهجرة. كما يتناول اللقاء حالة العائلات المهاجرة بعد الستينيات، حيث بقيت في آخر الاهتمامات، ولم ترق إلى المطلوب. تعرض سهرة يوم الجمعة 10 ديسمبر، المسرحية الأمازيغية "تسين ني" (الاثنين)، من اقتراح مسرح "حمة ملياني" والجمعية الثقافية "نجمة" بباريس، من إخراج ملياني وأداء بلعيد شردوح وحكيم أوجيت، وتعد تكريما للراحل موحيا الكاتب والشاعر الأمازيغي، إذ ترصد عبقريته، ورغم طابع المسرحية التراجيدي الخاص بالهجرة، فإن الشخصيات وظفت الأسلوب الساخر في العرض، مما يجعل الجمهور يدخل بطلاقة لمجتمع القرى القبائلية.