تكريس روح الصداقة والتعاون بين الصين وإفريقيا

بناء مجتمع المستقبل المشترك

بناء مجتمع المستقبل المشترك
سفير جمهورية الصين الشعبية بالجزائر السيد لي ليان خه
  • القراءات: 724
بقلم سفير  جمهورية الصين الشعبية  بالجزائر: السيد لي ليان خه بقلم سفير جمهورية الصين الشعبية بالجزائر: السيد لي ليان خه

تكللت الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي، التي انعقدت بالعاصمة السينغالية داكار يومي 29 و30 نوفمبر الماضي، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي ألقى كلمة  خلال جلسة الافتتاح عبر تقنية الفيديو، بنتائج مثمرة تركزت على دفع بناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين وإفريقيا في العصر الجديد.

واجتمع مستشار الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي بنظيره الجزائري رمطان لعمامرة، كما عقد لقاءات أخرى مع وزراء خارجية عدة دول، فضلا عن ممثلين عن 53 دولة إفريقية، لاستعراض الصداقة التاريخية بين الصين وإفريقيا. وكانت الفرصة لجميع المشاركين لتقييم مدى تنفيذ نتائج منتدى التعاون الصيني الإفريقي المنعقد في 2018 ببكين، حيث أشادوا عاليا بالنتائج المثمرة التي تم تحقيقها في تنفيذ إجراءات "الحملات الثماني" وخطة عمل بكين (2019-2021). فقد اعتمد الاجتماع أربع وثائق مهمة، تتمثل في إعلان داكار، خطة عمل داكار (2022-2024)،والإعلان الصيني الافريقي بشأن التعاون في مجال تغير المناخ، ورؤية التعاون الصيني الإفريقي 2035، ما يجعل هذا الاجتماع، يسجل أعلى نسبة في إصدار الوثائق، خلافا للاجتماعات السابقة، وهو ما يجسد الرغبة القوية المشتركة للجانبين الصيني والإفريقي في التغلب على الصعوبات وتحقيق التنمية المشتركة. كما يدل على الإمكانيات الهائلة والمستقبل المشرق للتعاون الصيني الإفريقي. وأشاد الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال كلمته، بالصداقة الأخوية الراسخة بين الصين وإفريقيا والتي نشأت وتعمقت أكثر خلال 65 عاما الماضية، مشيرا إلى أنها "لا تنكسر.

كما لخص روح الصداقة والتعاون بين الجانبين والقائمة على "الإخلاص والصداقة والتعامل مع بعض على قدم المساواة، والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك والتنمية المشتركة، إلى جانب الوقوف إلى جانب الحق والدفاع عن العدالة، ومواكبة العصر والانفتاح والشمولية"، ما يفسر تميز العلاقات الصينية الإفريقية وعمقها. ومن أجل تعزيز التعاون الصيني الإفريقي مستقبلا، طرح الرئيس الصيني رؤية ترتكز على أربع نقاط، وهي التمسك بالوحدة في مكافحة الجائحة بين الجانبين، تعميق التعاون العملي، تدعيم التنمية الخضراء وتعزيز الإنصاف والعدالة. كما أشار إلى أن "البرامج التسعة" تشمل التعاون في الصحة، الحد من الفقر، التجارة والاستثمار، فضلا عن مجالات أخرى تراعي أولويات القارة الإفريقية، في مجال الارتقاء بمستوى التعاون لتحسين معيشة الشعوب والتنمية الخضراء والاقتصاد الرقمي وبناء القدرات وغيرها. أولا، في مجال الصحة: من أجل تحقيق الهدف الذي وضعه الاتحاد الإفريقي بشأن تلقيح 60 % من السكان ضد فيروس كورونا المستجد بحلول عام 2022، ستقدم الصين مليار جرعة إضافية من اللقاح  للقارة، حيث ستمنح 600 مليون جرعة وتوفر 400 مليون جرعة عن طريق الإنتاج المشترك بين الشركات الصينية والدول الإفريقية المعنية والطرق الأخرى. كما ستقدم الصين 10 مشاريع طبية وصحية كمنحة للدول الإفريقية، فضلا عن إرسال 1500 فرد من أعضاء الفرق الطبية المتخصصة في مجال الصحة العمومية.

ثانيا، برنامج الحد من الفقر وتطوير الزراعة: ستنفذ الصين 10 مشاريع في إفريقيا للحد من الفقر. كما سترسل 500 خبير زراعي إلى إفريقيا، مع إنشاء مجموعة من المراكز الصينية الإفريقية النموذجية المشتركة لتبادل التقنيات الزراعية الحديثة، فضلا عن تعزيز مجال التدريب. وستشجع الأجهزة والمؤسسات الصينية على بناء قرى صينية إفريقية نموذجية في القارة، لتطوير الزراعة والحد من الفقر، من خلال دعم حملة "مساعدة ألف قرية من قبل مائة شركة" التي أطلقها تحالف المسؤولية الاجتماعية للشركات الصينية العاملة في إفريقيا. ثالثا، برنامج تعزيز التجارة: ستفتح الصين "الممر الأخضر" للصادرات الزراعية الإفريقية إلى الصين، حيث تسعى إلى الوصول إلى 300 مليار دولار كقيمة الإجمالية للواردات من إفريقيا خلال السنوات الثلاث القادمة. كما ستقدم الصين حصة التمويل التجاري بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الصادرات الإفريقية، وستنشأ في  الصين منطقة رائدة للتعاون الاقتصادي والتجاري المعمق بين الجانبين، فضلا عن إنشاء حديقة صناعية للتعاون الثنائي في إطار "الحزام والطريق".

كما ستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال ترابط المنشآت، مع انشاء فريق الخبراء للتعاون الصيني الإفريقي في المجال الاقتصادي، بالتعاون مع الأمانة العامة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، مع دعم بناء هذه المنطقة الحرة. رابعا، برنامج تدعيم الاستثمار: ستدفع الصين بشركاتها للاستثمار في إفريقيا بحجم لا يقل عن 10 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث القادمة، وستنشئ "منصة صينية إفريقية لتعزيز الاستثمارات غير الحكومية"، فضلا عن  تنفيذ 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجالي الصناعة وتدعيم التوظيف. وسيفتح خط الائتمان لمؤسسات مالية إفريقية بقيمة 10 مليارات دولار، مع تركيز الجهود على دعم شركات إفريقية مصغرة ومتوسطة، وانشاء مركز صيني إفريقي عابر للحدود للعملة الصينية. وستعفي الدول الإفريقية الأقل نموا من ديونها المستحقة من القروض الحكومية بدون فوائد والتي لم يتم سدادها عند نهاية 2021. كما تحرص الصين على تخصيص 10 مليارات دولار من حقوق السحب الخاصة التي وفرها صندوق النقد الدولي للصين بشكل إضافي وإعادة إقراضها إلى إفريقيا.

خامسا، برنامج الابتكار الرقمي: تنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال الاقتصاد الرقمي، وتقوم بإنشاء مراكز صينية - إفريقية للتعاون في تطبيقات الاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية، مع دعم بناء معامل مشتركة ومعاهد شريكة وقواعد التعاون للابتكار التكنولوجي بين الجانبين. كما ستعمل الصين مع الدول الإفريقية يدا بيد على توسيع التعاون في إطار "التجارة الإلكترونية عبر طريق الحرير" الذي يشمل إقامة مهرجانات التسوق الإلكتروني لبضائع إفريقية متميزة، إلى جانب الأنشطة الترويجية للتجارة الإلكترونية في قطاع السياحة وتنفيذ حملة "عرض مائة محل وألف منتج إفريقي على منصات التجارة الإلكترونية". سادسا، برنامج التنمية الخضراء: ستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال حماية البيئة ومواجهة تغير المناخ، وتدعم بناء "السور الأخضر العظيم لإفريقيا"، فضلا عن انشاء مناطق نموذجية منخفضة الكربون ومناطق نموذجية متكيفة مع تغير المناخ في إفريقيا.

سابعا، برنامج بناء القدرات: ستنشىء الصين أو تطور 10 مدارس في افريقيا كمنحة، فضلا عن دعوة  10 آلاف كفء إفريقي متفوق للمشاركة في ورشات العمل والدورات الدراسية، وتنفيذ "برنامج التعاون الصيني الإفريقي في التعليم المهني"، فضلا عن تسهيل توظيف الطلبة الوافدين الأفارقة إلى الصين. وستواصل التعاون مع الدول الإفريقية لإنشاء ورشات "لوبان"، مع تشجيع الشركات الصينية العاملة في إفريقيا على توفير ما لا يقل عن 800 ألف فرصة عمل للسكان المحليين. ثامنا، برنامج التبادل الثقافي والإنساني: تستعد الصين لدعم جميع الدول الإفريقية التي لها علاقات دبلوماسية معها، حتى تكون مقاصد سياحية للمواطنين الصينيين، فضلا عن اقامة مهرجانات سينمائية إفريقية في الصين ومهرجانات سينمائية صينية في الدول الإفريقية، إلى جانب إقامة المنتدى الصيني الإفريقي لخدمة الشباب ومنتدى المرأة الصيني الإفريقي. تاسعا، برنامج السلم والأمن: ستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال السلم والأمن، كما ستواصل تنفيذ المساعدات العسكرية الموجهة للاتحاد الإفريقي، من خلال دعم جهود الدول الإفريقية لصيانة الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب بإرادتها المستقلة، مع مواصلة التعاون بين قوات حفظ السلام الصينية والإفريقية في مجالات التمرين المشترك والتدريب الميداني ورقابة الأسلحة الصغيرة والخفيفة.

وفي الوقت الراهن، لا تزال جائحة (كوفيد-19) تنتشر في أنحاء العالم، الذي دخل عهدا جديدا من التغيرات، حيث أصبحت التحديات العالمية مثل تغير المناخ والإرهاب تفرض نفسها. وبهذه المناسبة وضع الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي ورقة طريق هامة بشأن تعزيز التضامن والتعاون للتغلب على الجائحة ومواجهة التحديات بشكل مشترك وتعميق التعاون الصيني الإفريقي وبناء مجتمع المستقبل المشترك بين الجانبين، مثلما أشار إلى ذلك وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، عندما قال أن "التعاون الصيني الإفريقي جعل شراكتنا مثالا يحتذى به في مجال التعاون الدولي.. هذه الدورة من الاجتماع الوزاري تنم عن روح التضامن والإرادة المشتركة القوية في تطوير تعاون إفريقي صيني، ونأمل أن يدوم حوارنا المنتظم والصريح والمثمر حول قضايا التعاون والتنمية المستدامة في إفريقيا."

إن الجزائر دولة مهمة في افريقيا، ودائما ما تدعم وتعزز التعاون الصيني الافريقي بشكل ثابت، وقدمت الإسهامات المهمة لإنجاح هذا الاجتماع. وقد أجرى مستشار الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي لقاء مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة على هامش الاجتماع، حيث توصل الجانبان إلى توافق بخصوص تطوير علاقات البلدين ودفع التعاون الصيني الافريقي. وتضع الصين دائما مسالة تعزيز التعاون والتضامن مع الدول الإفريقية في أولويتها الدبلوماسية. كما تعتبر الجزائر شريكا مهما في تعزيز التعاون مع إفريقيا ومواصلة تكريس روح الصداقة والتعاون بين الصين والدول الافريقية، فضلا عن تنفيذ النتائج المثمرة التي حققها هذا الاجتماع الوزاري، من أجل تعزيز التعاون الصيني الجزائري والتعاون الصيني الإفريقي من أجل إحراز النتائج التي تخدم مصالح مشتركة لشعبي البلدين والشعوب الصينية والإفريقية.