محمد حكيم بوغادو (رئيس اتحادية السباحة) لـ"المساء"

لا يمكننا تحقيق مفاجأة من العيار الثقيل في ألعاب وهران القادمة!

لا يمكننا تحقيق مفاجأة من العيار الثقيل في ألعاب وهران القادمة!
  • القراءات: 702
حاورته: فروجة.ن/ تصوير: ياسين أكسوس حاورته: فروجة.ن/ تصوير: ياسين أكسوس

برّأ رئيس الاتحادية الجزائرية للسباحة محمد حكيم بوغادو، شخصه من مسؤولية عدم الحصول على نتائج نوعية في الاستحقاق المتوسطي، المرتقب احتضانه في عاصمة الغرب الجزائري ما بين 25 جوان و5 جويلية 2022، حسبما كشف عنه في هذا الحوار الذي خص به “المساء”، مبرزا في الوقت نفسه، أن فيدراليته أجرت تعديلات جوهرية على صيغة البطولة الوطنية؛ تماشيا مع التطورات المشهودة حاليا في السباحة، لتكون الفائدة لجميع الأصناف العمرية من جهة، وفي كل الاختصاصات من جهة أخرى.

بداية، ما هو واقع السباحة الجزائرية؟

❊❊ في الحقيقة، السباحة الجزائرية تتطور من حسن إلى أحسن، وبإمكانها الوصول إلى الامتياز ببلوغ إحدى المراكز الثلاثة الأولى في المحافل الدولية، لكن، للأسف، هذا التقدم اللافت لم يلق الاهتمام والعناية من الوزراء الذين تعاقبوا على كرسي مبنى 1 ماي رغم وجود إرادة قوية من قبل المكتب الفيدرالي الحالي وكل أسرة الفرع في رفع سقف الطموحات على كافة الأصعدة؛ بدءا بالنتائج التقنية، مرورا إلى التكوين القاعدي الذي يخص الفئات الصغرى، والمدربين والحكام، وصولا إلى التواجد اللوبي الجزائري في الهيئات الدولية والإقليمية.

ألا تظن أن العناية بأي فرع رياضي مرهونة بالنتائج العالمية؟

❊❊ بطبيعة الحال، النتائج موجودة، والدليل على ذلك المركز الريادي في البطولة العربية الأخيرة التي جرت بالحوض الصغير (25م) بأبوظبي (الإمارات العربية المتحدة)؛ حيث شاركت الجزائر بسبّاحين اثنين، هما جواد سعيود وعبد الله عرجون في سبعة اختصاصات تنافسية، كُللت كلها بالمعدن النفيس، مرفقة بـأربعة أرقام قياسية وطنية جديدة من نصيب الرياضي سعيود، إضافة إلى المركز الثالث في البطولة الإفريقية المفتوحة التي أقيمت بغانا شهر أكتوبر الماضي، حيث حصدت السباحة الجزائرية عشر ميداليات رصعتها ذهبيتا المتألق جواد سعيود، بالإضافة إلى 2 فضيتين و6 برونزيات، من توقيع خمسة سباحين شاركوا في الموعد، ويتعلق الأمر بكل من أسامة سحنون، وآمال مليح، وجواد سعيود، ورمزي شوشار وعبد الله عرجون.

لماذا، إذن، غياب الميداليات عن المواعيد الدولية الكبرى، على غرار البطولة العالمية، والألعاب الأولمبية؟

❊❊ هناك عدة عوامل وراء عدم افتكاك أي مركز فوق المنصة العالمية، أهمها الإمكانيات المالية؛ فالميدالية الذهبية في المونديال أو الأولمبياد، أصبحت مشروعا يستند إلى خطة إعدادية مهيكلة على كافة الأصعدة، لضمان جاهزية نوعية ومحترفة للسباح؛ تحسبا للمواعيد التي ذُكرت آنفا؛ على سبيل المثال، في العهدة الأولى وضعت السباح الدولي أسامة سحنون كبطل عالمي واعد، وعملت على تحضيره ليكون مستعدا للاستحقاق الأولمبي بطوكيو، والحمد لله حققنا الخطوة الأولى بامتياز عندما افتك تأشيرة التأهل للأولمبياد بتوقيت عالمي قدره 48ثا و00ج/م، التي مكنته من التمركز في الصف الخامس عالميا. لكن، للأسف، هذا التألق لم يدم طويلا لظرفين؛ الأول قلة المنافسات الدولية نتيجة جائحة كورونا، والثاني نقص الدعم المالي سواء من الوزارة الوصية، أو الممولين.

نفهم من كلامكم أن الاتحادية تجرّد نفسها من مسؤولية النتائج المرتقبة في ألعاب وهران المتوسطية لهذا السبب؟

❊❊ بالفعل، هي في الحقيقة تضاف إليها أسباب أخرى لا يستهان بها، في مقدمتها مشكل المسابح؛ ليس في عددها، وإنما في المواقيت المخصصة لرياضيّي النخبة والأندية والرابطات. ويبدو أن هذا المشكل قد تم تسويته في الأيام القليلة الماضية، عندما قررت الوزارة الوصية تخصيص الفترة المسائية ما بين (16:00سا و21:00 سا) للفئات المذكورة، ناهيك عن معضلة عدم تفهّم عميد الجامعة، سبب تخلّف سباح النخبة عن الدروس جراء التحاقه بمعسكر تدريبي أو المشاركة في منافسة. وفي الحقيقة، اتحاديتنا تواجه سنويا ذات المشكلة رغم  القرار الوزاري المرفق باتفاقيات مع الكليات بمختلف اختصاصاتها؛ قصد تسهيل البرنامج الدراسي للسباح من جهة، والأجندة التدريبية من جهة أخرى، التي تبدو في الواقع  مجرد حبر على ورق.

يعني أن حصاد ألعاب “تاراغونا” المتوسطية ليس في متناول الخضر” خلال موعد وهران؟

❊❊ انطلاقا من المشاكل التي ذُكرت سابقا والمستوى العالي الذي يتمتع به سباحو الحوض المتوسطي في مقدمتهم فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، لا يمكننا انتظار الكثير، أو تحقيق مفاجأة من عيار ثقيل. أنا شخصيا واقعي وموضوعي؛ فالنتائج المحققة في “تاراغونا “ والمتمثلة في ميداليتين واحدة ذهبية وأخرى فضية، صعب للغاية تسجيلها في الموعد، لا سيما أن سباحينا لم يتعرفوا بعد على المسبح الذي ستجرى فيه السابقات فوق أرضهم؛ ليس من المعقول ونحن في شهر ديسمبر والعناصر الوطنية لم تستفد بعد من تدريبات على مستوى المسبح الأولمبي بالمدينة الجديدة!

في ظل محدودية النتائج، ألم يحاول بوغادو اللجوء إلى ذهنية جديدة لبلوغ المبتغى كتلك المحققة مع السبّاح التونسي أحمد الحفناوي، صاحب الميدالية الأولمبية بطوكيو؟

❊❊ المسألة ليست النقص في الذهنيات أو الاستعانة بالأساليب الحديثة، وإنما الأمر يتعلق بإعادة النظر في الدعم المالي الموجه لاتحاديتنا، التي لم تتسلم إلى حد الساعة، ميزانيتها الخاصة بالعام الجاري 2021، وعليه سُيرت الأوضاع بطريقة “الكريدي”؛ يعني هذا أن الأموال الآتية سنسدد بها الديون فقط، وليس لإعداد خطة عمل واضحة المعالم لفائدة المنتخبات الوطنية للفئات الصغرى والأكابر لكلا الجنسين تحسبا للموسم القادم، الذي سيعرف، حتما، تأخرا في الانطلاق، مثلما حدث الموسم الحالي. وعندما تستدلون بذهبية التونسي في أولمبياد طوكيو، فإن هذا الأخير يتقاضى ميزانية تعادل ثلاثة أضعاف حصتنا السنوية، والمقدرة بـستة ملايير سنتيم، ناهيك عن مشاركاته في كل التجمعات الدولية والبطولات العالمية للحوضين الصغير والكبير؛ فمثلا تحضيراته لموعد طوكيو كانت بـ 17 خرجة دولية، متبوعة بتربص إعدادي في أكبر مراكز التحضير على المستوى العالمي، بينما أسامة سحنون اكتفى بمشاركتين اثنتين، ومن هنا نعمل مقارنة فنية وتكتيكية، وحتى بسيكولوجية للسباحين.

وإذا عدنا للحديث عن الجمعية العامة الاستثنائية التي جرت بمستغانم، ما هي أهم القرارات المتخذة؟

❊❊ أبرز القرارات المتخذة في تجمّع مستغانم، تغيير نظام المنافسة، الذي عرف تزكية جماعية لكل الحاضرين المعنيين بالجمعية التي جرت في ظروف جيدة. فبعد المصادقة بالإجماع على اللوائح العامة المقترحة، سنمر، حاليا، إلى تطبيق هذه التعديلات الجديدة، التي سنطرحها على وزارة الشباب والرياضة والاتحاد الدولي للسباحة “فينا”، للمصادقة عليها في إطار تعزيز الترسانة القانونية للاتحادية؛ من أجل تسيير أفضل.

ما الإضافة المرجوة من نظام المنافسة الجديد؟

❊❊ أبرز النقاط تمثلت في تغيير نظام المنافسة، الذي يمس فترات تكوين الفئات الشبانية، وهو نابع من مقترحات المدربين خلال المجمع التقني السنوي؛ إذ سيمر الرياضيون عبر منافسات ولائية، ثم منافسات عبر المناطق للتأهل، ختاما، للبطولة الوطنية، وهذا النظام سيساهم في رفع مستوى البطولة الوطنية، ويضيف الجودة بمشاركة أحسن السباحين في ظروف أحسن. أما البقية فسيحظون بفرصة إبراز إمكانياتهم على مستوى بطولاتهم المحلية. كما تَقرر انطلاق الموسم الرياضي 2021 ـ 2022 نهاية شهر ديسمبر المقبل؛ بإجراء البطولة الوطنية للسباحة في المياه المفتوحة بالحوض الكبير (50 م).

وعلى ماذا، أيضا، صادق أعضاء الجمعية العامة؟

❊❊ تمت المصادقة، أيضا، على تقليص سنة من فترة تكوين الأواسط وإضافتها لفئة البراعم، لتصبح فترات تكوين الفئات العمرية كالتالي: الأواسط (2 عامين)، والأصاغر (عامين)، والبراعم (3 أعوام)، مع الإشارة إلى أن رياضة السباحة لا تضم صنف الأشبال في المسار التكويني للرياضي.

وكيف كانت سفرية بوغادو إلى إيطاليا؟

❊❊ تندرج سفريتنا التي قادتنا نحو إيطاليا ضمن استراتيجية البحث عن موارد تمويل جديدة؛ حيث تنقّلنا إلى هناك لتوقيع اتفاقية شراكة مع شركة “ميرتابول” شريك “فينا” المختصة في بناء أحواض المسابح بتقنية الفولاذ المضاد للصدأ، والتي تشرف على بناء مسابح المركّب الأولمبي الجديد بوهران، ومسبح المركز الفيدرالي بفوكة (تيبازة).

وأود أن أشير إلى أن هذه المؤسسة تطمح لدخول السوق الإفريقية عبر بوابة الجزائر، وبالمقابل تستفيد الاتحادية الجزائرية للسباحة من نسبة أرباح عن كل مشروع تظفر به في القارة السمراء على شكل تمويل يخصص لتطوير المنتخبات الوطنية. نتمنى قضاء موسم أفضل، وإيجاد حلول للأزمة المالية؛ إذ ننتظر مرافقة وزارة الشباب والرياضة لتجسيد برنامج السباحة الوطنية.

أسلفتم أن المشرّع الجزائري لم يُجر أي تعديلات في مواد قانون الرياضة منذ 1986، لماذا هذا التعقيب؟

❊❊ هذه حقيقة؛ الحركة الرياضية، اليوم، بحاجة إلى إجراء تعديلات في المواد المسيّرة لها، حتى تجدد أهدافها ورهاناتها تماشيا مع التطور الحاصل في العالم، لا سيما أن الرياضة أضحت، اليوم، علما قائما بذاته؛ باعتباره أحد المصادر الهامة للثروة المالية. وللأسف أن المشرّع الجزائري لم يكترث لهذه التحولات، وبالتالي محدودية رهانات الرياضة الجزائرية في الوقت الراهن، تحصيل حاصل ونتيجة حتمية.

بعد الاطلاع على البرنامج الإعدادي للموسم الحالي، ركزتم كثيرا على الشق التكويني، الذي يخص الحكام والمدربين، هل كثافة هذه الدورات مرتبطة بقرار الوزارة المتعلق بعدم الجمع بين المسؤولية التنفيذية والانتخابية والإدارية، في هياكل التنظيم والتنشيط الرياضيين؟

❊❊ تطبيق هذا القرار للمرسوم التنفيذي رقم 15-340 المؤرخ في 28 ديسمبر 2015 المتمم بالمرسوم التنفيذي رقم 60-21 المؤرخ في 8 فيفري 2021 ودخوله حيز التنفيذ في 30 سبتمبر 2021، خلق لكل الاتحاديات أزمة غياب الكوادر، فكان بإمكان الوزارة تجسيده بطريقة تدريجية، ومع الهيئات الفيدرالية التي تملك عددا كبيرا من أصحاب ازدواجية المناصب، في مقدمتها اتحادية كرة القدم، حتى تتجنب الاتحاديات الأخرى على غرار هيئتنا، الوقوع في نقص المدربين والحكام، الذي يعود سلبا على التكوين القاعدي (الفئات الصغرى)، لا سيما في ولايات الظل، الذي سيكون على المدى المتوسط ضئيلا، لا يرتقي إلى مستوى طموحات اتحاديتنا، الرامية إلى توسيع رقعة ممارسة السباحة في كل أنحاء الوطن.

وماذا عن اللوبي الجزائري في الهيئات الدولية؟

❊❊ تواجد الجزائر في الهيئات الدولية هام جدا لتعزيز مكانة الجزائر من جانب الاستفادة من امتيازات العضوية لصالح الحركة الرياضية الوطنية. من جانب آخر، أنا شخصيا أحرص على تواجد السباحة الجزائرية في مختلف الهيئات الإقليمية والدولية؛ حيث أتقلد، حاليا، منصب رئيس الاتحاد المغاربي. كما تم تعييني في المكتب التنفيذي للكنفدرالية الإفريقية للعبة، كممثل للمنطقة الأولى للعهدة الأولمبية 2021- 2024. وتم ترشيحي من طرف “كانا”، لرئاسة لجنة “الماركتينغ “على مستوى “فينا”، خلال أشغال الجمعية الانتخابية المرتقبة شهر ماي المقبل.

ما رأيك في خسارة تواجد الجزائر في اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية، تزامنا مع نهاية العهدة الخامسة للجزائري عمار عدادي على رأس هذه الهيئة؟

❊❊ يؤسفني جدا رؤية هذا المنظر والجزائر تخسر عضويتها في اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية، في نسخة تجرى فعالياتها بعاصمة الغرب الجزائري وهران في الفترة الممتدة ما بين 25 جوان و5 جويلية 2022، رغم أن ممثلها كان رئيسا لأكثر من 20 عاما، واكتفى اللوبي الجزائري بعضوية في اللجنة التنفيذية لـ “السيجيام”، عن طريق الرئيس الـحالي لـ “الكوا” عبد الرحمان حماد.

هل من إضافة؟

❊❊ أتمنى أن تتغير الأوضاع بتبنّي دبلوماسية رياضية، تكون بمثابة الذراع الأيمن للديبلوماسية التقليدية بحضور التنسيق والفكر الجماعي، والابتعاد عن الصراعات والحسابات الضيقة، التي أضحت أهم وأنفع للقائمين على شؤون الحركة الرياضية.