نظمت مديرية الثقافة لولاية عنابة، مؤخرا، بالتنسيق مع جمعية "أجراس المدينة"، ندوة وطنية حول الأدب الوجيز، بمشاركة الروائي السعيد بوطاجين، الذي كان ضيف شرف. وكان اللقاء فرصة لاستعراض هذا الجنس الأدبي الجديد، الذي أصبح له كتابه وجمهوره.

أشار مدير الثقافة لولاية عنابة، الدكتور احسن تليلاني، إلى أن الأدب الوجيز موضوع كبير، دقيق وخطير، ويقصد به تلك النصوص الشعرية والنثرية القصيرة جدا، والتي أصبحت تفرض نفسها اليوم، خاصة بسبب سيطرة الرقمنة وما نجم عنها من تطبيقات، كـ"الفايسبوك" و"تويتر"، ويمكن أن يتجلى الأدب الوجيز في قصيدة الومضة، أو شعر الهايكو، كما يتجلى في القصة القصيرة جدا والخاطرة، وكل قول جميل. كما أكد المتحدث، أن الأدب الوجيز، الذي أصبح اليوم معروفا في العالم، له جذور في الأدب العربي القديم، وتتجلى في أدب التوقيعات، وفي الحكم والأمثال والأقوال المأثورة.

تعد هذه الندوة العلمية التي احتضنتها عنابة، الأولى من نوعها على المستوى الوطني، حيث حرصت على التعريف بهذا المصطلح، وحث الدارسين على البحث في قضايا الأدب الموازي والأدب الهامشي.

للإشارة، فإن الأدب الوجيز، مصطلح أدبي وجيز، يعبر عن ظاهرة إبداعية بدأت تنتشر في الساحة الأدبية، وتنبئ عن واقع يفرض نفسه في مجال الكتابة بقوة، جاء نتيجة عجلة الزمن السريعة. ففي مجال الرواية، ظهرت الرواية القصيرة (ميني رواية)، وغالبا ما تكون بين 40 و80 صفحة، تلتزم بكل شروط الرواية وتنفرد بالإيجاز والتكثيف. كما ظهرت أيضا القصة القصيرة جدا (القصة الومضة)، وهي الأكثر بروزا في الأدب الوجيز والأكثر رواجا عند القراء، وبالموازاة مع ذلك، ظهرت القصيدة الومضة (اللافتة الشعرية)، وهي تحوي بضعة أبيات أو مقاطع ولقيت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وامتدت هذه الخصوصية لأبي الفنون، لتظهر المسرحيات ذات الفصل الواحد، وأحيانا ذات المشهد الواحد.

يبقى الأدب الوجيز في مختلف أشكاله الإبداعية، من شعر ومضة وقصة قصيرة جدا، وجها من وجوه التطور وتجدد الفكر الإنساني، علما أنه تمت هذه الظاهرة الأدبية الجديدة وقدرتها على التعبير والتغيير والإشعاع، من خلال طرح بعض الإشكاليات المتعلقة بالتقنيات السردية واللغوية والدلالات الأدبية، خاصة من خلال دلالات الكثافة والشكل والمحتوى والإدهاش والإيقاع، إلى جانب تناول قدرة الأدب الوجيز الإشعاعية على الآداب والفنون الأخرى، وعلى التأثير في المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.