القرار للإرادة الشعبية في آخر موعد انتخابي جديد

مؤسسات ”حلال”.. ونهاية عهد تضخيم الأرقام

مؤسسات ”حلال”.. ونهاية عهد تضخيم الأرقام
  • القراءات: 710
مليكة .خ مليكة .خ

❊ضمانات والتزامات الرئيس تبون أعادت الحيوية للانتخابات

❊تكريس متجدّد للشرعية والنزاهة والشفافية

❊إعادة الكلمة للصندوق.. والكفاءة تهزم الرداءة

❊أحزاب تتخلى عن المقاطعة.. ومنطقة القبائل تختار منتخبيها

سجلت الانتخابات المحلية قفزة نوعية من حيث نسبة المشاركة وذلك مقارنة بالانتخابات التشريعية المنظمة يوم 12 جوان الماضي، في الوقت الذي اشترك  فيه الاستحقاقان في النوعية والتركيز على ضمان أكبر نسبة من النزاهة والشفافية، بعيدا عن التزوير الذي كثيرا ما اشتكت منه التشكيلات السياسية خلال التجارب السابقة، حيث نستشف من تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الحرص على ضمان شرعية المؤسسات المنتخبة حتى ولو كان ذلك على حساب نسبة المشاركة.

ومنذ إطلاق الرئيس تبون، ورشات الإصلاح السياسي تركّز الاهتمام على وضع قطيعة مع الممارسات السلبية التي طغت على استحقاقات ما قبل الحراك الأصلي والأصيل، والتي كان أبرزها التزوير وتضخيم نسبة الأصوات، حيث لم يول الاهتمام لنسب المشاركة سواء في الاستفتاء الشعبي أو الانتخابات النيابية وأخيرا المحليات، وذلك في سياق أخلقة الممارسة السياسية.

وكان رئيس الجمهورية، صريحا بهذا الخصوص خلال أدائه واجبه الانتخابي أول أمس، عندما عبّر عن طموحه لتكريس مؤسسات شرعية بدل إفساح المجال لديمقراطية العصابة أو الشعارات، في الوقت الذي أكد فيه أنه لا يمكن إجبار المواطنين على التصويت رغم أن ”الانتخاب حق وواجب”، حيث يرى أن ما يهم هو أن تكون المؤسسات المنتخبة شرعية.

مؤسسات ”حلال” من دون بيع ولا شراء     

وهو ما ذهب إليه في وقت سابق رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، عندما علّق خلال إعلانه عن نتائج التشريعيات الماضية، بأنه لأول مرة يتم تسجيل نتائج ”حلال”، في اشارة إلى وضع حد لتجاوزات الماضي ومن ثم تجاوز عقدة نسب المشاركة التي كانت مرتبطة بنجاح الاستحقاقات.

وكانت نسبة المشاركة في التشريعيات الماضية قد قدرت بـ23 بالمائة على عكس المحليات التي سجلت نسبة مشاركة بأكثر من 35 بالمائة في المجالس البلدية و34,39 بالمائة بالنسبة للمجالس الولائية، مما يعكس الأهمية التي يوليها المواطن لطبيعة كل استحقاق، إذ من المتعارف عليه عالميا ـ حسب متابعين، ـ أن تشهد الانتخابات النيابية نسبة أقل خلافا للانتخابات الرئاسية والمحلية، لما لهذه الاخيرة من أهمية في الاستجابة للانشغالات اليومية للمواطن.

وعلى عكس الانتخابات التشريعية، فقد شاركت أحزاب محسوبة على المعارضة على غرار جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال في الانتخابات المحلية، ولأول مرة منذ  انطلاق الحراك الشعبي شارك سكان منطقة القبائل في هذا الاقتراع، بعد مقاطعتهم للاستفتاء على الدستور  المنظم في نوفمبر 2020، والانتخابات التشريعية في جوان الماضي، وذلك في الوقت الذي احتلت فيه ولاية الجزائر المرتبة الأولى من حيث أقل نسبة مشاركة في البلديات، على عكس ولاية إن قزام التي تصدرت المرتبة الأولى وطنيا.

وبدا حسب مراقبين، أن نسبة المشاركة في الانتخابات بشكل عام  لم تعد هاجسا لدى أطياف الطبقة السياسية سلطة ومعارضة، والتي تركزت جهودها على محو آثار الماضي، جراء تفشي المال الفاسد وغير الفاسد في كل عملية انتخابية، فضلا عن إرساء تقاليد جديدة وقيم مواطنة تجعل مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وأيضا كسب ثقة المواطن الذي سيقتنع تدريجيا بأهمية أداء واجبه الانتخابي مستقبلا.

مسؤوليات ثقيلة تنتظر ممثلي الشعب

ومن هذا المنطلق دعا القاضي الاول في البلاد، الأحزاب والمجتمع المدني إلى المساهمة في نشر قيم ”المواطنة”، من خلال التوعية بأهمية الانتخاب ”لاختيار مسيري شؤون المواطنين على المستوى القاعدي”.

ولم يتردد رئيس الجمهورية، في التذكير بما ينتظر المنتخبين من مسؤوليات للاستجابة للانشغالات الاجتماعية للمواطن في اطار التفكير في مرحلة ما بعد الانتخابات، حيث من أصل 1541 بلدية هناك أزيد من 900 بلدية فقيرة جدا لا يمكنها تسيير شؤونها مقابل بلديات غنية جدا، في الوقت الذي أكد فيه أن مراجعة قانون البلدية والولاية ستعطي البلديات إمكانيات حسب سياساتها المحلية، انطلاقا من أن استقلالية البلديات تتماشى مع إمكانياتها المالية، في حين أشار الرئيس، إلى خلق مداخيل جديدة للبلديات مع تشديد الرقابة على صرف الأموال العمومية طبقا للقواعد العامة للتسيير.

كما عبّر من جانبه رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، عن الرؤية ذاتها عندما أشار الى أن نسبة المشاركة في المحليات تعبّر عن الديمقراطية التشاركية، وأن الجزائر الديمقراطية لا تجعل من نسبة المشاركة عاملا أساسيا وجوهريا وإنما الأهم أن تكون مشاركة واعية وكافية لإعطاء الشرعية للمنتخبين في هذا الاستحقاق الذي يعد آخر محطة لبناء دولة عصرية مبنية بسواعد أبنائها.

ويرى متتبعون أن تنظيم آخر ورشة سياسية سيسمح بلا شك بالالتفات الى التحديات الاقتصادية التي تجابه البلاد موازاة مع عدم التنازل عن الطابع الاجتماعي للدولة، وعليه يحرص رئيس الجمهورية، على تسخير كافة الأدوات اللازمة أمام المنتخبين لرفع الغبن عن مناطق الظل في مختلف نواحي البلاد، عبر فتح  ورشات لمراجعة قانوني البلدية والولاية في العام الداخل، قصد منح  صلاحيات أكثر للمنتخبين وامكانيات تمكنهم من الالتزام بتعهداتهم إمام المواطنين الذين اختاروهم لتسيير شؤونهم اليومية، فهل سيكون المنتخب في مستوى الوفاء بوعوده أمام الناخب؟