ليلى حموتان تقدم "عتبة اللحظة"

إرهاصات من ذكريات لا تقبل النسيان

إرهاصات من ذكريات لا تقبل النسيان
الكاتبة ليلى حموتان
  • القراءات: 781
مريم. ن مريم. ن

تشتعل شرارة ما في لحظة من الزمن، لتؤجج الذكريات وتعيدها للواجهة من جديد، فتصبح مشهدا من الراهن، يساهم في بناء الغد بدون عقد أو تبعية، وهي حالة يتقاسمها الأفراد كما الأمم، تسترجع فيها الأيام الخوالي لتكون منطلقا نحو أفق جديد واعد، لا يمت بصلة لصندوق الذكريات المقفل الذي لا يرى النور ويسجن صاحبه في ماض غابر.

تناولت الكاتبة المعروفة ليلى حموتان، أول أمس، حين نزولها ضيفة على مكتبة "شايب دزاير" هذه العلاقة بين الماضي والحاضر، مبرزة أنه تكرر عبر بعض أعمالها الروائية منذ سنة 1992، وقالت، إن هناك دوما لحظة ما تشتعل فيها شرارة، لتخرج ما هو كائن في دواخلنا من أحاسيس وذكريات، وأعطت مثالا عن تصريح الرئيس ماكرون الأخير، الذي نفى وجود الأمة الجزائرية، وأشعل الجزائريين ودفعهم إلى إخراج ذاكرتهم وماضيهم الذي من الصعب ـ حسبها ـ اختصاره، وأضافت أن هذه اللحظة المستفزة للذاكرة والذكريات، تدفع إلى الكثير من التساؤلات، لإعادة استحضار مشاهد الماضي، بالتالي التحرك ضمن سياق الراهن. قدمت ضيفة "شايب دزاير" قراءة في روايتها "عتبة اللحظة"، بطلتها الشابة وردة ذات الـ20 ربيعا، عاشت تراجيديا العشرية السوداء بحي رويسو في العاصمة، وهي أخت لثلاثة ذكور وبنت لأم تحمل بعض القسوة اتجاه أبنائها، تتعرف على جارها زين الدين الذي توطدت علاقتها معه يوما بعد الآخر، إلى أن تزوجا وعاشا أجمل الذكريات، لكنه اغتيل من طرف الإرهاب في حاجز مزيف سنة 93، لتنتهي معه حياة وردة وتدخل في عزلة قاتلة، رغم عملها كمصححة في إحدى دور النشر.

قرأت الكاتبة بعضا من فقرات الرواية التي تتحدث فيها وردة بصوتها، تصف حالها وأيامها بلغة شاعرية، وبتصوير حي يشبه مشاهد السينما، عبرت فيها عن حزنها وأساها، وأن الحياة لم تعد تساوي شيئا، وأن الخبز عندها أصبح بطعم الرماد، وهكذا تحرك الكلمات ما كان نائما في نفس وردة من ذكريات زين الدين وأيامه البهية، لتمر الأيام، وبما أن وردة تسكن في عمارة مطلة على شارع ديدوش مراد، تسمع ذات يوم الهتافات وترى حركة غير عادية، وبعد كر وفر، تقرر النزول والمشاركة في الحراك، لتحيي بعض ما كان بينها وبين زين الدين من قيم وحب، كما تقف على ذاكرة مشتركة للجزائريين، تتعزز مع الراية الوطنية وصور الشهداء والأناشيد الوطنية التي يرددها المشاركون من كل الأجيال.

كما أكدت الكاتبة أنها قبل كتابة روايتها، قرأت للكثير من الفلاسفة وعلماء النفس، ابتداء من أرسطو، وصولا لفرويد، فمنهم من يثمن الذاكرة لمواجهة الحاضر، ومنهم من يدعو إلى تجاوزها، وأن النسيان نعمة للعيش في الهناء، في حين ترى هي أنه من الواجب الالتفات لماضينا، حتى نورثه لأبنائنا، وأن لا نخاف منه على حاضرنا. وعن عنوان الرواية، قالت إن بطلة الرواية وقفت عند العتبة بين ماضي حبيبها زين الدين، وبين الراهن والمستقبل، حينما أطلت من النافذة تنظر للحراك وتقرر المشاركة فيه.