مطلب الاعتذار يمنع مصالحة الذاكرة بين البلدين.. المؤرخ غي بارفيي:

اندلاع ثورة نوفمبر 1954 سجل فشل فرنسا الاستعمارية

اندلاع ثورة نوفمبر 1954 سجل فشل فرنسا الاستعمارية
المؤرخ غي بارفيي
  • القراءات: 885
س . ت / و. أ س . ت / و. أ

سجل اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 فشل الحكومات الفرنسية المتعاقبة في جعل الجزائر "مقاطعة جديدة" حسبما أكده المؤرخ الفرنسي غي بارفيي. وأشار بارفيي، المختص في تاريخ الاستعمار والحركة الوطنية الجزائرية وحرب التحرير، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، إلى أن "الفاتح من نوفمبر 1954 يعد بالنسبة لمؤرخ فرنسي بمثابة التاريخ الذي أبرز بوضوح فشل الحكومات الفرنسية المتعاقبة منذ أكثر من قرن في جعل الجزائر مقاطعة جديدة". كما اعتبر تاريخ اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954، يشكل "فشلا جليا للجمهوريين الذين بعد إعلانهم سنة 1848 دمج الجزائر إلى الجمهورية الفرنسية، ورفضوا سياسة "المملكة العربية" التي تصورها الإمبراطور نابليون الثالث من 1860 إلى 1870، وادّعوا أيضا الاستمرار في الاندماج الأسطوري متجاهلين الوقائع الديموغرافية".

وبشكل عام ـ يضيف المتحدث ـ فإن "السياسة غير الواقعية التي انتهجتها فرنسا من 1830 إلى 1962 تعد أكبر فشل في تاريخها"، مضيفا أنه "مع ذلك في سنة 1944 اعترفت الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية التي كان مقرها بالجزائر، بضرورة أن يصبح "الفرنسيون المسلمون" بالجزائر مواطنين متساوين في الحقوق مع المواطنين الفرنسيين للجزائر وفرنسا"، مشيرا الى أن "برنامج الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الذي صادقت عليه الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية، في تلك الآونة كان بحاجة إلى أكثر من 10 سنوات لاستدراك القرن الذي ضاع". في نفس الشأن، أوضح السيد بارفيي، أنه بعد الفاتح من نوفمبر 1954 "حاول قادة الجمهورية الرابعة "القيام بغزو عسكري آخر والتعجيل بالإصلاحات قبل أن يختار الجنرال ديغول، الذي تقلد السلطة في ماي 1958 "لإنقاذ الجزائر فرنسية والجمهورية"، العودة إلى السياسة المتبعة منذ أكثر من قرن من خلال التضحية بخرافة الجزائر فرنسية".  وبخصوص الأسباب التي تمنع تحقيق مصالحة الذاكرة بين الجزائر وفرنسا، اعتبر المؤرخ أن "السبب يبقى نفسه منذ أكثر من ربع قرن"، مذكّرا بـ"مطلب اعتذار فرنسا".

كما اعتبر المتحدث أن هذا الأمر أدى إلى تعثر المفاوضات حول معاهدة الصداقة بين فرنسا والجزائر التي اقترحها الرئيس السابق جاك شيراك، مشيرا في هذا الصدد إلى مذكرات الرئيس الفرنسي السابق الذي قال سنة 2011 إن العائق الكبير جاء من طلب الاعتذار الذي طالبتنا الحكومة الجزائرية بإدراجه بضعة شهور من بعد في الديباجة، والذي تعتذر من خلاله فرنسا عن أعمالها اتجاه الجزائر خلال الفترة الاستعمارية. وبحديثه عن الرئيس الفرنسي السابق شيراك، قال المؤرخ الفرنسي، إن هذا الأخير كتب يقول "كانت السلطات الجزائرية تطالبنا فقط بالاعتراف الرسمي بالذنب وهو الشيء الذي لم أتقبله بالطبيعة". وأوضح بارفيي، أن الرؤساء الثلاثة الذين جاءوا بعد الرئيس شيراك "واجهوا كذلك نفس المطلب لكن من دون نتيجة". ولدى تطرقه إلى الخرجات الإعلامية الأخيرة للرئيس الفرنسي الحالي، ايمانويل ماكرون، أكد بارفيي، أن الظرف الانتخابي يلعب دورا في تصريحات الرئيس ماكرون، مثل تلك التي صرح بها سنة 2017"، مذكرا بأنه "في 2017 التمس المترشح ماكرون، عطف المنتخبين ذوي الجنسية المزدوجة الفرنسية والجزائرية من خلال وصف الاحتلال بالجريمة ضد الانسانية"، قبل أن يشير إلى أنه "بعد ذلك، أراد الرئيس ماكرون مواصلة المصالحة مع الجزائر والعمل بالموازاة على إرضاء المجموعات الذاكراتية المتنافسة بفرنسا".