العدالة والصحافة.. ردّ اعتبار

  • القراءات: 2826
بلسان: جمال لعلامي بلسان: جمال لعلامي

حدثان بارزان ومهمّان، لا يختلف حول ماهيتهما وأهميتهما اثنان: الأول مقاسمة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الأسرة الإعلامية في اليوم الوطني للصحافة، والثاني هو افتتاح القاضي الأول للبلاد للسنة القضائية الجديدة.

رئيس الجمهورية في رسالته بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، أكد على ضرورة وجدوى التأسيس لإعلام حرّ ونزيه ومؤثر، ولدى افتتاحه للسنة القضائية الجديدة، شدّد على حتمية تكريس عدالة قوية ومستقلة، موجّها رسائل قوية وتطمينات، تفيد بأن العدالة والقانون فوق الجميع، وأن لا أحد مهما كانت مكانته فوقهما.

بين الصحافة والقضاء، خطّ شفّاف رفيع، تجمعهما الاستقلالية والحياد والنزاهة والكفاءة والمهنية والاحترافية والمسؤولية..وهاهو القاضي الأول في البلاد، يجمع شمل "السلطة الرابعة" في قصر الشعب، بعدما فتح "قصر المرادية" للصحفيين، من أجل نقل الإجابات والتطمينات الرسمية، ومن المسؤول الأول، إلى المواطنين.

الرئيس تبون، قالها في أول لقاء له مع الصحافة، مباشرة بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، مخاطبا ضيوفه من الإعلاميين: "أنتم صنّاع أفكار، ونحن صنّاع قرار"، وهاهو تتويج الفائزين في جائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف، يتمّ من طرف الرئيس شخصيا، في سابقة هي الأول من نوعها، منذ تأسيس هذه الجائزة.

ساعات قليلة، بعد هذا التغيير الجذري في التعامل مع الإعلاميين في يومهم الوطني، رئيس الجمهورية، وبصفته القاضي الأول في البلاد، يؤكد مجدّدا: "تعهّدت أمام الله والشعب بإحداث تغيير شامل وحقيقي"، مشيرا بلغة الصرامة والحزم: "احترام أحكام القضاء من قبل الجميع مهما كانت مكانتهم في الدولة".

في اليوم الوطني للصحافة، وفي افتتاح السنة القضائية، تطمينات، وعرابين وفاء للتغيير والإصلاحات وإتمام بناء أركان وأسس الجزائر الجديدة، وفي الحدثين ردّ لاعتبار سلطة رابعة، وسلطة قضائية، يتكيّفان مع المتغيّرات التي تقتضيها أطر الاستجابة لمطالب الحراك الأصيل والأصلي، وتشييع الأساليب والألاعيب البالية التي عشّشت وفرّخت خلال سنوات العهد البائد.

العدالة والصحافة، ستساهمان، من دون شك، في التغيير الجذري والعميق، وتطبيق التزامات رئيس الجمهورية، لقلب الطاولة على بقايا المفسدين والفاسدين وعقليات "العصابات" التي حبست الأنفاس لعشرات السنين السابقة، وقلب الطاولة أيضا على البيروقراطية والمحسوبية وسوء التسيير وتسيير السوء، وتسليط الأضواء الكاشفة على انشغالات المواطنين ونقل صوتهم بكلّ أمانة من دون تزييف ولا تحريف أو تغليف.

يُمكن القول بأن الصحافة والعدالة، سلطتان متكاملتان، في مهمة لا تتناقضان فيها، وهما خطان مستقيمان، يلتقيان في الذود عن الوطن وأمنه واستقراره وسيادته ووحدته الشعبية والترابية وحرية قراره، ويلتقيان أيضا في الدفاع عن المظلومين واحترام القانون وتطبيقه والحفاظ على سرية التحقيق وإقرار الحقّ، وإن كان للصحافة والقضاء، دور وصلاحيات تخصّ كلاّ منهما.

نعم، لا يُمكن إخفاء معالم الجزائر الجديدة، التي مثلما تبنيها صحافة حرّة ومسؤولة، وعدالة قوية ومستقلة، تشارك أيضا في وضع أساساتها الصلبة، مختلف القطاعات الوطنية الأخرى، التي لا تقلّ أهمية، ولا يمكن تخلّفها أو إقصاؤها أو تهميشها.

..ذلك، أن للبيت الآمن و"الدار الكبيرة"، عدد لا منتهي من الأعمدة والركائز، لا يُمكن الاستغناء عن أحدها، وإذا قدّر الله والعياذ بالله، أن تعرّض واحد منها إلى التكسير أو التخريب، بسبب أي طارئ، فيجب ترميمه لا إزالته وهدمه..وهي مأمورية على كلّ الخيّرين المشاركة فيها من دون تردّد ولا تريّث، ومن دون انتظار أي جزاء أو شكور.