خبراء يتحدثون لـ"المساء" عن "وقع" الزيادات في أجور العمال

الدولة أقرت تحسين القدرة الشرائية ولديها خطة لتعويض عجز الميزانية

الدولة أقرت تحسين القدرة الشرائية ولديها خطة لتعويض عجز الميزانية
  • القراءات: 1332
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

تثار عدة تساؤلات في أوساط الطبقة العاملة في الفترة الأخيرة، حول أثر الزيادات المقررة في الأجور المبرمجة ابتداء من جانفي القادم، ستحسن فعلا القدرة الشرائية للفئات الهشة والمتوسطة، أم أنها "ستذوب" عندما يرفع الدعم عن المواد الاستهلاكية المسقفة؟ وكيف ستؤثر هذه الزيادات على ميزانية الدولة، وما هي خطة الحكومة لمواجهة العجز.. وهي مجموعة من الأسئلة طرحتها "المساء" على بعض المختصين في الاقتصاد فكانت إجاباتهم متقاربة في عديد النقاط، نعرضها في هذا الاستطلاع.

يجمع بعض الخبراء في الاقتصاد، سألتهم "المساء" حول أثر الزيادات في أجور العمال، التي أقرتها الدولة، ابتداء من العام الجديد على القدرة الشرائية، لفئة عريضة من المواطنين، على أن هذه الزيادات ستزيد في حجم الاستهلاك، يما سيرفع الطلب على السلع الاستهلاكية، مقدرين بأن هذه الزيادة لن تكون معتبرة، حيث توقع  أستاذ الاقتصاد إسحاق خرشي بأن لا تتعدى 3000 دج. وقال محدثنا إن القدرة الشرائية ستتحسن بصورة واضحة عندما يتم تطبيق سياسة الدعم المستهدف والتخلي عن الدعم العام، الذي كان يمس كل الفئات، مشيرا إلى أن العمل جار لتحديد الفئات المستفيدة من هذا الدعم الذي سيصب في حساباتهم، ليتم بعدها رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية المدعمة كالقمح اللين والحليب. وعاد الأستاذ خرشي للتذكير بأن رفع قيمة النقطة الاستدلالية بالنسبة لعمال الوظيف العمومي من 25 أو 45 دج إلى 65 دج، وتخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي للأجراء في القطاعين العام والخاص، سينعكس على الإنتاجية، لاسيما بعد تحسن الوضعية الوبائية وعودة العديد من المؤسسات الإنتاجية للعمل.

وقال فؤاد علوان، باحث ومستشار اقتصادي ومسؤول مجموعة "دعم وتطوير الأعمال" في هذا السياق إن الزيادات التي ستؤثر بالإيجاب على القدرة الشرائية من شأنها أن تحسن الطلب العام، والعرض الكي في الاقتصاد، ما سيتدفع الشركات إلى رفع طاقتها الإنتاجية، ومنه انتعاش سوق التشغيل وزيادة حجم الاستثمار. وبخصوص تطبيق سياسة الدعم المستهدف، يعتقد الدكتور علوان أنه سيكون من الصعب تحديد فئة المحتاجين، لأن ذلك يحتاج إلى بنية معلومات دقيقة، مشيرا إلى أن الدول المتقدمة التي نجحت في هذا المجال اعتمدت أنظمة وخططا عالية الدقة لغربلة الفئات وتحديد الشريحة المحتاجة. ويحذر  الخبراء من الآثار التي ستصاحب هذه الزيادات المرتقبة، وفي مقدمتها التضخم الاقتصادي، المعروف بأنه ارتفاع تدريجي للأسعار يظهر نتيجةً للتوسع في العرض أو الطلب أو زيادة التكاليف، حيث نبّه الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد سواهلية إلى ضرورة ضبط الدولة للسوق الداخلية وحمايتها من هذا التضخم، عن طريق تطبيق آليات لخفض حجم التضخم وإحداث توازن في السوق.

من جهة أخرى يتوقع المحللون أن تؤثر هذه الزيادات على الميزانية العامة لامحالة، غير أنهم يؤكدون بأنه حتى  ولو كان جزءا كبيرا من اقتطاعات الرسوم الضريبية سيذهب إلى جيوب الأجراء، فإن الدولة التي أخذت هذا القرار، لم تتخذه اعتباطيا، بل كان بعد دراسات واستشراف لما بعد الزيادة، حسبما أكده الدكتور إسحاق خرشين، الذي أشار إلى أن الدولة أخذت في الحسبان ارتفاع سعر البترول الذي يلامس حاليا سقف 85 دولارا للبرميل، فيما يتوقع خبراء الطاقة ارتفاعه إلى 100 دولار، بناء على تحسن الوضعية الوبائية في العالم، وعودة كل المؤسسات الاقتصادية المتوقفة إلى العمل والإنتاج والانتعاش من جديد وبالتالي مزيد من الطلب على الطاقة. 

كما أكد محدثنا أن صندوق ضبط الإيرادات المحدد للسعر المرجعي لبرميل البترول بـ39 دولارا، سيحتفظ بفائض الإيرادات المتزايدة، ويضمن بها أي عجز مالي، مضيفا أن نتائج القطاعات الاقتصادية المرجوة من مخطط الإنعاش ستعطي إضافات أخرى، فضلا عن رفع الضريبة على بعض المواد كالتبغ وصناعة العجلات المطاطية. للإشارة فإن آثار الزيادات المالية المرتقبة صارت محل حديث فئة كبيرة من المواطنين الأجراء، الذين ينتظرون على أحر من الجمر تطبيق هذا القرار الجريء، وصار محل نقاش اجتماعي واسع، لاسيما على منصات التواصل الاجتماعي، ومنصة "اليوتيوب" التي استغلها بعض المختصين لشرح أثر الزيادات، التي شكلت بشرى للفئة عريضة من المواطنين.