أدعياء المهنة بالغرب ينتحلون الحرية ويكفرون بالمسؤولية

عنصرية و إراقة دماء بأيادي إعلام "متحرّر غير مسؤول"!

عنصرية و إراقة دماء بأيادي إعلام "متحرّر غير مسؤول"!
  • القراءات: 995
 أ. منور / ص. محمديوة أ. منور / ص. محمديوة

برقية إرهابية لوكالة الأنباء الفرنسية..الوجه الآخر لحرية الشياطين

❊ "حرية قاتلة" تُشعل نار الحروب.. واللامسؤولية تستهدف المقدّسات

❊ محاولة إلصاق "الله أكبر" بالإرهاب لضرب الإسلام 

❊ "حرية تعبير" على المقاس لتشويه المسلمين.. والتهمة "إسلامو فوبيا"

تعمل وسائل الإعلام الغربية كلما تناولت قضايا الدين الإسلامي وكل ما له صلة به، على تشويه صورته الحقيقية كدين تسامح وتعايش مع كل الديانات الأخرى باسم "حرية التعبير" مكرسة في ذلك انحرافها عن مهمتها الإعلامية، وانتهاج التعصب والتمييز العنصري لتسويق رسالتها الإعلامية، بعيدا عما تمليه عليها مسؤوليتها وأخلاقيات مهنتها في الحفاظ على الاستقرار وخدمة ثقافة السلم والتسامح بدل تغذية مشاعر الكراهية ورفض الآخر.

لم تعد هذه الوسائل الإعلامية، المتحرّرة من كل أخلاق ومهنية، والكافرة بالمسؤولية، تتوانى في الترويج لحالات شاذة، ظهر من خلالها "متطرفون" يدّعون التزامهم بنصوص الشريعة الإسلامية وهم في حقيقة الأمر يقترفون أبشع الجرائم وأفظعها في حق أناس آخرين ينبذها الإسلام، أرفقوها بعبارة "الله أكبر" التي أصبحت مقرونة بالإرهاب، وأصبح معها مليار و600 ألف مسلم، عبر العالم في نظر الغرب "متهمين".

وكان كافيا أن يتجرد الاعلام الغربي من مسؤوليته التي تفرض عليه معالجة مثل هذه الحالات الشاذة بكل موضوعية وفق ما تمليه عليه أخلاقياته المهنية في نقل الواقع، بعيدا عن الانحياز ورغبة في توجيه الرأي العام لصالح طرف على حساب آخر، تكريسا لخطاب الكراهية، ضد الدين الإسلامي والمسلمين، والذي جعل المجتمعات الغربية تتوجس خيفة وغذى لديها مشاعر الكره والتعصّب، استغلها متطرّفون من هذا الجانب وذاك، لاقتراف جرائم بشعة وصلت حدّ القتل والتصفية الجسدية راح ضحيتها أبرياء عزل من هؤلاء وأولئك.والمفارقة أن تعامل الإعلام الغربي، الذي وجد في "حرية التعبير" الشمّاعة، التي عادة ما يعلّق عليها مبرراته لمعاداة الدين الإسلامي وتشويه صورته، أخلى مسؤوليته تماما في تنامي ظاهرة "الاسلامو فوبيا" التي تصنّف كل مسلم في خانة "الإرهابي"، بل وذهب إلى أبعد من ذلك عندما كان في كل مرة تحدث فيها أعمال عنف، إلا وحمّل المسلمين مسؤوليتها، وتقديمهم للرأي العام على أنهم مذنبون. ولكن نفس هذا الإعلام، لا يجد حرجا في التغاضي عن نقل الحقيقة عندما ينتهك متعصبو اليمين المتطرف، حرمة هذا الدين ويتعدون على مقدساته ويقترفون جرائم في حق معتنقيه، رافعا عذر حق هؤلاء في التعبير الذي تكفله القوانين والمواثيق الغربية ويتناسى عن قصد أن "حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين".

بل، وسائل إعلام غربية لا تجد حرجا في نعت الاعتداءات التي تطال المسلمين في مجتمعات غربية والتي بلغت حد القتل، على أنها حالات معزولة لأفراد نفى عنهم صفة التعصّب والتطرّف وقدّمهم على أنّهم شواذ أو مختلّون عقليا، وبالتالي انتفاء الجرم عن تصرفاتهم ومحاسبتهم على نقيض النظرة الاستعلائية التي يتعامل بها عندما يتعلق الأمر بالمسلمين. وهو ما عمّق الهوة وباعد بين العالمين الإسلامي والغربي، هذا الأخير الذي يصنّف التعصّب وكراهية الإسلام والمسلمين المتنامية، على أنهما حرية تعبير، يباح فيهما المحرم لدى الأول، تضاربت فيها المصالح والغايات مع مرتكزات العمل الصحفي المهني، المبني على تكريس حق الجمهور في المعرفة ونقل المعلومة وتمكينه من تحديد موقفه من هذه القضية وتلك، مع الحرص على عدم إحداث انتهاكات قد تطال الأفراد وحتى المجتمعات.

عندماتحيي"شارلي إيبدو" حربا صليبية برسوم كاريكاتورية

وجاءت قضية أسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية  بمثابة عينة من عيّنات، عدم تحمّل وسائل الإعلام الغربية مسؤوليتها في المحافظة على السلم وتكريس مبادئ الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب وفي مقدمها تحقيق المساواة والعدل للجميع. وساهمت "شارلي إيبدو" المصنفة في خانة ما يسمى بالصحافة الساخرة، وبنفس العذر دائما، ممارسة حريتها في التعبير التي ترى أنها لا نهاية لها، معززة في ذلك  فصلا جديدا من الكراهية ضد الدين الإسلامي كان يمكن تفاديه تماما لو أنها لم تصر على نشر تلك الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم رغم  معرفتها المسبقة لقدسية آخر الأنبياء لدى عامة المسلمين.

وأكد تصرف الأسبوعية، التي عاود الرسام السويدي، الذي تفحّمت جثته في حادث مرور الأسبوع الأخير، نشر رسومه المسيئة في تحد واضح للأمة الإسلامية، أنها ابتعدت عن الهدف الرئيسي، الذي  أوجدت من أجله الصحافة التي من المفروض، أن تعزّز حق الجمهور في المعرفة وأن تتحلى بالمسؤولية في نبذ العنف بدل تكريس الكراهية عن قصد. وقد خلص معظم الباحثين الذين درسوا الصحافة الغربية وخاصة الفرنسية منها، إلى أنه لا يزال في أعماق كل صحفي في هذه الصحافة صليبي حامل للصليب والسيف يحارب الإسلام بحجة "حرية التعبير" والرأي" والصحافة"، ويعمد هؤلاء إلى الخلط عن قصد بين ممارسات مسلمين بعيدة عن مبادئ دينهم السمحة الداعية إلى التسامح واحترام الآخر.

وأكد أستاذ علوم الاتصال، عمار عبد الرحمان في تصريح لـالمساء" أن تصرف مسؤولي أسبوعية "شارلي إيبدو" لا يمت بأدنى صلة لأخلاقيات المهنة لأنه أول ما يتعارف عليه فيما يسمى بميثاق أخلاقيات المهنة عالميا، هو احترام أديان  وإيديولوجية ولغة الآخرين. وأضاف أن نزعة التعصّب التي طبعت هذه الصحيفة جعلت مسؤوليتها تنتهك مفهوم حرية التعبير، رغم أن مسؤوليتها تحتم عليها الالتزام بأخلاقيات العمل الصحفي واحترام الرأي والرأي الآخر. وهو ما جعله يؤكد، أن العملية كانت مقصودة، كونه لا يمكن الربط بين حرية التعبير والتعامل مع الأحداث بواقعية واحترافية وحيادية وبين ممارسات الأسبوعية الفرنسية التي كشفت عن ضغينة أصبح فيها مصطلح حرية الصحفي لا يمت بأدنى صلة مع مفهوم أخلاقيات المهنة.

ويؤكد الأستاذ، عمار عبد الرحمان، بوجود محاولات لزعزعة استقرار دول وكيانات والدخول في متاهة ما يسمى اليوم بـالإسلامو فوبيا"، التي أصبح معها كل من يحمل دلالة إسلامية، معرض لمثل هذه هجمات. والإسقاط على أسبوعية "شارلي إيبدو" المعروفة بعدائها للإسلام وكل ما هو إسلامي والتي بدأت من خلال الرسومات الكاريكاتورية حول الحجاب والنقاب واللحية، ثم تعدته للمساس بأشرف خلق الله والجميع يعرف ما آلت إليه الأمور بعد تلك الرسوم.

"وكالة الأنباء الفرنسية" وسقطتها الإعلامية الخطيرة في حق الجزائر

يقودنا ذلك إلى إثارة السقطة الإعلامية "الخطيرة" التي تعمّدتها وسيلة إعلام فرنسية رسمية، يفترض أنها تتمتع بـ"المصداقية" والمهنية، حيث نصّبت نفسها ناطقا رسميا باسم حركة تصنّفها الجزائر ضمن خانة المنظّمات الإرهابية، ضاربة بذلك عرض الحائط، الميثاق العالمي لأخلاقيات مهنة الصحافة، القائم أساسا على مبدأ احترام الآخر، فتجاوزت بالتالي حدود مسؤوليتها وتجرّدت من مهنيتها تحت مسمى "حرية التعبير" بهدف واضح هو ضرب استقرار وأمن الجزائر.الأمر يتعلق، بطريقة تعاطي "وكالة الأنباء الفرنسية" قبل أيام قليلة فقط مع حركة "الماك" الإرهابية من خلال دعمها والإشادة بها، كاشفة عن ضغينة مكبوتة في أعماق القائمين على هذا الإعلام الذي يصطاد في المياه العكرة.  ويؤكد أستاذ الإعلام عمار عبد الرحمان، على ضرورة التفريق بين ما هو صحافة داخلية تتطرق للقضايا التي تهم الوطن وصحافة خارجية، تتحدث عن بلد آخر، كون المسؤوليات تختلف، فتصبح معها معالم أخلاقيات المهنة في الداخل ليست نفسها في الخارج. وهي نقطة حسّاسة عادة ما تلعب عليها وسائل الإعلام الفرنسية والغربية عموما، لتعبئة وتوجيه رأي عام داخلي وعالمي إلى ما يخدم مصالحها ويساهم في تحقيق غاياتها وأهدافها.

وكثيرا ما تحوّلت جرائم، مثل القتل والسرقة أو حتى اعتداء بسيط، إلى قضية رأي عام فقط عندما يكون الجاني مسلما ويصنف في خانة المتطرفين، المهدّد للأمن والقيم العلمانية، أما إذا كان أوروبيا فهو مجرم ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون وانتهى الأمر. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى أطروحة الأستاذ الجامعي أحمد عظيمي ناقشها عام 1994 في جامعة غرونوبل الفرنسية تحت عنوان "تنامي الإسلاموية من خلال الصحافة الأسبوعية الفرنسية من 1978 إلى 1992". وهي الدراسة التي استخلص من خلالها، أن التعصّب المسيحي لا يزال مسيطرا على ذهنية الفرد الغربي وفي أعلى درجات المسؤولية في الدول الغربية، التي تدعي تبنيها  للعلمانية ويقول صحافيوها أنهم لائكيون، لا علاقة لهم بكنيستهم،  ولكنهم عندما يتعلق الأمر بالإسلام، فإن بذرة الحرب الصليبية، تبقى كامنة في خلجات كل واحد منهم وخاصة الفرنسيين منهم.

ونبّه، رئيس جمعية العلماء المسلمين، عبد الرزاق قسوم، في تصريح لـالمساء" من أن "ما سمي بحرية الإعلام والمعتقد هي مجرد مصطلحات مظلومة في الغرب، كون الثقافة الغربية هي ثقافة الإنسان الغربي فقط". وأضاف أن "ما عاداها فهي ثقافة إقصاء وإلغاء للآخر ودليل ذلك ما يلاحظ اليوم من تنام لثقافة "الاسلامو فوبيا" التي تقصي كل ما هو إسلامي وكل من هو مسلم بدءا بمنع الحجاب وانتهاء بغلق المصليات وتوقيف الأئمة في تناقض مع مبدأ التسامح ومبدأ أدب الاختلاف".وأضاف، قسوم أن ثقافة "الاسلامو فوبيا" الطاغية في الغرب، هي "ثقافة الإنسان الغربي، تجاه كل ما هو إسلامي، بما ينم عن تعصّب إيديولوجي وتعصّب عرقي وثقافي رغم أن الإسلام يؤمن بـ"لي ديني ولكم دينكم، إلا أن الغرب لا يتقيد بمبدأ التسامح إزاء الديانات والثقافات والجنسيات"، مشيرا إلى أن "هذا الإلغاء والإقصاء لم يقتصر فقط على البسطاء من المواطنين ولكن للأسف، استبد بالمثقفين والسياسيين والحكام وتلك هي قمة السقوط الحضاري".

وما تأسف له رئيس جمعية العلماء المسلمين أكثر "انتقال هذه العدوى إلى بعض وسائل إعلامنا التي واقتداء بهذه الثقافة الاقصائية، أصبحت تضيق بكل ما هو إسلامي وتشن الحملة إلى كل ما يدعو إلى تطبيق الإسلام ولا تتحدى ولا تعمل للتصدي للدعوات النشاز مثل تنامي ظاهرة كره الإسلام والمسلمين في المجتمعات الغربية". واغتنم عبد الرزاق قسوم، الفرصة لتوجيه دعوة للمثقفين والإعلاميين، الجزائريين، للتحلي بالموضوعية وبمزيد من المصداقية وطالبهم بالعمل وفق مبدأ التسامح وأدب الاختلاف وتصحيح المفاهيم لأنه في الأخير مسؤولية التصدي لخطاب الكراهية يتقاسمها كل من المثقف والاعلامي والمسؤول.

مسؤولية الإعلام العربي والإسلامي في التصدي

وتختلف الآراء وتتعدد المقاربات، بخصوص مسؤولية وسائل الإعلام في العالمين العربي والإسلامي في التصدي لخطاب الكراهية المتصاعد ضد الإسلام، بين ما يعتبرها البعض أنها تفتقد للإمكانيات والوسائل التي تتمتع بها نظيراتها في الغرب وبين ما يراها آخرون أنها تفتقد حتى للخبرة والحرية، بل إن منها من سقط في فخّ العولمة الإعلامية التي جعلته يتبنى نفس المصطلحات الغربية التي تستعمل في غير محلها بدل تصحيح المفاهيم الخاطئة.    

وشدّد الأستاذ عبد الرحمان، على ضرورة التفريق بين الإعلام الجزائري، الذي لم يصل بعد إلى الاحترافية المرجوة بسبب نقص خبرتها وقلة وسائلها، في وقت أخذ الإعلام العربي خلال السنوات الأخيرة ـ كما أضاف ـ  نزعة اقتصادية تعتمد على الاشهار والتبادلات الاقتصادية، ما جعلها تبتعد عن أمهات القضايا التي كانت تأخذ حصة الأسد من الكتابات الصحفية والنقاشات الاعلامية في سنوات ماضية. وأعطى مثالا على ذلك، قضية الشهيد الطفل الفلسطيني، محمد الذرة التي فجرت أقلاما عربية حركت حينها الرأي العام العربي والدولي. ولرئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، رأي آخر، أرجع من خلاله، عدم التصدي لوسائل الإعلام الغربية التي غالبا ما يتحكم فيها اللوبي الصهيوني في هجماتها واعتداءاتها على الإسلام والمسلمين لدى مثقفينا وإعلاميينا وبعض مسؤولينا لما وصفها بعقدة "الانسلاب" التي يعاني منها البعض والذي يعتقد أن كل ما يأتي من الغرب هو موضة يجب تقليدها، ما جعله يشدّد على ضرورة الاصلاح الذي ينطلق أولا من إصلاح الذات والعقل والذهنية.

ورغم ذلك، فإن هناك محاولات لوضع استراتيجية إعلامية شاملة للتصدي لـ"الاسلامو فوبيا" ولمختلف تلك الممارسات والخطابات التي تضرب الأوطان والأمم على غرار تلك التي وضعتها منظمة التعاون الإسلامي في الدورة 11 للمؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام المنعقد بمدينة جدة السعودية عام 2016، تم التأكيد خلالها عن "انشغاله تجاه تزايد التعصّب ضد الإسلام والمسلمين في الغرب وفي مناطق كثيرة من العالم شرقا وغربا". وأكد أنه "يتفاقم بسبب ما ينشر من تعقيبات وافتتاحيات، على نطاق واسع ضمن تقارير وكتابات ومقالات ولقاءات مطبوعة منها ومرئية، ما أدى إلى تنميط سلبي وتمييز من أجل تشويه صورة الدين الإسلامي الذي يقوم على القيم الأساسية للسلام والتسامح والوسطية والتعايش السلمي مع أديان ومعتقدات أخرى".

ولأنه رأى بأن الوضع الراهن يشمل خطرا على الأمن والسلم العالميين ويعرض الوئام في المجتمعات للخطر ويعيق نمو ثقافة التسامح والتفاهم، فقد أعد المؤتمر الإسلامي استراتيجية على المدى القصير والمتوسط والطويل، تعتمد بالأساس على وسائل الإعلام في التصدي لتنامي ظاهرة "الإسلامو فوبيا"وخطابالكراهيةوشرحالصورةالحقيقيةللدينالإسلامي.