الفنانة نجوى بولهوشات لـ"المساء":

على وزارة الثقافة إنقاذ تحف قصر "الباي"

على وزارة الثقافة إنقاذ  تحف قصر "الباي"
الفنانة نجوى بولهوشات
  • القراءات: 648
ز. زبير ز. زبير

 استطاعت بأناملها الذهبية، صنع تحف فنية تسلب الناظر عقله بسحرها وجمالها، فوضعت جسور قسنطينة فوق صحونها البيضاء التي حملت أيضا "قندورة القطيفة القسنطينية"، هي الفنانة نجوى بولهوشات، التي أخذت من فكرة الرسم على الصحون، هواية، برعت فيها وساهمت رفقة مجموعتها، في الترويج للسياحة المحلية من جهة، والحفاظ على الموروث الثقافي الجزائري، من جهة أخرى، خاصة أن كل تحفها الفنية تحمل طبوعا محلية من مختلف الجهات، سواء الرسومات الأمازيغية أو رسومات الطاسيلي، أو حتى رسومات تشتهر بها ولايات معينة.

تؤكد السيدة نجوى بولهوشات، في دردشة مع "المساء"، على هامش الأبواب المفتوحة على السياحة التي احتضنها قصر "الحاج أحمد باي"، أن فكرة تجسيد رسومات فنية على الفخار بشكل عام، وعلى الصحون بشكل خاص، جاءت ضمن عملها، عندما كانت تشتغل في مجموعة مهتمة بترميم الرسومات المتواجدة والمواد الخشبية الموجودة بقصر "الباي أحمد"، ضمن مشروع ترميم التراث المادي الذي أشرفت عليه مؤسسة إسبانية، في إطار مشاريع "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015"، مضيفة أن التعامل مع زوار المتحف، جعلها تفكر في وضع رسومات لتحف فنية موجودة بالمتاحف أو معالم سياحية بارزة، على الصحون بدل اللوحات الفنية، وقالت؛ إن هذه الخطوة كانت بهدف التعريف بالتراث المادي وغير المادي من جهة، خاصة أن كل رسمة كانت تنطلق بدراسة تاريخية، ومن جهة أخرى، الترويج بطريقة أخرى لما تضمه المتاحف بقسنطينة، وهي حسبها، نوع من الإشهار غير المباشر، في ظل العدد الكبير للأجانب والسياح الذين يقصدون قصر الباي.

وحسب السيدة بولهوشات، التي تعمل إطارا بالديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية المحمية، فإن رسوماتها شملت أيضا التعريف بحقب زمنية مختلفة في تاريخ الجزائر، على غرار حقبة ماسينيسا وكذا الباي أحمد، مضيفة أنها تعاملت أيضا مع التراث المادي الثقافي والسياحي لعدة ولايات من الوطن، على غرار تلمسان والعاصمة، في إطار الترويج للتراث الجزائري والتعريف بالمواقع التاريخية، وقالت إن بداية هذا العمل كانت في مجموعة تضم ثلاثة فنانين، هي واحدة منهم، لوضع رسومات الحلي والأواني المنزلية القديمة، وكذا المعالم السياحية، في شكل رسومات على الفخار، يكون إطارها صحون بخلفية غالبا ما تكون بيضاء. وبخصوص المواد الأولية المستعملة في هذه الأعمال الفنية، تقول السيدة بولهوشات، المختصة في الرسم والزخرفة الإسلامية، إنها متوفرة وتقتنيها من معهد الفنون الجميلة بقسنطينة، مضيفة أن الفترة الأخيرة عرفت ارتفاعا في أسعار هذه المواد الأولية، خاصة بعد أجواء الغلق خلال جائحة "كوفيد-19"، مما أثر على ارتفاع السعر النهائي للتحف الفنية، التي تباع غالبا بأسعار، تراها الفنانة رمزية في حدود 2000 ديبنار للتحفة، مقارنة بالجهد المبذول وبسعر المواد الأولية، مضيفة أن الهدف من وراء هذا العمل؛ الترويج للموروث الثقافي أكثر منه تجاري، وكشفت عن أن التحف الفنية التي حملت المعالم السياحية الخاصة بقسنطينة، تعرف إقبالا كبيرا، سواء خلال عرضها في قسنطينة أو بالولايات المجاورة.

وحسب الفنانة بولهوشات، التي تعمل بالتنسيق مع زوجها المصري الباحث في التراث الجزائري، فإن السيد دحدوح، المدير العام للديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية المحمية، أعجب بالفكرة وقدما مقترحا للحكومة، لمساعدته على إنشاء في كل ولاية بها ملحقة للديوان ورشة لهذا الفن، حتى يتمكن أكبر عدد من الشباب من الالتحاق بهذه النوع من الفنون والترويج له بشكل واسع، مضيفة أنها قامت برسم وتجسيد على لوحات فنية، الجداريات الموجودة بقصر الباي والخاصة برحلة الحج ومكة أو صور المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وهي جداريات رسمها فنان جزائري درس بمصر، في حقبة الباي وجسدت رحلة الحج التي قام بها باي قسنطينة سنة 1835، وقد عرفت هذه الجدرايات، حسب محدثتنا، تلفا كبيرا بفعل الإهمال من جهة، والعوامل الطبيعية من جهة أخرى، حيث وجهت الفنانة نجوى بولهوشات، عبر منبر "المساء"، نداء إلى المسؤولين بوزارة الثقافة، للتدخل العاجل من أجل إنقاذ هذه التحف الفنية والجداريات التي تعد من أهم رموز قصر الباي، والتي كان من المفروض أن ترمم في إطار مشاريع "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015"، لكن المشروع توقف، لأسباب  تقول الفنانة إنها تجهلها، مطالبة بإتمام مشاريع الترميم، واعتبرت أن كل يوم يمر على هذه التحف الفنية المهملة والموروث الثقافي المادي، دون اهتمام ودون صيانة، يعد بمثابة خسارة صفحة من صفحات التاريخ الجزائري، يصعب استرجاعها، كما وجهت نداء إلى كل فنان وكل حرفي للعمل على التعريف بالتراث الوطني الجزائري.