الفنان عبد القادر شاعو

مسيرة معطاءة وأداء فني راق

مسيرة معطاءة وأداء فني راق
  • القراءات: 1112
ل. د ل. د

يعتبر عبد القادر شاعو، أحد أعظم الفنانين المختصين في الغناء الشعبي لما بعد الاستقلال، حيث استطاع أن يكتب اسمه بجدارة في التاريخ الفني للجزائر، من خلال تقديمه لأكثر من 300 أغنية طيلة أربعين سنة.

ولد عبد القادر شاعو، الذي تعود أصوله إلى منطقة تيقزيرت بولاية تيزي وزو، في شارع ميديي، في قلب قصبة الجزائر العاصمة، في 10 نوفمبر 1941. ترعرع في وسط اجتماعي ثقافي يشجع على ممارسة الفن، فتعلم أبجديات الغناء الشعبي بسرعة، خاصة من خلال المناسبات الدينية والعائلية.

اتسم شاعو بالفضول لتعلم المزيد والطموح لصقل موهبته، فكان منذ نعومة أظافره، يغني أمام جاره الضرير والمشبع بالفن الشعبي رابح دلاج، الذي يعتبر أول من اعترف بموهبة شاعو.

وبفعل هذا التشجيع الذي ظفر به من جاره، شارك شاعو عام 1961، في برنامج "راديو كروشي" الذي تنظمه الإذاعة، الكائن في شارع بيرثيزين (محمد سعدان الحالي)، والمخصص للمواهب الشابة، بقيادة قائد الأركسترا حداد الجيلالي، الذي قدم له ملاحظات قيمة، لا سيما تلك المتعلقة بتشابه أسلوبه بأسلوب صوت الأستاذ الحاج حسن سعيد.

غداة الاستقلال، أصبح عبد القادر شاعو عازفا شابا لأغاني الشعبي، ومنشطا لحفلات الزفاف مع أصدقائه بلقاسم على آلة البانجو ومحمد حدوس في الدربوكة، في زمن شهد تنظيم تظاهرات فنية كبيرة، في إطار الابتهاج الشعبي بالاستقلال الوطني، حيث ظهرت فرق فنية كثيرة، وفي هذا السياق، تم تشكيل فرقة "الجمالية"، التي أسسها سعيد أوميتوش، بغية تنظيم العروض في جميع أنحاء التراب الوطني.

وانضم عبد القادر شاعو إلى هذه الفرقة، مغنيا، إلى جانب اعمر الزاهي ورحمة بوعلام وكريكش، إلى غاية عام 1966. وبتشجيع من المقربين منه، التحق شاعو بالمعهد الموسيقي البلدي للجزائر العاصمة، بقيادة محي الدين بشطارزي، وبالتحديد في الدورة التي أشرف عليها الشيخ الحاج محمد العنقة. وترك شاعو هذه الدورة بعد عام، محملا برصيد فني معتبر، مكنه من خوض مسيرته الفنية بشكل رهيب.

في عام 1967، اتصلت به الإذاعة عبر بايت مرزاق والحاج مصطفى كشكول، اللذين سمحا له بتسجيل برنامج إذاعي لأول مرة على القناة الوطنية، وقدم بهذه المناسبة أغاني "دمي هويت لغزالة" ؛ "يا ضو عياني" و"محمد زهو البال" تحت قيادة مصطفى اسكندراني، وقد تم إصدار هذه العناوين نفسها في أسطوانة 45 دورة لشركة "باتي ماركوني"، لتشكل بذلك أول خطوة له في السوق الفني.

في عام 1968، اختاره المسرح الوطني الجزائري للقيام بجولة فنية كبرى في فرنسا، إلى جانب نجوم العصر الكبار، أمثال الحاج رابح درياسة، محمد العماري، خليفي أحمد، نورة، سلوى، كمال حمادي، فضيلة الدزيرية، حداد الجيلالي، محبوباتي وأكلي يحياتن. وقد قدم شاعو أداء فنيا راقيا.

شارك شاعو إلى غاية عام 1970 في العديد من الجولات الوطنية والدولية، لا سيما في شيراز بإيران ومورسيا بإسبانيا. كما شارك في البرنامج الفني للمهرجان الثقافي الإفريقي بالجزائر عام 1969، وفي برنامج إعادة توحيد شبكة التلفزيون الوطنية في جوان 1970 بوهران.

منذ بداية السبعينات، كرس شاعو نفسه للفن "الشعبي"، وأصبح يصدر العديد من الأسطوانات، رغم أنه في الفترة الممتدة من 1970 إلى 1972، لم تلق أغانيه صدى كبيرا من طرف الجمهور، بفعل تربع أغاني قروابي والعنقيس والعشاب وأحسن سعيد على الساحة الموسيقية، حيث حققت أغانيهم مبيعات باهرة، ليكون لقاؤه مع محبوباتي في استوديو حي زبانة (هوش سابقا)، فرصة لإثبات موهبته، وكان ذلك بأغنية "جاه ربي يا جيراني"، التي فتحت له الشهرة من بابها الواسع، تلتها أغنيات أخرى نالت الشهرة أيضا، من بينها "يالعدرا" لمحبوب سطمبولي سنة 1974، "ساعديني با بنت العم" و"عند باب العدرا" و"مزال خاتمي" لمحبوباتي سنة 1975.

في عام 1977، قدم له محبوباتي أغنية "يا الوالدين" التي غناها رفقة الفنانة نادية بن يوسف، وتم تصويرها بتقنية فيديو كليب في التلفزيون الجزائري، وحققت نجاحا كبيرا لسنوات عديدة، ليؤكد بذلك شاعو قدراته الفنية.

تعاون سطمبولي أيضا مع شاعو وقدم له العديد من الأغاني، من بينها "يا العدرا وين مواليك" و"العشقة" سنة 1974، ونفس الشيء مع معطي بشير في أغنية "الهلال الضوي" وأغنية "لي قعد في الدار" سنة 1979، وكذا مع صالح سعداوي في أغنية "قصة صرات" سنة 1980، وبلقايد عبد الغني بأغنية "الغريب"، وكذا أغنية "أجيني" سنة 1980، ومصطفى سكندراني باغنية "يالي زارو عدات مدون" سنة 1985.

قدم الفنان عبد القادر شاعو قرابة 300 أغنية خلال مسيرة فنية جاوزت أربعين سنة، وقد حافظ الفنان على التراث الغنائي الوطني مضيفا عليه لمسة جديدة، ليمزج بذلك ما بين الحداثة والتراث. كما أعاد أغنية "شهلة لعياني" لعبد الكريم قرامي سنة 1992، وأغنية "شيخ أمقران" للشيخ الحسناوي سنة 2013.