التشكيلي مقدس يعرض "الفانتازيا"

استحضار للتراث ولتاريخ الخيالة المجيد

استحضار للتراث ولتاريخ الخيالة المجيد
  • القراءات: 805
مريم.ن مريم.ن

التفت الفنان التشكيلي المعروف نور الدين مقدس، مؤخرا، إلى فن الفانتازيا الشعبي، حرصا منه على تثمين تراثنا الوطني الأصيل، فأبدع في لوحات الفانتازيا التي عرضها على جمهوره منذ أيام على صفحته الإلكترونية، ولاقت الكثير من الإعجاب والتقدير في الداخل.

اختار الفنان مقدس شعار "الفانتازيا وأصحاب البارود" مفصلا في كل معالمها وهويتها، لتبدو وكأنها تجري بكل وقائعها على سطح اللوحات، يكاد المتفرج يناله غبارها وأتربة خيولها من فرط واقعيتها.

هي نفس خطوط وتقاسيم وألوان الواقع عبر ميادين السباق الرحبة، التي تضم على جوانبها الحشود، للاستمتاع بعروضها الراقية التي يتفنن في أدائها الفرسان المغاور على جيادهم الأصيلة، في انسجام تام وبخطى ثابتة كالرصاصة نحو هدفها، أما البارود فهو الرجولة بعينها تدوي بالقوة والشهامة، وتتميز عروض الفانتازيا بكونها أشبه بالعروض العسكرية، تمارس في مختلف المناطق في جو احتفالي تتعالى فيه الأهازيج الشعبية.

ركز الفنان مقدس على رمزية هذه الاحتفالية التي ترسخت في مجتمعنا منذ قرون، إلى أن أصبحت تراثا وتاريخا وطنيا متوارثا عبر الأجيال، كما برع الفنان في رسم مشاهد ألعاب الخيل والبارود، وتمثيل بعض الهجمات التي يشنها فرسان على متن خيولهم المزينة، مطلقين عيارات البارود.

كما تشكل الفانتازيا الفرجة الرئيسية للمهرجانات الثقافية والفنية المعروفة بـ"الموسم" أو "الوعدة"، خاصة في المناطق القروية والأرياف عموما، ولها مفعول السحر على المتفرجين الذين تشدهم العروض ويسلبهم دوي البارود، خاصة إذا ما اقترن بأنغام الطبل والمزمار، كما توحي للحضور بتاريخ مجيد عاشته الجزائر، وأقربه تاريخ المقاومات الشعبية زمن الاحتلال الفرنسي، حيث كانت تجهز الجيوش بالخيل والفرسان وبالسيوف والبارود، لذلك بقيت فخرا.

شكلت الفنتازيا عند مقدس موضوعا للوحاته، من خلال الخيل والفرسان والتقاليد، تحمل أسلوب الواقعية، لتقرأ لوحاته دون ملل ولا ضجر، مع الاستمتاع بالألوان والنقاء حتى تحت تيارات الأتربة.  وما يميز الفرسان، هو النظرات الثاقبة وقوة التركيز والتناغم في الحركات وقوة الأداء على الميدان، وهي صفات استطاعت الريشة أن تجسدها بامتياز.

للتذكير، نور الدين مقدس فنان تشكيلي من مواليد 1960 بسيدي بلعباس، خريج مدرسة الفنون الجميلة بوهران (1979-1982)، كما درس في المعهد التكنولوجي بسيدي بلعباس، عضو نشيط في الحركات الجمعوية ومؤسس جمعية "فن وإبداع"، وعضو في الاتحاد الوطني للفنون الثقافية بمدينة سيدي بلعباس. وتأثر مقدس بعدة فنانين مستشرقين، أمثال الفنان نصر الدين ديني.

يملك الفنان أسلوبا خاصا ولمسته الفنية منفردة، وأعماله تختلف عن الكثير من الفنانين بتقنيته المتميزة والنادرة وطنيا ودوليا، والتي نالت إعجاب كل متذوق للفن، مما فتح باب اقتناء أعماله التي عرضت في الكثير من المتاحف والأروقة الفنية في الجزائر وخارجها.