تكثيف التموين والرقابة لحماية القدرة الشرائية.. الوزير الأول:

الدولة لن تفرط في أي دينار ولا أي شبر من العقار

الدولة لن تفرط في أي دينار ولا أي شبر من العقار
  • القراءات: 838
شريفة عابد شريفة عابد

❊صندوق لعائدات الأموال المنهوبة والتسوية الودية الوسيلة الأنجع

❊آلية متابعة بوزارة الأولى وتقارير دورية لمتابعة إنجاز المخطط

أكد الوزير الأول ووزير المالية، أيمن بن عبد رحمان، الالتزام الكامل للدولة من أجل استرجاع الأموال المنهوبة، مشيرا إلى وضع صندوق خاص في اطار قانون المالية التكميلي 2021، لصب العائدات المحصلة بمجرد الانتهاء من صدور الأحكام القضائية ذات الصلة بقضايا الفساد، مع استعمال الأليات القانونية في اطار الاتفاقيات الأممية والتعاون مع المنظمات لاسترجاع تلك التي هربت إلى الخارج، ورافع في سياق متصل، لصالح الطرق الودية لاستعادة هذه الأموال بحكم نجاعتها. كما التزم الوزير الأول بحماية القدرة الشرائية للمواطن عبر تموين السوق وتشديد الرقابة، متعهدا بتقديم تقارير دورية للنواب حول تنفيذ مخطط الحكومة الذي سيتم تمويله ـ حسبه ـ بعائدات الخزينة من الضرائب وكذا عن طريق تعبئة المدخرات والإيجار المالي.

وركز الوزير الأول، في رده أول أمس، على التساؤلات التي أثارها النواب في مناقشتهم لمخطط عمل الحكومة على نقطة استرجاع الأموال المنهوبة، لافتا إلى أن الدولة قد أنشأت صندوق تخصيص خاص بموجب قانون المالية التكميلي 2021، لصب العائدات المالية المحصلة في إطار مكافحة الفساد من خلال القضايا التي صدرت بشأنها أحكام نهائية على المستوى الداخلي، فيما شرع ـ حسبه ـ في إجراءات لدمج الأملاك والأموال المصادرة ضمن الأملاك الخاصة بالدفع، وفق التشريع الساري المفعول بعد جرد هذه الأملاك. في هذا الإطار تجري ـ حسب الوزير الأول ـ عملية تشخيص لوضعية المؤسسات المتعلقة بالأشخاص المتابعين في قضايا الفساد محل أحكام قضائية نهائية، مع العمل على تثمين الممتلكات ذات الأهمية الاقتصادية والاجتماعية وفي مقدمتها حماية مناصب الشغل. كما تشمل الإجراءات التي تقوم بها المصالح المكلفة بتسوية ملفات الفساد على دمج الأملاك المصادرة في أصول المؤسسات التابعة للقطاع العمومي التجاري، من اجل ضمان إنجاز المشاريع المتوقفة، لاسيما تلك التي بلغت نسبة معتبرة من الإنجاز، فضلا عن مواصلة تسيير المؤسسات محل المصادرة التي تضمن خدمة عمومية.

أما فيما يتعلق بالأموال المهربة نحو البلدان الأجنبية فأكد الوزير الأول، أنه تم بشأنها اتخاذ مقاربة شاملة من خلال وضع الية تنسيق على مستوى عال، مضيفا انه تم اللجوء الى جملة من الإجراءات مع الدول التي توجد فيها هذه الأموال، عبر تفعيل الأليات القانونية في اطار الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف، وفي مقدمتها الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد. وسيتم تفعيل آليات التعاون في اطار المنظمات الدولية المتخصصة لتحديد مكان تواجد الأموال وتبادل المعلومات في هذا الشأن.

وتوقف الوزير الأول، عند طرق التسوية الودية التي اعتبر أنها ”تبقى الأفضل والأنجع أسوة بتجارب دولية سابقة”، مشيرا إلى أن ”الأمر لا يتعلق بالأشخاص الطبعيين، بل بالأشخاص المعنويين أي شركات أجنبية متورطة في عمليات رشوة في إطار الصفقات العمومية”، مجددا الالتزام الكامل للدولة من اجل باسترجاع أموال الشعب المنهوبة، حتى باستعمال الآليات الدبلوماسية في اطار الاستقلال الكامل للعدالة، ليخلص في هذا الصدد إلى أن ”الدولة لن تتخلى عن أي دينار أو شبر من العقار المنهوب”.

تموين السوق وتفعيل الرقابة لحماية القدرة الشرائية للمواطن

ولدى تناوله للشق المتعلق بحماية القدرة الشرائية للمواطن، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، فضّل الوزير الأول، عدم الخوض في خلفياتها حتى لا ينظر إليه أنه يبرر ارتفاعها، مشيرا فقط إلى أن زيادة أسعار البقوليات مرتبط بارتفاع سعرها في السوق الدولية. ووعد بضبط الأسعار في الأيام القليلة القادمة، من خلال تكثيف عمليات تموين السوق بالسلع الغذائية، مع تكثيف آليات الرقابة لكسر المضاربة ووضع حد للممارسات السلبية التي يلجأ إليها بعض التجار.

مخطط الحكومة سيخرج الجزائر إلى بر الأمان

واعتبر الوزير الأول، أن المخطط سيوصل الجزائر إلى بر الأمان، مشيدا بالتزكية التي حظى بها هذا المخطط، الذي اعتبره انطلاقة لمرحلة الإنجازات التي يتوق إليها الشعب. كما أعرب عن استعداد الحكومة للعمل مع كل القوى الحية وفق رؤية تشاركية، مسترجعا في هذا السياق التراكمات التي ورثتها حكومته جراء الركود الاقتصادي وتآكل المدخرات الذي أدى الى مستويات العجز. كما أكد السيد بن عبد الرحمان، أن أولوية الأولويات هي استرجاع ثقة المواطن كونها القاعدة لنجاح أية إصلاحات أخرى، متعهدا بمكافحة الفساد والرشوة والرداءة .

آلية لمتابعة تنفيذ المخطط وتقارير دورية لرصد الإنجازات

وحول الانشغال الذي أثاره النواب بشأن أجال تنفيذ المخطط الحكومي وغياب الأرقام، كشف الوزير الأول، عن وضع آلية جديدة على مستوى الوزارة الأولى لمتابعة إنجاز هذا المخطط الذي تجسيد الالتزامات الـ54 التي تضمنها برنامج السيد رئيس الجمهورية إلى 2024. ووعد بإمداد النواب بتقارير دورية عن مستوى إنجاز المشاريع وفق تقديرات مالية معينة، داعيا النواب لتصفح بوابة الوزارة الأولى التي ينشر عبرها كل النشاطات والأرقام.

الجزائر الثالثة إفريقيا و38 دوليا في مجال التنمية

ورد الوزير الأول، على النواب الذين اعتبروا مخطط عمل حكومته مجرد استمرارية لمخطط عمل حكومة سلفه، عبد العزيز جراد، بالتذكير بأن المخططين يرميان إلى تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، منتقدا من أنكروا ما حققته الجزائر في مجال التنمية البشرية.

واستشهد في هذا الصدد بأن مؤشر التنمية البشرية للجزائر بمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط، هو 0,784 محتلة بذلك المرتبة 3 مع تواجدها في الترتيب 38 عالميا ضمن 187 دولة، مذكرا بالمعايير المعتمدة في هذا التصنيف، ومنها معدل الربط بالكهرباء (99٪) والغاز (65٪) والمياه (98٪)، والصرف الصحي (91٪) فيما بلعت نسبة التمدرس (89٪). كما أبرز ذات المسؤول مستوى تكفل الدولة بدعم السكن، مشيرا إلى أنه ”على الرغم من عمليات النهب واستنزاف الأموال، بقيت الجزائر واقفة الى جانب شعبها بفضل أبنائها والثروات التي تزخر بها”.

إعادة تقييم المشاريع استنزف 8980 مليار دينار

والتزم الوزير الأول، بالصرامة الكاملة في الإنفاق العمومي، وتجنب تبديد الأموال العمومية، مستعرضا النقاط التي كانت تبتلع الأموال دون أي جدوى، كعمليات إعادة تقييم المشاريع التي ابتلعت، حسبه، ما يربو عن 8980 مليار دينار، موضحا أن مصالح وزارة المالية اتخذت الإجراءات اللازمة لمكافحة هذه الظاهرة بفضل ترسانة قانونية تقضي بعدم تسجيل المشاريع إلا بعد الاكتمال النهائي لدراسة الجدوى والجاهزية التقنية التامة للمشروع. كما تسهر مصالح المالية على تكييف أداء الجمارك الجزائرية وفقما تعتمده المنظمة العالمية للجمارك، مع تحسين سجلات أملاك الدولة ورقمنة وجرد الجدول العام للعقارات.

إجراءات واعدة لدفع الاستثمار

في سياق الرد على انشغالات النواب الخاصة بتنويع الاقتصاد أبرز الوزير الأول، أهمية الإصلاحات التي تضمنها مشروع قانون الاستثمار الجديد، مشيرا إلى أنه يتضمن تسهيلات بالجملة تم اعتمادها بفضل اقتراحات المتعاملين الاقتصاديين، من بينها إنشاء شباك وحيد للاستثمار.  غير انه تأسف في مقام أخر، على عدم قدرة المؤسسات الاقتصادية العمومية النهوض رغم أنها استفادت من دعم الدولة، حيث قدر الأموال المرصودة لتطهيرها بـ2790 مليار دينار، بين 1991 و2021.

وفيما يتصل بإشكالية توفير الأوعية العقارية الاستثمارية، أكد بن عبد الرحمان، أن عملية جردها جارية، وقد تم إحصاء 3876 هكتار، منها 1422 في اطار نظام التنازل والباقي في اطار عقود الامتياز، مشيرا إلى أن كل عقار غير مستغل سيتم استرجاعه في إطار القانون، لمنحه للمستثمرين الجادين مع الحرص على تسوية كل حالات الانسداد.

الإفراج عن قانوني البلدية والولاية  في أكتوبر القادم

ووعد الوزير الأول، بالإفراج عن قانوني البلدية والولاية في شهر أكتوبر المقبل، مشيرا إلى أن النصين تم إعدادهما وفق مقاربة تشاركية وبمساهمة كل الفاعلين من أجل دعم التنمية المحلية وتحسين تطبيق السياسات العمومية. كما سيتم أيضا ـ حسبه ـ إعداد المخطط الوطني لتهيئة الإقليم قبل نهاية السنة، من أجل تكييفه مع المخططات الولائية والبلدية. وتم فتح ورشة لإصلاح الوظيفة العمومية مع اعتزام تنظيم جلسات وطنية خاصة بقطاع الصحة بغية الخروج بتصور كامل للنهوض بالقطاع وتلبية احتياجاته البشرية والمادية عملية. كما أشار السيد بن عبد الرحمان، إلى أنه سيتم رفع التجميد عن المشاريع المتعلقة بالطرق، مع وضع مقاربة شاملة تحد من إرهاب الطرقات.

وفي الشق المتصل بتمويل المخطط، أكد الوزير الأول أنها ستتم عبر الإيجار المالي الذي سيتعزز بتعبئة جيدة للمدخرات، لا سيما تلك التي توجد خارج الأطر الرسمية. وعدد الآليات المعتمدة لرفع مداخيل الخزينة العمومية التي تتزود بـ30٪ من الجباية البترولية و70٪ من الجباية العادية. كما ذكر بالإصلاحات البنكية وفتح الشبابيك الإسلامية التي بلغ عددها 310 شباك بأزيد من 15 الف حساب.

منح 10387 مليار دينار كقروض استثمارية 49٪ منها للقطاع الخاص

كما ذكر الوزير الأول، في سياق حديثه عن آليات تمويل المخطط الحكومي، بأن التمويل المصرفي التقليدي يعتبر اليوم الأسلوب السائد في تمويل الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن إجمالي القروض الممنوحة حتى تاريخ 30 جوان 2021، تقارب قيمتها 10.387 مليار دينار، منها 5065 مليار دج (49٪) منحت للقطاع الخاص. وأضاف بأن القروض الاستثمارية تشكل 71٪ من الالتزامات العامة للبنوك، بقيمة 7.410 مليار دج.

كما تسعى الحكومة، في إطار تنويع أساليب تمويل الاقتصاد الوطني، إلى اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشاريع الكبرى المهيكلة الخلاقة للثروة، والذي سيكون له عائدا على المدى المتوسط ـ حسب السيد بن عبد الرحمان ـ الذي أشار إلى أن مشروع القانون الخاص بالشراكة بين القطاعين العمومي والخاص سيعرض أمام نواب الشعب في الأيام القادمة.

وذكر كذلك باعتماد الحكومة على فتح رؤوس أموال العديد من البنوك العمومية لدعم المؤسسات الاستثمارية، مع فتح بنوك خاصة جديدة، بالإضافة الى تفعيل البورصة فيما يتم الحرص أيضا على تطوير الإيجار المالي، حيث بلغ عدد الشركات المعنية بهذه الآلية 16 شركة فقط بقيمة 162 مليار دينار سنة 2020، بعدما كانت في حدود 135 مليار دينار سنة 2019  اي بمعدل زيادة قدره 17٪.

واعتبر الوزير الأول، التمويل الاسلامي يبقى هو الأخر مصدرا مهما لتمويل الاقتصاد عبر تعبئة المدخرات المسهلة للإدماج المالي للأموال المكتنزة والمتداولة خارج سوق الرسمية.