الأئمة يحذّرون من الوقوع في شبهة “الرياء”

العمل الخيري... تباهٍ أم دعوة إلى الاقتداء؟

العمل الخيري... تباهٍ أم دعوة إلى الاقتداء؟
  • القراءات: 885
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

حذّر محمد لعزوني، إمام مسجد حمزة بن عبد المطلب بباب الزوار (ولاية الجزائر)، خلال خطبة الجمعة الماضي، من التشهير بفعل الخير، داعيا إلى كتمانه قدر الإمكان، ومشيرا إلى أن البعض يعرض صور تلك النشاطات الخيرية للتباهي أو الحصول على إعجاب المشتركين، وهو ما عدَّه أمرا منافيا لقواعد الصدقة أو فعل الخير.

أوضح الإمام أن ظاهرة عرض أفعال الخير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، برزت منذ ظهور تلك المواقع، واشتدت خلال السنوات الأخيرة، لا سيما خلال المناسبات الدينية؛ إذ ترتفع وتيرة العمل الخيري، على غرار رمضان، والأعياد وحتى بعض المناسبات الاجتماعية؛ كالدخول المدرسي، فضلا عن استغلال الأزمات، كما حدث، مؤخرا، عند اشتعال الحرائق في بعض ولايات الوطن.

وفي هذا الصدد، قال الإمام محمد لعزوني: “لا حرج في كشف خير جماعي، ومبادرة حسنة للاقتداء بها، لكن ذلك يصبح سيئا إذا كان الدافع وراءه هو البحث عن الرياء أو السمعة، أو فضح مسلم ومؤمن والتشهير بحالته؛ ما قد يجعله يشعر بحرج شديد وسط المجتمع، وهذا ما يستنكره الإسلام؛ قال الله تعالي: “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم وكان الله سميعا عليما، إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا”؛ فالقاعدة في الدين، يضيف المتحدث، “إخفاء الفرد الصدقة “حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”، وهذا يستثني الجهر بالعمل التضامني، لتوسيع الحملة أو الاقتداء بها.

ورغم أن هناك من يفضل التستر على تلك الأعمال عند القيام بها ليجعلها بينه وبين خالقه مخافة الوقوع في الرياء، إلا أن هناك آخرين لا يرون حرجا في إشهار أعمالهم الخيرية؛ إذ يقومون بنشرها على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة؛ فهناك من يبحث عن الرياء فقط، وهذا حرام، حسب الإمام؛ لما فيه من ضرر على الأخذ، وكشف ما ستره الله، فيما يسعى آخرون من وراء كشف المبادرات، لحث المحيطين بهم وتشجيعهم على مساعدة الآخرين.

وأضاف إمام المسجد أن العديد من الجمعيات ساهمت، بشكل كبير، في إعادة التكاتف الاجتماعي في ظل الظروف الاقتصادية الشحيحة، وتراجع القدرة الشرائية من سنة إلى أخرى، والتي زادت حدتها خلال السنتين الاخيريتين بسبب الفيروس القاتل، الذي دفع بالجميع إلى مراجعة حساباتهم. كما أدى بالبعض إلى فقدان مصدر رزقهم. وعملت الجمعيات على رفع، ولو نسبيا، الغبن عنهم، غير أن كثيرا من هذه الجمعيات أوقعت العديد من الأفراد في حرج، حين أصبحت تنشر مساعداتها لهم على شبكات التواصل الاجتماعي، وتوثق الأحداث بالصور والفيديوهات، التي تجعل الجميع يتفاعل مع ذلك بتعليقات تضع تلك العائلات في الخجل، مشيرا إلى أن من ينوي الدعوة إلى الاقتداء، يمكنه، فقط، عرض أهم ما قامت به، مثلا، الجمعية بدون وضع صور أو فيديوهات لتلك العائلات، أو الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين رغم أنك تجدهم أحيانا مبتسمين في تلك الصور، إلا أنهم لا يدركون البعد الإلكتروني الذي ستأخذه بعد ذلك، وأن آلاف الناس يرونهم.