عرض مخطط عمل الحكومة على النواب.. الوزير الأول:

ثقة المواطن في مؤسسات الدولة جوهر نجاح الإصلاحات

ثقة المواطن في مؤسسات الدولة جوهر نجاح الإصلاحات
الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد رحمان
  • القراءات: 1033
شريفة عابد شريفة عابد

❊ التسيير الشفاف للمالية العمومية وتعبئة الموارد عبر عصرنة الجباية 

❊ الكفاءة والنزاهة معيار الالتحاق بالوظائف العمومية

شدّد الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد رحمان، أمس، على أهمية استعادة ثقة الشعب في  مؤسسات الدولة، لإنجاح مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية، التي يترجمها مخطط عمل حكومته، مركزا خلال عرضه لهذا المخطط أمام النواب على أهمية إرساء دولة الحق والقانون وتكريس الحوكمة الاقتصادية. كما أبرز ضرورة السعي إلى تعبئة الموارد المالية، عبر التسيير الناجع للمالية العمومية والالتزام الضريبي، من خلال عصرنة الإدارة الجبائية وضمان توزيع عادل للأعباء الضريبية بين الأعوان الاقتصاديين من أسر ومتعاملين.

واستهل الوزير الأول، عرضه، بالتأكيد على تمسك طاقمه الحكومي بالتجسيد الفعلي لمحاور بناء الجزائر الجديدة، استجابة لتطلعات الشعب المتطلع إلى دولة قوامها الحق وسيادة القانون، في ظل حوكمة اقتصادية عصرية وشفافة، وسياسة اجتماعية عادلة، بعيدا عن ممارسات الفساد والمحسوبية التي نخرت جسد الاقتصاد الوطني، ملتزما في هذا الإطار بمواصلة أخلقة الحياة العامة من خلال تغليب الأداء النوعي في العمل الإداري، حيث اعتبر ذلك "مسارا أساسيا ليستعيد الشعب ثقته في مؤسسات الدولة ويسترجع دوره كشريك في البناء وكمساهم في بروز ممارسات سياسية سليمة وديمقراطية".

إرساء دولة الحق والقانون

ضمن هذا المنظور، عدّد الوزير الأول المحاور الخمسة الهامة لمخطط عمل الحكومة، والتي يتصدرها تكريس دولة الحق والقانون وتجديد الحوكمة، كأرضية لتجسيد الإصلاحات السياسية والاقتصادية، مذكرا بالإصلاحات السياسية التي جاء بها قانون الانتخابات، الأمر الذي سمح بصعود منتخبين نزهاء، على حد تعبيره. وستواصل الحكومة، حسبه، العمل على ترسيخ الجدارة والكفاءة والنزاهة كمعايير للالتحاق بالوظائف العمومية للدولة في كنف الشفافية، بالإضافة إلى عصرنة الإدارة العمومية وإصلاح الوظيفة العمومية، دون إغفال إعادة تنظيم الإدارة العمومية وتحسين تسيير المرفق العام. كما يحرص المخطط، حسب السيد بن عبد الرحمان، على تعزيز الحريات وعصرنة العدالة، من خلال تكريس استقلاليتها وفعاليتها عن طريق مراجعة القوانين العضوية، على غرار القانون الأساسي للقضاء والمجلس الوطني للقضاء، مع مضاعفة الجهود من أجل تحسين نوعية وفعالية العمل القضائي والخدمة العمومية المرتبطة بالقضاء. إذ سيتم مراجعة الإطار القانوني للمساعدة القضائية، وتعزيز الآليات التي تيسر ذلك، فضلا عن تحسين أداء النظام العقابي.

ضمان حرية إنشاء الأحزاب والجمعيات وحرية الإعلام

ووعد الوزير الأول، بمواصلة الحكومة إقرار الضمانات الخاصة بإنشاء الجمعيات والأحزاب السياسية، مع ضمان الحق في ممارسة حرية الاجتماع والتظاهر السلمي في إطار القانون، كما تعهد بضمان حرية الصحافة ضمانا لحق المواطن في إعلام موضوعي وذي مصداقية.  وتواصل الحكومة، حسب مسؤولها الأول، مكافحة الجريمة بكل أشكالها، خاصة ما تعلق بالجرائم السيبرانية، وتلك المرتبطة بتبييض الأموال والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات وكل المحظورات، مع التركيز على التكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتعميق الممارسة الديمقراطية.

التسيير الناجع للمالية العمومية أساس الحوكمة

وأبرز الوزير الأول، أهمية التسيير الناجع للمالية العمومية باعتباره إحدى الركائز الأساسية لتجديد الحوكمة، بالإضافة إلى تسهيل التعبئة الفعالة والتخصيص الأمثل والاستخدام الفعّال والشفّاف للموارد العمومية، تماشيا مع التحوّلات الاقتصادية، حيث يتم هذا المسعى، حسبه، في إطار مواصلة الإصلاحات الجبائية، ضمن مقاربة شاملة تدعم الرؤية الاقتصادية الجديدة لمواجهة متطلبات استعادة توازنات الحسابات العمومية، الداخلية والخارجية مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للسياسات العمومية. وشدّد في هذا السياق، على أهمية ترقية الحس بالالتزام الضريبي وتعزيز قدرات تعبئة الموارد باستكمال عصرنة الإدارة الجبائية، مع ترسيخ مبدأ العدالة في توزيع الأعباء الضريبية بين الأعوان الاقتصاديين من أسر ومتعاملين. وتعهد الوزير الأول، بإطلاق إصلاحات هيكلية للمالية المحلية وخاصة الجباية المحلية، عبر وضع قواعد تسيير جديدة لميزانية الجماعات المحلية، قناعة منه أنّ  ترشيد الإنفاق والاستغلال الأمثل للموارد المالية للدولة يحقق الاستدامة واستعادة توازن الحسابات العمومية.

سجل اجتماعي موحّد حتى يذهب الدعم لمستحقيه

وكشف السيد بن عبد الرحمان، عن وضع آلية جديدة للدعم الاجتماعي، متمثلة في "سجل وطني اجتماعي موحد" يضمن توجيه الدعم لمستحقيه، في إطار الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة ودورها في التكفل بالفئات الهشة، بالإضافة إلى الحفاظ على القدرة الشرائية، تماشيا مع مبدأ العدالة الاجتماعية. كما تواصل الدولة في إطار سياسة الدعم هذه، إيلاء عناية خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين، والأطفال والمراهقين وكذا المرأة والأسرة.

عصرنة الإدارة وتسريع التحوّل الرقمي

وتلتزم الحكومة حسب مسؤولها، بتبسيط الإجراءات الإدارية وعصرنة الإدارة، من خلال تسريع وتيرة التحوّل الرقمي وتوفير جميع شروط تحقيق الحكومة الإلكترونية، ضمن مقاربة شاملة ومنسجمة، تتيح الاستعمال المشترك للموارد وإنشاء آليات الترابط البيني بين مختلف الفاعلين وتعزيز إنتاج المحتوى الرقمي الوطني وكذا تأمين الأنظمة المعلوماتية، ورسم السياسات العمومية ومتابعتها وتقييمها. ولتحقيق هذا الهدف التزم الوزير الأول، بعصرنة هذه المنظومة بجميع مكوناتها، لاسيما إعادة تنشيط المجلس الوطني للإحصاء، وتعزيز آليات التقييم والرقابة، خاصة عبر تدعيم المفتشية العامة للمالية ومجلس المحاسبة.    

الإنعاش والتجديد الاقتصاديين

تجسيدا لأهداف مخطط الإنعاش والتجديد الاقتصادي، تلتزم حكومة بن عبد الرحمان بمواصلة الإصلاح الشامل وعصرنة النظام البنكي والمالي، بما يجعله أكثر فاعلية وجاذبية، مع رفع مستوى مساهمته في تنمية الاقتصاد الوطني، من خلال تحسين حوكمته وترقية احترافية مختلف الفاعلين  فيه، بالإضافة إلى تكثيف شبكة البنوك والتأمينات، وفتح وكالات بنكية بالخارج، والتعجيل بوتيرة رقمنة أنظمة الدفع.

30 وكالة بنكية سنويا وتجهيز مليون تاجر بجهاز الدفع الإلكتروني

وفي إطار استقطاب الكتلة النقدية المتداولة خارج الأطر الرسمية، ستعمل الحكومة على زيادة عدد الوكالات البنكية العمومية والخاصة بـ30 وكالة كل سنة، وكذا زيادة عدد وكالات التأمين بنسبة 5%. كما ستعمل على توفير أكثر من 16 مليون بطاقة بين شبكة "بريد الجزائر" والشبكة البنكية وتوفير أكثر من 8000 موزع آلي للنقود وتجهيز مليون تاجر بجهاز الدفع الإلكتروني في آفاق 2024.

مشروع قانون للشراكة بين القطاع الخاص والعمومي

وكشف بن عبد الرحمان، في سياق متصل، عن مشروع قانون، ينظم الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، بالإضافة إلى إصلاح القطاع العمومي التجاري وحوكمة المؤسسات العمومية، في إطار مقاربة جديدة لتسيير مساهمات الدولة، حيث ستتم إعادة هيكلتها بعد عمليات تقييم وتدقيق معمّق ومراجعة الإطار القانوني المسير لمساهمات الدولة والمؤسسات العمومية الاقتصادية والشراكة، مع تشجيع المبادرة، لاسيما من خلال رفع التجريم عن فعل التسيير ووضع عقود النجاعة والالتزام للمسيرين بالنتائج. كما سيتم إعادة بعث نشاطات المؤسسات العمومية الاقتصادية أو الوحدات المتوقفة، وتثمين الأصول غير المستغلة في إطار الشراكة.

إلى جانب ذلك، سيتم تحسين جاذبية بيئة الاستثمار، من خلال تسهيلات، تشمل ضمان استقرار الإطار القانوني الذي ينظمه، وكذا تسهيل الإجراءات وتبسيطها ورقمنتها، فضلا عن إنشاء الشباك الوحيد للاستثمار. كما يتضمن المخطط ترقية المؤسسات المصغرة والمقاولاتية، عن طريق توفير بيئة ملائمة ومحفزة ضمن إطار يضمن الشفافية والنجاعة، ويعزز الابتكار ورفع الإنتاجية، وتوفير مناصب الشغل، ويساهم في تنويع الاقتصاد الوطني.

تطهير المشاكل الخاصة بالعقار لدعم الاستثمار

وجدّد الوزير الأول، التزام الحكومة بتطهير الملفات العالقة لأصحاب المؤسسات المصغرة، تشجيعا لهم على الالتزام بروح المقاولاتية، كما وعد بمعالجة عميقة وشاملة لمسألة العقار، بصفته عاملا يرتكز علية إنعاش الاقتصاد الوطني ودعم الاستثمار المنتج، حيث ستعكف الحكومة، حسبه، على الاستمرار في تطهيره ووضعه تحت تصرف المستثمرين الحقيقيين، كما ستعمل على إنشاء مناطق للنشاط وتوسيعها حسب احتياجات المستثمرين والبلديات.

رفع الاستثمار في قطاع الـمحروقات إلى 10 ملايير دولار في 2023

وتواصل الحكومة، تثمين الموارد الطبيعية بفضل زيادة التحويل في قطاع المحروقات من 30% حاليا، إلى 50% في 2022، من خلال مواصلة الاستثمار في الاستخراج والتطوير في قطاع المحروقات، حيث سيرتفع من 7,4 مليار دولار سنة 2021 إلى ما يقارب 10 مليار دولار سنة 2023. ما يسمح بزيادة الإنتاج التجاري الأولي في فرع المحروقات من 187 مليون طن، معادل بترول في 2021، إلى 195,9 مليون طن معادل بترول سنة 2023. كما تم تحديد هدف تحقيق الأمن الطاقوي وضمان نمو أخضر ومستدام، من خلال إنجاز 15000 ميغاوات من الطاقات المتجددة في آفاق 2035.

دفتر شروط للفلاحين لتلبية الاحتياجات الوطنية من الغذاء

وقدم الوزير الأول، أرقاما ذات الصلة بأهداف التنمية الفلاحية في آفاق  2024 يتضمنها مخطط عمل حكومته، ومنها رفع المساحات المسقية بـ200 ألف هكتار وكذا السقي بالتقطير لـ500 ألف هكتار ورفع إنتاج الحبوب إلى معدل 32 قنطارا في الهكتار وكذا إنتاج 65 مليون قنطار سنة 2022 وتغطية 25% من الاحتياجات الوطنية من السلجم الزيتي و33% من الذرة، فضلا عن رفع إنتاج بذور البطاطا، حيث تستهدف الحكومة تغطية الاحتياجات الوطنية بنسبة 95%. ولتحقيق هذه الأهداف سيتم منح الأراضي الفلاحية، حسب معايير جديدة مبنية على دفتر شروط يحدد نوع الزراعات الواجب الاستثمار فيها. وفيما يتعلق بنشاطات الصيد البحري وتربية المائيات، سيتم رفع كمية المنتجات الصيدية من 104 آلاف طن سنة 2021 إلى أكثر من 166 ألف طن سنة 2024.

تقليص فاتورة الاستيراد بـ500 مليون دولار

وفي مجال الصناعة الصيدلانية، تواصل الحكومة العمل على تحقيق تغطية  70% من الاحتياجات الوطنية بالأدوية المنتجة محليا، وتقليص فاتورة الواردات بمبلغ 500 مليون دولار سنة 2021، مع الاستمرار في نفس الوتيرة خلال السنوات المقبلة، حيث ستعمل الحكومة على إرساء قواعد شراكة مبنية على الربح وتبادل التكنولوجيا، حرصا على الاكتفاء الذاتي في مجال تصنيع الأدوية والولوج إلى الأسواق الخارجية بقدرات تنافسية أكيدة. وفي إطار ترقية الشغل ومكافحة البطالة، يتضمن المخطط دعم المرقين ومرافقة حاملي المشاريع، بالإضافة إلى السهر على توفير كل الشروط المواتية لتعزيز دور المرأة في التنمية الاقتصادية. كما تلتزم الحكومة بتطوير وعصرنة المنشآت اللوجستية قصد تخفيض تكاليف التصدير وتحسين تنافسية المنتجات المحلية، من خلال إنجاز منصات لوجستية وتطوير شبكة السكة الحديدية، وتطوير أسطول الملاحة البحرية وتعزيز قدرات الاستقبال على مستوى المنشآت المينائية.

إجراءات واعدة لتجنب الجفاف

ولمواجهة موجة الجفاف والنقص في المياه، تضمن المخطط رفع نسبة الربط  بشبكة المياه إلى 99 %، وترشيد استهلاك المياه، وتوفيرها عبر الجمع بين تحلية مياه البحر بالشريط الساحلي، وزيادة قدرة إنتاج المياه عن طريق التحلية إلى 3,8 مليون متر مكعب يوميا في 2024، والربط بين السدود وأنظمة تحويل الماء وكذا استغلال الموارد الباطنية النائمة شمال الصحراء. بالإضافة إلى هذا، ستعمل الحكومة على إعادة تأهيل وتوسيع شبكات الصرف الصحي، من أجل زيادة نسبة ربط السكنات بهذه الشبكات من 91% حاليا إلى أكثر من 93%، بما يعادل 50 ألف كلم في آفاق 2024. كما تطرق الوزير الأول، إلى رفع القدرات الوطنية في مجال التخزين، لتصل إلى 12 مليار متر مكعب عبر إنجاز واستغلال سدود جديدة لتصل إلى 85 سدا في آفاق 2024 وإنجاز آبار ومنافذ مائية صغيرة، سيرتفع عددها من 592 حاليا إلى 630 منشأة في آفاق 2024.

منحة بطالة تديرها وكالة التشغيل

وكشف بن عبد الرحمان عن وضع منحة البطالة التي ستوجه للعاطلين من طالبي العمل لأول مرة، الذين ليس لهم أي دخل، حيث سيتم لهذا الغرض، تكليف الوكالة الوطنية للتشغيل بتسيير هذا الترتيب الجديد. كما سيتم الحفاظ على نظامي الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزهما، ضمن أولويات عمل الحكومة التي ستعمل على توسيع وعاء الاشتراك والإدماج التدريجي للناشطين في القطاع الموازي، إلى جانب إمكانية إنشاء فرع للتقاعد التكميلي قصد تحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين وإنعاش التوازنات المالية لفرع التقاعد وزيادة مساهمات التعاضديات الاجتماعية.

إنشاء بنك للسكن واستكمال إنجاز البرامج السكنية

وفي مجال السكن، ستستمر الحكومة في تطبيق سياسة الدولة الرامية إلى ضمان سكن لائق، حسب الصيغ المكيفة، مع استهداف العائلات ذات الدخل الضعيف من باب الأولوية وضمان الإنصاف الاجتماعي. وبعد أن كشف عن برنامج سكني قوامه 842.823 مسكن بمختلف الصيغ يشمل المشاريع المتبقية من البرامج السابقة، وعد الوزير الأول بتسليم أكثر من 579.500 مسكن بمختلف الصيغ، خلال الفترة 2021 - 2024، يتم إنجازها في إطار برنامج رئيس الجمهورية المتضمن بناء مليون سكن، ما سيحسن معدل شغل السكن في آفاق 2024.