مخطط عمل الحكومة

رؤية مسايرة للتجديد الاقتصادي

رؤية مسايرة للتجديد الاقتصادي
  • القراءات: 865
م. خ م. خ

تكريس الطابع الاجتماعي للدولة

يحمل مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه أول أمس، الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء والذي سيعرض على البرلمان في دورته المقبلة، أبعادا اقتصادية واجتماعية تنصب في سياق الاستجابة لاحتياجات المواطن وتطلعاته، والتي يحرص على تجسيدها رئيس الجمهورية، بناء على الالتزامات التي قطعها أمام الشعب خلال حملته الانتخابية. وتشكل المحاور التي تضمنها المخطط بمثابة المفاتيح التي من شأنها أن تبلور رؤية نوعية  مسايرة للتوجهات الاقتصادية للبلاد، موازاة مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة، حيث  يتجلى ذلك في حرص رئيس الجمهورية على  ادراج علاوة البطالة وتثمينها ورفع القدرات الوطنية لتخزين المياه من 10 مليار إلى 12 مليار متر مكعب، إلى جانب  الربط بين السدود واستغلال المياه الباطنية النائمة وصيانة الشبكات وتعزيز إجراءات اقتصاد الموارد المائية ومحارية تبذيرها.

ويولي رئيس الجمهورية أهمية للطابع الاستعجالي في تلبية الانشغالات الاجتماعية، من منطلق تأكيده في كل مناسبة  على  ضرورة أن يكون ذلك في قمة الاولويات، خصوصا في مجال الرفع من القدرة الشرائية وتدعيمها وتحسين التكفل بالفئات الأكثر هشاشة وحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد ارتكزت تدخلات الرئيس تبون الذي صادف توليه رئاسة الجمهورية مع الأزمة الصحية التي لم تمس الجزائر فحسب، بل العالم أجمع، على عدم التفريط  في الجانب الاجتماعي مهما بلغت ذروة الأزمات، وقد سجلنا ذلك خلال أزمة كورونا عندما أكد الرئيس تبون أن صحة المواطن اهم من الاقتصاد.

وبعد التحسن التدريجي في الوضعية الصحية للبلاد وطي  ورشات الاصلاح السياسي، عبر تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في انتظار آخر محطة والمتمثلة في تنظيم الانتخابات المحلية نهاية شهر نوفمبر القادم، تعتزم الحكومة البت في الشق الاقتصادي، عبر التركيز على مخطط انعاش وتجديد الاقتصاد باعتباره محرك التنمية. غير أن النقلة النوعية التي يتوخى تجسيدها في هذا الجانب، ترتكز على تكييف الآليات المناسبة والفعالة لاستحداث رؤية جديدة مؤطرة لاقتصاد يقوم على ركائز  حقيقية عبر توفير الشروط اللازمة، على غرار عصرنة النظام المصرفي والمالي وإصلاح القطاع العمومي التجاري وحوكمة المؤسسات العمومية، فضلا عن تحسين جاذبية مناخ الاستثمار وضمان الاستقرار القانوني والمؤسساتي وإصلاح الشباك الوحيد بتوسيع صلاحياته حتى يكون في مستوى الدور المنوط به في خدمة المستثمرين.

كما يندرج تعزيز إدماج القطاع الموازي ضمن القنوات الرسمية، في سياق  هيكلة الاقتصاد حتى يكون مكملا  للاحتياجات الوطنية، فضلا عن  تشجيع المبادرة من خلال رفع التجريم عن فعل التسيير، عصرنة قطاع الفلاحة والصيد البحري وتنمية المناطق الريفية وترقية الصناعة الصيدلانية ودعم التنمية الصناعية للقطاع وتعزيز الإنتاج المحلي للأدوية. ولا يمكن لأي ورشة سياسية أو اقتصادية أن تسير في النهج المسطر لها دون تعزيز دولة القانون وتجديد الحوكمة، التي تصدرت مخطط برنامج الحكومة، حيث من شأنها إضفاء الشفافية ومواصلة مسار أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد، إصلاح تنظيم الإدارة العمومية ومراجعة أنماط تسييرها في إطار التحول الرقمي.

ويأتي التركيز على هذا المحور في سياق تفادي الانزلاقات المسجلة خلال العهد البائد، حيث كثيرا ما ميزت الصفقات الاقتصادية المبرمة شبهات بسبب تفشي المال الفاسد والتي لم تستثن حتى الجانب السياسي، مثلما رأينا ذلك في العهدات البرلمانية السابقة التي سادتها ثقافة "الشكارة". كما يحمل المخطط بعدا استشرافيا في مجال التكوين العالي للنخب، إذ يتجلى ذلك من خلال دعوة رئيس الجمهورية للاهتمام بالمدرستين الوطنيتين للرياضيات والذكاء الاصطناعي وتعزيز دورهما في تكوين النخب العالية التأهيل وطنيا ودوليا، فضلا عن ترسيم إنشاء الخواص لمدارس رياضة في مختلف التخصصات للمساهمة في تكوين النخب، وكذا إشراك أفراد الجالية في هذا المشروع.

ففي الوقت الذي يركز فيه القاضي الأول في البلاد على أهمية الإسراع في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية لضمان التنمية المستدامة، خصوصا تلك التي تحمل الطابع الاستعجالي، فإن رئيس الجمهورية يراهن على إرساء أرضية صلبة لاستحداث استراتيجية  تأهيلية جديدة للتطور العلمي الذي يخدم بالدرجة الاولى الاقتصاد الوطني.