أدخلت الرعب والهلع في نفوس السكان

النيران التهمت مئات الهكتارات بجيجل

النيران التهمت مئات الهكتارات بجيجل
  • القراءات: 792
نضال بن شريف نضال بن شريف

يعيش سكان العديد من بلديات ولاية جيجل منذ يوم الأحد الماضي، على وقع حرائق مهولة، أدخلت الرعب والهلع في نفوس الذين حاصرتهم النيران التي نشبت في الغابات المحيطة بهم. وأجبرت هذه الحرائق الكثير من العائلات على الهروب من منازلهم؛ خوفا من وصول ألسنة اللهب إليهم، خاصة أن الحرائق اندلعت في مناطق ذات تضاريس وعرة، كما أتت إلى حد الآن، على العشرات من رؤوس الأغنام والدواجن وخلايا النحل، والمئات من الأشجار المثمرة وأشجار الزيتون، إضافة إلى إتلاف المئات من أشجار الفلين والبلوط ومختلف المكونات الغابية.

ومن بين أخطر الحرائق التي اندلعت بولاية جيجل، حريق منطقة أباينو ببلدية تاكسنة الذي شب نهاية الأسبوع الفارط؛ حيث تنقّل، أول أمس، والي جيجل عبد القاجر كلكال بمعية رئيس المجلس الشعبي الولائي وقائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني والمدير الولائي للحماية المدنية، إلى منطقة أباينو لمتابعة عملية إخماد الحرائق، والوقوف على الوضعية الكارثية وحجم الخسائر التي خلفتها هذه الحرائق عبر مختلف بلدية تاكسنة، وأكد أنه تم تسجيل 30 حريقا منذ تاريخ 9 أوت 2021 على مستوى 15 بلدية، تم إخماد 20 حريقا منها، فيما لاتزال الجهود متواصلة لإخماد باقي الحرائق عبر إقليم الولاية، موضحا أن جهودا تُبذل من طرف مختلف الأسلاك (مصالح الحماية المدنية، محافظة الغابات، أفراد الجيش الوطني الشعبي، الدرك الوطني وعمال البلديات) من أجل الحفاظ على أرواح المواطنين. وتم توفير مختلف الوسائل المادية والبشرية لإخماد هذه الحرائق، ومن حسن الحظ لم تسجل أي خسائر بشرية إلى حد الساعة، مضيفا في ذات السياق، أنه تم تنصيب خلية على مستوى الولاية لمكافحة الحرائق، إضافة إلى 11 خلية عبر مختلف الدوائر، لتقييم الخسائر المسجلة، وتعويض المتضررين من الحرائق.

والي جيجل خلال لقائه بأبناء المنطقة نوّه بالهبة التضامنية للمواطنين، ووقوفهم جنبا إلى جنب أعوان الدولة المتدخلين في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد، مطمئنا المواطنين بأن الدولة ستتكفل بالخسائر التي لحقت بممتلكاتهم. كما قام عبد القادر كلكال بزيارة لمفرزة الجيش الوطني الشعبي المرابطة بالمنطقة، لتقديم الشكر لأفرادها الساهرين على أمن وسلامة المواطنين.

وحسب تصريح رئيس مكتب الحيوانات والنباتات بمحافظة الغابات عبد العالي باكير لــ "المساء"، فإن المساحة المتلفة من الغابات بإقليم ولاية جيجل، حسب التقديرات الأولية، فاقت 500 هكتار من مختلف المكونات الغابية من أشجار البلوط والزان والفلين والأدغال والأحراش، وكذلك عشرات الهكتارات من الأشجار المثمرة وأشجار الزيتون، ومختلف المزروعات الجبلية التي تقوم عليها حياة القرويين، وإتلاف إسطبلات ومداجن وخلايا نحل، موضحا أن مصالح الغابات لم تتمكن من إحصاء كل الخسائر في ظل استمرار الحرائق في عدد من المناطق، خاصة بالبلديات التي عرفت نشوب أكبر الحرائق في مختلف المواقع، ومنها الذي مازال مشتعلا إلى حد الآن ببلديات تاكسنة، والسطارة، وبرج الطهر، والميلية، والشقفة، والعنصر، وزيامة منصورية وبلدية الجمعة بني حبيبي.

كما أوضح المسؤول أن هناك تجندا كبيرا بقيادة محافظ الغابات، وقائد القطاع العسكري ومدير الحماية المدنية، لنقل عدد كبير من أعوان الغابات وأفراد الجيش وأعوان الحماية المدنية على مستوى خط النار بــ "أولاد صمعون"، مشيا على الأقدام، باستعمال الوسائل المحمولة؛ لمنع انتقال ألسنة اللهب إلى منطقة "تساروبيا" ببلدية برج الطهر.

وأشارت خلية الإعلام والاتصال بمديرية الحماية المدنية، إلى وجود 8 حرائق كبيرة لاتزال مشتعلة بكل من العقيبة ببلدية السطارة، ومنطقة الزوبية بأعلي جبال الشقفة، و«بوميدول" ببلدية برج الطهر، والعنصر وزيامة منصورية والميلية. وتبذل المصالح المختصة مجهودات جبارة لمحاصرة هذه الحرائق ليل نهار، خاصة بمنطقة بوميدول ببلدية برج الطهر، التي لم تنطفئ نيرانها بعد في ظل التضاريس الوعرة؛ مما صعّب على آليات الإطفاء الوصول إليها؛ ما اضطر المتدخلين للاعتماد على الأرجل لصعود الجبال، وسحب خراطيم المياه للوصول إلى مواقد النيران التي لاتزال تشتعل في هذه المناطق المتحولة إلى رماد.

كما انطلقت، مساء أول أمس، فرقة من الرتل المتنقل إلى منطقة بوميدول، لتدعيم الفرق المتواجدة هناك، في ظل توسع انتشار رقعة الحرائق التي تحاصر السكان المجاورين، والتي خلّفت أضرارا وخيمة على ممتلكاتهم.

وحسبما استقينا من أخبار مؤكدة، فإنه بالنظر إلى صعوبة التحكم في النيران بمنطقة بوميدول، تم الاستعانة بمروحية للإطفاء، فيما طالب السكان بطائرات الإطفاء بسبب هول الحريق؛ إذ وصلت ألسنة اللهب إلى عتبة المنازل، فيما أحرقت البعض منها. كما أتت النيران على كل الثروة الغابية، وعشرات الماشية وخلايا النحل والزيتون والأشجار المثمرة. واضطر العديد من العائلات للفرار من بيوتهم؛ حفاظا على أرواحهم.

وأشار شهود عيان إلى مشاهدتهم أعدادا كبيرة من الحيوانات البرية وهي تستنجد بالفرار عبر المسالك؛ هروبا من ألسنة اللهب إلى الأماكن التي تتواجد فيها تجمعات سكانية بمناطق الجوار.