في انتظار روايتيه “حارسة الظلال” و”ليالي إيزيس كوبيا”

ترجمة رواية “الغجر يحبون أيضا” لواسيني الأعرج إلى الفارسية

ترجمة رواية “الغجر يحبون أيضا” لواسيني الأعرج إلى الفارسية
  • القراءات: 837
لطيفة داريب/ الوكالات لطيفة داريب/ الوكالات

كشف الروائي واسيني الأعرج في صفحته الفايسبوكية، عن ترجمة روايته “الغجر يحبون أيضا”، إلى اللغة الفارسية، في انتظار أن يكون لروايتيه “حارسة الظلال” و"مي: ليالي إيزيس كوبيا”، نفس المصير في الأيام القليلة المقبلة.

قدّم الروائي واسيني الأعرج تشكراته للأستاذ حميد رضا مهاجراني، الذي ترجم روايته “الغجر يحبون أيضا” إلى اللغة الفارسية.

وظهر واسيني في صور، يتصفح نسخة من روايته المترجمة. كما عبرّ من خلال منشور له، عن سعادته بالطباعة الحرفية والأنيقة لنسخه الصادرة عن دار تحترم صناعة الكتاب. وتحدّث أيضا عن الصدور الوشيك للترجمة الفارسية لروايتيه “حارسة الظلال” و"ليالي إيزيس كوبيا”، الأولى عن طريق الأستاذ حميد رضا مهاجراني، والثانية من إنجاز الدكتورة شوكو حسيني.

وتحكي رواية “الغجر يحبون أيضا”، قصة حب تجمع بين أنجلينا وخوسيه أورانوا، تجري أحداثها في حلبة مصارعة الثيران بمدينة وهران، وهي أحد أهم المعالم التاريخية التي خلّفها الإسبان. وتصور بجلاء شغف الغجر بالحرية والحياة الطلقة المليئة بالموسيقى والرقص. كما تصور نمط عيش خاص بطبعه، فيه الجيد والرث كباقي المجتمعات، ليبقى عالم الغجر، حسب واسيني الأعرج، جامعا للمتناقضات بذكاء مميز. وأضاف واسيني في لقاءات صحفية، أن روايته هذه تستنطق التاريخ الذي لفظ حقبة شعب، شكلت هويتهم الغجرية “عيبا”، فأبيحت فيهم التصفية العرقية، ليجدد التاريخ عهده بهم بنسيان الهولوكوست الذي طالهم وطال اليهود، فيذكر الأخير، ويغيب الغجر عن الذاكرة التاريخية. كما يستنطق الوعي بخصوصية الأقليات، وضرورة الانصهار تحت مكون المواطنة؛ حفظا للحقوق، وتمتينا للحمة الوطنية.

أما رواية “حارسة الظلال” فقد صدرت سنة 1997. واختيرت ضمن أفضل خمس روايات صدرت بفرنسا. وقد لاقت هذه الرواية شهرة كبيرة في الأوساط الثقافية الجزائرية والعربية على حد سواء.

واستخدم المؤلف في “حارسة الظل” شخصية حسيسن المستشار الثقافي بوزارة الثقافة بطلا لروايته، فالرواية تمر كلها بصوت الراوي حسيسن المنكسر، والذي سقط من منصب مستشار ثقافي إلى طريدة بتروا لسانه وذكره، بعد اتهامه ظلما بتخريب الثقافة الوطنية والعمالة للغرب.

وقد استعمل واسيني الأعرج قناعا ذكيا لإحدى شخصياته، متمثلا في دون كيشوت؛ الشخصية الروائية التي صنعها سرفنتس (عراب الرواية الأوروبية)، وعادت مرة أخرى، ولكن هذه المرة من حفيد الجد سرفنتس؛ حيث ساقها واسيني بشكل معقول؛ فالشاب فاسكيس صحفي مجتهد قدم إلى الجزائر متتبعا خطوات جده الأول ميغال سرفنتس، ليجمع آثاره ويكتب عنه سيرة موثقة، وهو الذي قضى من عمره خمس سنوات سجينا بالجزائر. وتتشابه الشخصيتان الدونكشوتيتان في الفشل والبساطة وسوء الحظ.

أما رواية “مي: ليالي إيزيس كوبيا”، فقد نشرها واسيني في 2017، ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2019، المعروفة باسم “جائزة بوكر العربية”.

في 350 صفحة وعن دار الآداب يكتب الروائي واسيني الأعرج بلغة شاعرية جدا وعاطفية بامتياز، عن ماري إلياس زيادة الناصرية، فراشة الأدب ولؤلؤته المتألقة، عن محنتها في جحيم العصفورية وما بعده حتى وفاتها، وعن مستشفى العصفورية الذي زُجت فيه مي ظلما وبدون رغبتها، لتخرج منه بعد أكثر من عشرة أشهر محطمة كليا ومنهارة نفسيا، وحيدة ومنعزلة، وهي الأديبة التي كرست كل حياتها للأدب.

هي رواية في شكل مخطوطة، تبدأ بفصلها الأول القوي في بنيته جدا والطويل بعنوان “في ملابسات مخطوطة ليالي العصفورية”، يروي فيها قصة البحث عن يوميات مي، التي كتبتها بنفسها وبلغتها الأدبية الراقية. هذه اليوميات التي اعتُقد أنها ضاعت منذ سبعين سنة أو حتى أن مي نفسها أحرقتها، لكن واسيني كشف عن هذه اليوميات بطريقة تتركنا نسمع صوت مي وكأنها أمامنا تحكي لنا قصتها المؤلمة، نسمع نحيبها ونشيجها، نحس بألمها عن قرب، وتُدخلنا في عالمها الوحيد.

ثم ينتقل بنا إلى المخطوطة نفسها بفصولها الأربعة؛ قصة الظلم الذي تعرضت له في مستشفى المجانين العصفورية، والذي دخلته ضد رغبتها؛ فقد أدخلها أبناء عمومتها طمعا في ثروتها وممتلكاتها القيمة، وهي التي استنجدت بهم كي يساعدوها في محنها الثلاث التي توالت الواحدة بعد الأخرى، كانت الأولى عند موت أبيها الصحفي في جريدة المحروسة التي كانت تساهم فيها بمقالاتها الجميلة، والثانية عند موت أمها التي كانت قريبة منها جدا، والثالثة عند موت جبران خليل جبران حب حياتها الأبدي، الوحيد الذي أحبته بكل جوارحها، وهي التي لم تلتقِ به أبدا، لكن قلبها كان ينشد جبران في كل لحظة، لتنتهي الرواية بخروج مي من العصفورية شاحبة جدا، مكسورة منهارة نفسيا وجسديا، لم يتكلم أحد عنها غير أمين الريحاني، الذي أعطاها منزلا بعدما وجدت نفسها مفلسة تماما، لتعود بعد كل ما حدث، إلى الجامعة الأمريكية في ويست هول، وتقدم خطابا كان الكل يترقبه. بعض الذين تسببوا في دخولها العصفورية كانوا بين الحضور، ربما حتى يتأكدوا من جنون هذه الكاتبة التي شغلت الواقع العربي؛ هل ستنفجر صارخة في وجوههم كالمجنونة؟ لكن مي زيادة فعلت عكس ذلك تماما؛ ألقت خطابا مؤثرا جدا. والغريب في الأمر أن المحاضرة كانت بعنوان “رسالة الأديب”، وهي المظلومة التي عذبت ظالمها بنجاحها وتفوّقها. وبعد كل الذي عانته بقيت وفية للأدب، لينفجر واسيني بكلمات أخيرة قوية مبكية: “إن الحَجْر على هذه النابغة هو حجْر على الأدب العربي، وعلى الأمَّة العربية، وعلى العبقرية العربية؛ فلا تعدموها بسطرين من قلمكم.. وهي عاقلة فلا تجعلوها بحكمكم مجنونة! إن في عمقها قيدا، وهي السيدة الفريدة المبجلة، فاخلعوه عنها، ودعوها تتنشق الهواء الطلق، فوراءها الملايين من الخلق ينتظرونها”.