"المساء" تدخل بين ثنايا المرسوم الخاص بالمسارح

هذا ما يُنتظر من القانون الجديد

هذا ما يُنتظر من القانون الجديد
محمد بوكراس- لخضر منصوري
  • القراءات: 852
دليلة مالك دليلة مالك

ينتظر المسرحيون، من ممارسين وفاعلين وأكاديميين ونقاد، المرسوم التنفيذي الخاص بالمسارح في الجزائر، بآمال كبيرة، حتى يتغير وضع القطاع إلى الأحسن، لذلك سألت "المساء" دكتورين في المسرح، من أجل تقصي انطباعهما حول الموضوع، هما محمد بوكراس، ولخصر منصوري، اللذان يترقبان هذا القانون بثمار إيجابية في الأفق. 

أكد، في هذا الصدد، الدكتور محمد بوكراس لـالمساء، أن المرسوم التنفيذي الخاص بالمسارح، يمكن مناقشته في سياقه، بالعودة إلى ورشة إصلاح المسرح التي بادرت بها وزارة الثقافة والفنون، مطلع هذه السنة، والذي كان يشمل عدة ملفات، مثل التكوين، المسرح الجامعي، مسرح المبادرة، مسرح الهواة وغيرها. أضاف بوكراس أن مهمة إعداد هذا المشروع، اشتغل عليها عدد من الباحثين والمختصين، وجهودهم كانت ضمن ورشة الإصلاح، وذكر أنه من بين الإصلاحات المنتظرة؛ إيداع مشاريع قوانين لدى الحكومة في المسرح والسينما، والكتاب.

إعادة الاعتبار للمسرح من الناحية القانونية

بالنسبة للفن الرابع، يرتقب إعادة الاعتبار للمسارح من الناحية القانونية، وقال: لو قمنا بمسح تاريخي للترسانة القانونية المتعلقة بتنظيم المسارح في الجزائر، نرى أنها زهيدة جدا، والبداية كانت مع تأميم المسرح الجزائري في 8 جانفي 1963، ثم المرسوم التنفيذي الذي ينص على اللامركزية الذي فتح المسارح في ست مناطق جهوية عام 1972، ثم جاء المرسوم الذي ينظم المهرجانات في 3 سبتمبر 2003، .. هذه أهم المحطات القانونية التي عرفها المسرح، دون الحديث عن بعض المراسيم.."

أشار المتحدث إلى أن مراجعة الجانب القانوني المتعلق بالمسارح، في مرسومه التنفيذي الجديد، هي مراجعة عميقة وجاءت مواكبة للتطورات الحاصلة في المجتمع، لاسيما في الاقتصاد الحديث، لأن هناك توجها لتحرير مجال المبادرة في الإنتاج الثقافي والتسويق الثقافي والفني، بالتالي من الضروري تعديل القوانين، وفق الوضع الراهن.

مصطلح التعاونيات لا يمثل التوجه الاقتصادي الجديد

تابع بوكراس "البداية بالخروج من كلمة المسرح الوطني والمسارح الجهوية، اليوم في الجزائر هناك 19 مسرحا، وفي الأفق القريب ستفتح أخرى، بالتالي فنحن نتجه نحو مسرح في كل ولاية، لذلك كلمة جهوي لن يكون لها معنى أو مدلول، والأحرى تسميته بمسرح عمومي، ويقال إنه مسرح خاص"، وأردف: "صحيح أنه في السابق كانت هناك ممارسات للمسرح الخاص عن طريق الجمعيات والتعاونيات، بداية من عبد القادر علولة في سنوات التسعينات، وتكاثرت مع مرور الوقت وفرضت وجودها وتعاملت مع وزارة الثقافة، لكن من الناحية القانونية، كانت تنشط تحت لواء قانون تسيير التعاونيات الفلاحية".    

وقال إنه حان الوقت لمراجعة شاملة لهذه المفاهيم، مشيرا إلى أنه "في البداية، كان التفكير حول إيجاد صيغة لتحسين الجانب القانوني للتعاونية الثقافية"، موضحا أن "كلمة تعاونية تحيل إلى نمط اقتصادي معين، وهو النظام الاشتراكي، واليوم مع الاقتصاد الجديد لم يعد هناك حديث عن تعاونيات، وجاء التفكير في هذه المواكبة التي تتحدث عن الاقتصاد، وعن المسرح الحر الذي يمكن كل شخص يريد الاستثمار في المجال". أضاف: "القانون الجديد يسمح ويواكب هذه التطلعات، من خلال فتح المجال أمام الراغبين في خوض تجربة مؤسسة ثقافية، ومنها الخوض في تجربة الصناعة المسرحية والثقافية عموما".

بخصوص التعديلات المزمع إجراؤها، كشف المتحدث أنها "تتمثل في تحويل المسرح الجهوي إلى مسرح عمومي، يقابله مسرح خاص، بغية تكييف الإطار القانوني الذي تخضع له المؤسسات المسرحية مع أفاق التطوير المتضمنة لمخطط وطني لتهيئة الإقليم، وغيرها من مشاريع القوانين، التي تم الاتكاء عليها للخروج بهذا المرسوم التنفيذي، وأيضا تصحيحات في مختلف الاختلالات، والاستجابة الحقيقية للتطلعات التي يريدها المجتمع، وتشجيع بعث المسرح الجزائري الذي يزخر بقدرات إبداعية معتبرة، وهذه التعديلات هي ثمرة التفكير والتشاور المعمق".

القانون يجنب المسرح الخاص النشاط الهابط

هذا المرسوم التنفيذي، حسب المتحدث، في مادته السادسة، يتحدث صراحة عن تقسيم المسارح إلى صنفين، مسرح عمومي ومسرح خاص، ويتولى المسرح ضمن تجسيد السياسة الثقافية للدولة، ترقية الفنون المسرحية وفنون العرض وتعميم ممارستها، ومن مهامه إنتاج أعمال مسرحية وتوزيعها، والإنتاج المشترك مع المؤسسات المماثلة ومع الجمعيات والفرق المسرحية، ومرافقة المواهب في الفنون المسرحية، لاسيما الناشئة منها في مجال الفنون الأدائية، تنظيم العروض الحية، رصد ومتابعة وبعث الحركة المسرحية على المستوى المحلي والوطني، تطوير وصقل الذائقة المسرحية، لاسيما عند الأطفال، تنظيم ورشات للتكوين وندوات وملتقيات، إصدار نشريات متخصصة في المسرح، تطوير التبادلات مع الهيئات والمنظمات والمؤسسات، حفظ الأرشيف المسرحي ورقمنته. وذكر في نفغس السياق أن "المسرح العمومي محكوم بقوانين، لأن المدير معين بقرار من وزير الثقافة، ويخضع إلى إمضاء عقد النجاعة مع مصالح وزارة الثقافة، ويتولى تقييم النتائج المحققة بصفة دورية".

بالنسبة للمسرح الخاص، فهو "فضاء فني تجاري يضطلع بكل نشاط يتعلق باستغلال قاعة الإنتاج، وتنظيم العروض في الفنون المسرحية والفنية الموجهة للجمهور"، وقد ينتظر البعض أن يتجه هذا المسرح الخاص إلى التجاري الهابط، غير أن القانون، حسب المتحدث، "يفرض على المستثمر في المسرح، أن يستثمر أكثر من 70 في المائة من نشاط المؤسسة وأموالها وبرنامجها في النشاط المسرحي، تحديدا عرضا وتوزيعا وتكوينا، ويترك له 20 بالمائة من النشاط التجاري المربح، مثل الحفلات التي تدر بعوائد مالية، لكن يبقى النشاط الرئيس هو المسرح".     

القانون الجديد يجب أن يكون حاملا للتعدد والاختلاف

من جهته، قال الدكتور لخضر منصوري لـ"المساء"، إن فكرة مشروع المرسوم التنفيذي الجديد المتعلق بتسيير المسارح في الجزائر، يجب أن تكون حاملا للتعدد والاختلاف، بهدف أن يكون هناك العديد من المسارح من حيث الأساليب والمدارس الإخراجية (كوميديا، تراجيديا، مسرح الطفل، وغيرها)، مشيرا إلى أن الفنانين المسرحيين كلهم تمنوا منذ سنوات، إطلاق هذا القانون.

أكد منصوري أن كل ما يحمله المشروع، يجب أن يتم تحت رعاية الوصاية، ومساهمة الدولة لا تنقطع من خلال البرامج ودعم المبادرات الخاصة، ودعم الإنتاج المسرحي ضمن فكرة التعاون بين المسارح الخاصة والمسارح الحكومية. وأشار المتحدث إلى ضرورة الاهتمام بخريجي المعاهد والجامعات، من خلال قانون يحميهم من الناحية الاجتماعية، ومساعدتهم في تقديم عروضهم، من خلال توزيعها عبر مسارح الوطن. ينتظر الدكتور من هذا المشروع، أن يلبي الحاجيات الاجتماعية والفنية، ذلك أن الجزائر تزخر بالكثير من الطاقات الشبابية، خاصة التي تساهم لا محالة، في تنويع المنتوج الثقافي والمسرحي خصوصا، وخص بالذكر، المدن الداخلية التي تعاني كثيرا من قلة الإنتاج المسرحي، وبها يمكن القضاء على آفات اجتماعية، وبذلك يمكن للمسرح أن يؤدي وظيفته الاجتماعية المنوطة به.