لقاءات تشاورية وسياسية في عديد المناسبات

الرئيس تبون يُعيد الحياة للطبقة السياسية بالحوار والتشاور

الرئيس تبون يُعيد الحياة للطبقة السياسية بالحوار والتشاور
رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون
  • القراءات: 365
مليكة. خ مليكة. خ

❊ الإصغاء لقادة الأحزاب والنخبة في أمّهات القضايا

❊ تكريس منهج التوافق في حلحلة المشاكل وغلق الملفات

أرست اللقاءات التشاورية التي أجراها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مع الكتل الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة لتشكيل الحكومة وهي الأفلان، الأحرار، حمس، الارندي، جبهة المستقبل وحركة البناء، تقليدا جديد في الممارسة السياسية في الوقت الذي ظلت فيه أبواب الرئاسة مغلقة لسنوات في وجه التشكيلات الوطنية، رغم أن سقوط الأغلبية البرلمانية لا يلزم القاضي الأول في البلاد بإجراء هذه المشاورات، كون الدستور يمنحه صلاحية تعيين الحكومة وكذا الوزير الاول. 

وبناء على أسمى وثيقة قانونية في البلاد، فإن لرئيس الجمهورية  صلاحية تعيين الوزير الأول  في الوقت الذي يجمع فيه متتبعون للشأن السياسي الوطني، أن لجوئه للتشاور مع الأحزاب يندرج في إطار الاخلاق السياسية، التي حرص على تجسيدها منذ البداية، على غرار التحضير لاستفتاء الدستور وقانون الانتخابات وأخيرا التحضير للانتخابات النيابية، حيث استقبل مختلف الاحزاب التقليدية منها والجديدة فضلا عن فعاليات المجتمع المدني دون تمييز. وبعد استقباله للكتل الفائزة، يترقب متتبعون إعلان الرئيس تبون عن اسم الوزير الاول خلال الساعات القادمة، حيث يرجح البعض أن تكون شخصية "تكنوقراطية" في ظل غياب الاغلبية البرلمانية، واستنادا  للدستور الذي يمنح لرئيس الجمهورية صلاحية ذلك.

الوزير الاول همزة وصل بين الحكومة والبرلمان

ولن يكون للوزير الأول أي صلاحية سياسية أو برنامج خاص به، بل سيكون همزة وصل بين رئيس الجمهورية والبرلمان وسيخضع لتنفيذ برنامج الرئيس، في الوقت الذي تشير فيه الحالة الدستورية الحالية إلى وجود مساندة من معظم الأحزاب التي تحصلت على كتل برلمانية، لرئيس الجمهورية، مما يقودها لتشكيل تحالف الاغلبية الرئاسية.ومن بين ما حمله المشرّع من فرق في الصلاحيات بين "الوزير الأول" و"رئيس الحكومة"، هو ما تضمنته المادتان 105 و110 من الدستور، فالوزير الأول يكلف باقتراح تشكيل الحكومة من قبل الرئيس، كما جاء في المادة 105 التي تنصّ: "إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية، يعيّن رئيس الجمهورية، وزيرا أول ويكلفه باقتراح تشكيل الحكومة وإعداد مخطط عمل لتطبيق البرنامج الرئاسي الذي يعرضه على مجلس الوزراء".

وعليه فإن الوزير الاول لا يتعدى دوره اقتراح أسماء الحكومة على رئيس الجمهورية، ويمكن لهذا الأخير قبول أو رفض أو تعديل التشكيلة الحكومية، في حين أن رئيس الحكومة لا يقترح على الرئيس أعضاء الحكومة، وإنما يشكل الحكومة ويعرضها على الرئيس، كما جاء في المادة 10 التي تنصّ: "إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية غير الأغلبية الرئاسية، يعين رئيس الجمهورية رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية، ويكلفه بتشكيل حكومته وإعداد برنامج الأغلبية البرلمانية".

وباستثناء هذا الفرق (في تشكيل الحكومة) لا تبدو هناك فروقات أخرى جوهرية في الصلاحيات، وفق مواد الدستور، بل إن "الوزير الأول" كما "رئيس الحكومة" يتقاسمان الكثير من الصلاحيات، حددتها المادة 112 والمتمثلة في توجيه وتنسيق ومراقبة عمل الحكومة، توزيع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة، تطبيق القوانين والتنظيمات، رئاسة اجتماعات الحكومة، فضلا عن توقيع المراسيم التنفيذية والتعيين في الوظائف المدنية للدولة التي لا تندرج ضمن سلطة التعيين لرئيس الجمهورية أو تلك التي يفوّضها له هذا الأخير، كما يسهران على حسن سير الإدارة العمومية والمرافق العمومية.

الأولوية للملفات الاستعجالية

وأجمعت تصريحات الأحزاب والاحرار على أهمية ونوعية مبادرة رئيس الجمهورية الذي أبى إلا أن يستمع لمقترحاتهم، كونهم معنيون برفع التحديات التي ستواجهها البلاد، خصوصا فيما يتعلق بالاستجابة لانشغالات المواطن واعطاء الاولوية للملفات الاستعجالية وتنفيذ برنامج رئيس  الجمهورية.

كما تجلى ذلك في تصريحات ممثلي الأحزاب الذين عبروا عن وجهات نظرهم بخصوص ما يجب أن تكون عليه الحكومة القادمة، ففي الوقت الذي أعرب فيه الأمين العام لجزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي عن أمله في أن تكون الحكومة القادمة سياسية لتحمل مسؤوليتها، يرى الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الطيب زيتوني، أن الحكومة الجديدة ستكون حكومة "للكفاءات وليس لتوزيع الغنائم".أما رئيس حركة البناء الوطني، فقد أكد على ضرورة تشكيل حكومة "كومندوس"، لمواجهة التحديات الواقعة والمتوقعة على مستوى الجبهة الداخلية والمحيط الإقليمي، في حين أكد رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد أن الجزائر أمامها اليوم "تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب وحدة جميع القوى السياسية الوطنية، من أجل دفع عجلة النمو وإيقاف بعض الأبواق التي تريد كسر شوكة الجزائر". 

ويرى مراقبون أن مثل هذه اللقاءات التي لقيت استحسان الكتل الفائزة، كونها تعزز ثقافة الحوار بين الرئاسة والأحزاب السياسية، قد كشفت عن مواقف التشكيلات الوطنية التي عبرت عن التفافها حول برنامج رئيس الجمهورية لتحقيق الاهداف المسطرة، مما يكرّس ملامح المرحلة القادمة التي سيميزها الانسجام بين الحكومة والبرلمان، خصوصا مع دخول الأحزاب في الهيئة التنفيذية إلى جانب الاسماء "التكنوقراطيةالتي سيختارها القاضي الاول في البلاد لتولي بعض الحقائب الوزارية. وبلا شك فانه أمام الحكومة الجديدة عدة تحديات، أبرزها تجسيد القرارات الاجتماعية والاقتصادية التي يعلنها الرئيس تبون في كل مرة يجتمع به بالطاقم الوزاري وذلك وفق السرعة القصوى، فضلا عن بناء اقتصاد وطني قوي ومتنوع يحصن الأمة من التبعية القاتلة للخارج وللمحروقات، مع منح الأولوية للمجال الاجتماعي.

وكثيرا ما ركّز رئيس الجمهورية على ضرورة تحقيق التنمية الوطنية الشاملة، موازاة مع انتهاج الدولة لأسلوب الصرامة في تسيير المال العام، فضلا عن تشجيع الشباب لتمكينه من خلق  مؤسسات اقتصادية ناشئة ومنحها الامتيازات اللازمة لتحقيق النجاح وتثمين الانتاج الوطني.