في ظلّ الخارطة الجديدة وصعود الأحرار

من سيرأس "البرلمان" القادم؟

من سيرأس "البرلمان" القادم؟
  • القراءات: 470
مليكة. خ مليكة. خ

  ❊ هكذا يُنتخب رئيس المجلس الشعبي الوطني..وهذه شروط الترشح 

❊ تراجع حظوظ الأحزاب "المغضوب عليها".. وتصاعد خيار التوافق

يفرز سقوط الأغلبية البرلمانية، برأي أوساط مراقبة، عدة سيناريوهات بخصوص طبيعة الشخصية التي ستتولى رئاسة المجلس الشعبي الوطني، بالنظر إلى التركيبة الجديدة التي ستشهدها الغرفة السفلى، وفق النتائج التي أعلنها، أمس، رسميا المجلس الدستوري، بعد دراسته للطعون، وكذلك في ضوء تراجع دور الأحزاب التقليدية وتحرك الأحرار لتشكيل ائتلاف داعم لبرنامج رئيس الجمهورية، فضلا عن الدور المتنامي للأحزاب الحديثة النشأة التي تبحث عن مكان لها خلال العهدة النيابية.

وتطرح التشكيلة الجديدة التي أسفرت عنها تشريعيات جوان الماضي، الكثير من السيناريوهات بخصوص انتخاب رئيس المجلس الجديد، حيث يقر مراقبون بصعوبة الجزم في الشخصية التي ستنتخب لقيادة الهيئة التشريعية بالنظر لعدم بروز أي معطيات، وكذلك في ظل مؤشرات قد تقلب الموازين والتي يتوخى منها تغيير الصورة النمطية للمجلس الذي لطالما سيطرت عليه الأحزاب التقليدية التي أصبحت "مكروهة" بسبب أساليبها السابقة خلال العهد البائد. فطبقا للمادة  114 من الدستور والمادة 11 من القانون العضوي الذي يحدّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، ينتخب رئيس المجلس الشعبي الوطني بالاقتراع السري في حال تعدّد المترشحين، ويعلن فوز المترشح المتحصل على الأغلبية.

أما في حال تعادل الأصوات يعتبر فائزا المترشح الأكبر سنّا، وفي حال المترشح الوحيد يكون الانتخاب برفع اليد ويعلن فوزه بحصوله على أغلبية الأصوات. وطبقا للمادة 104 من الدستور  يشكل المجلس الشعبي الوطني في الجلسة الأولى للفترة التشريعية، لجنة إثبات العضوية التي تتكون من 20 عضوا حسب التمثيل النسبي. ويتولى المجلس إثبات عضوية أعضائه طبقا لإعلان المجلس الدستوري، مع مراعاة ما قد يتخذه هذا الأخير لاحقا من قرارات إلغاء انتخاب أو إعادة النظر في النتائج.

وبعد ترسيم النتائج من طرف المجلس الدستوري، لا يستبعد  متتبعون أن يكون السباق لتولي هذا المنصب حامي الوطيس، إذ في الوقت الذي ستسعى فيه الأحزاب التقليدية لاسترداد مجدها من خلال ضمان الرئاسة، سيكون أمام الأحزاب الحديثة النشأة والتي خصّها رئيس الجمهورية بالأولوية في استقبالاته، مجال لإثبات ذاتها  ومحاولة التموقع عبر رئاسة المنصب لتعويض خسارتها في حصد أكبر عدد من المقاعد. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن نتائج التشريعيات قد أسفرت عن فوز 6 قوى تمثل التيارات الوطنية والإسلامية، فضلا عن الأحرار الذين فازوا في المرتبة الثانية، إلى جانب صعود بعض الأحزاب الصغيرة.

كما بدا جليا انتعاش الإسلاميين في هذه الانتخابات على غرار حركة حمس التي تحصلت على 64 مقعدا وحركة البناء الوطني على 40 مقعدا، في الوقت الذي يستبعد فيه متابعون للشأن السياسي الوطني تحالفهما لأسباب موضوعية وزعامتية. والأمر ذاته بالنسبة لحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمّع الوطني الديمقراطي، حيث يرى مراقبون استحالة تحالفهما في سياق عدم تكرار تجربة العهدات النيابية السابقة والتي لم تكن في مستوى الاستجابة لتطلعات الشعب، خصوصا بعد ثبوت تورط نواب  ووزراء من الحزبين في قضايا فساد. وهو ما ساهم بلاشك في الانتقاص من مكانة هذين الحزبين، فضلا عن أن التشكيلتين وبناء على نتائج التشريعيات لا تستوفيان النصاب حتى إذا قرّرتا التحالف لإنقاذ نفسيهما.

وفي ظل تمسّك رئيس الجمهورية بوضع قطيعة مع الأداء البرلماني السابق بسبب تدخل المال الفاسد وغير الفاسد في السياسة، فضلا عن "الشكارة" التي ميّعت في التجارب الماضية، المهمة الحقيقية للنائب الذي يفترض أن ينصب دوره أساسا على خدمة انشغالات الشعب، فإنه يتوخى من  التركيبة الجديدة ضخّ دم جديد في العمل البرلماني. وعلى هذا الأساس يرجّح مراقبون أن يعتلي منصب الرئاسة عضو من الأحرار في ظل التحركات التي يقومون بها كقوة ثانية في الهيئة التشريعية، ما يعني أن سياسة التحالفات والائتلافات ستفرض نفسها بقوة خلال العهدة النيابية الجديدة، لتكون كلمة الفصل في الاقتراع السري الذي من شأنه أن يكشف لنا المفاجئات.

والأهم من كل ذلك برأي مراقبين، هو أهمية الالتفاف حول البرنامج الذي سيسطره البرلمان، كونه سيركز على تحقيق التوافق ومسايرة التغيير وبناء الجزائر الجديدة التي يرافع من أجلها رئيس الجمهورية، وذلك بفسح المجال أمام الكفاءات التي تتمتع بمستوى جامعي، وهو ما يتجلى من خلال النتائج التي أكدت فوز أكثر من 75% من الجامعيين بالمقاعد الخضراء . ويرى متتبعون أنه على الرغم من نسبة المشاركة المتدنية في التشريعيات والتي بلغت 23.03%، إلا أنها نجحت في كسر  بعض الممارسات المألوفة خلال التجارب الماضية، خصوصا ما تعلق بشكاوى تسجيل التزوير وإلغاء نظام المحاصصة، مقابل تشجيع النوعية وفسح المجال أمام الشباب للاحتكاك بالعمل السياسي  والاستعانة بالوجوه الجديدة والتي كانت من أبرز مطالب الحراك الشعبي الأصيل والأصلي.

وإذ تعزز نتائج الانتخابات التشريعية "السيسبانس"، إزاء ما سيفرزه الاقتراع السري لانتخاب "الرجل الثالث في الدولة" في ظل المنافسة الشرسة التي ينتظر أن تشهدها العملية، تبقى الأنظار مشدودة إلى الغرفة السفلى التي يراهن أن تواكب تحديات "الجزائر الجديدة" التي بدأ في تجسيدها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الذي مدّ يده للجميع، دون استثناء، من أجل بنائها.