بعد سقوط الأغلبية البرلمانية.. رئيس الجمهورية سيختار وزيرا أوّل

"حكومة كفاءات" لإتمام التغيير والإصلاحات

"حكومة كفاءات" لإتمام التغيير والإصلاحات
  • القراءات: 464
مليكة. خ مليكة. خ

❊ هذه الملفات والأولويات و"الاستعجالات" في انتظار الطاقم القادم 

❊ "الأحرار".. رقم جديد في معادلة التركيبتين التشريعية والتنفيذية

❊ نتائج التشريعيات ترسم خارطة مغايرة وتنهي عهد "ليّ الذراع"

تتجه أنظار المراقبين والسياسيين، ومعهم المواطنين، إلى ما ستكون عليه ملامح الحكومة الجديدة، بعد عشرة أيام من تنظيم الانتخابات التشريعية المسبقة، -في انتظار "إعلان" المجلس الدستوري قر يبا- والتي يراهن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على أن تكون "لبنة في مسار مسعى التغيير وبناء جزائر ديمقراطية أقرب للمواطن مما مضى"، حيث وضعت النتائج التي أفرزها صندوق الاقتراع، المهتمين بالشأن السياسي أمام عدة سيناريوهات إزاء التشكيلة القادمة التي ستغيب عنها صفة "رئيس الحكومة" بعد سقوط "الأغلبية البرلمانية".

وإذ لم يول رئيس الجمهورية، اهتمامه بنسبة المشاركة في هذه الانتخابات مقابل تركيزه على الشرعية، بعيدا عن تضخيم الأرقام الذي كثيرا ما لازم التجارب الانتخابية السابقة، بشهادة الأحزاب السياسية التي كثيرا ما اشتكت من التزوير والسطو على الإرادة الشعبية. فقد كانت تشريعيات 12 جوان، خطوة أخرى بعد الاستفتاء على أعلى وثيقة قانونية في البلاد في الفاتح نوفمبر من العام الماضي، حيث أكدت نسبة المشاركة فيه، الوجه الحقيقي للممارسة الديمقراطية، دون عقدة، كون الرهان كان حينها وضع حد لكل أشكال التزوير، تجسيدا للمادتين السابعة والثامنة من الدستور، القاضيتين بأن السلطة تعود للشعب.

وأمام تعهد الرئيس تبون، باحترام نتائج الانتخابات والتعامل مع الحكومة وفق أحكام الدستور، يرى متتبعون بأن التوجه نحو خيار تشكيل حكومة، بوزير أول، يفرض نفسه دستوريا وقانونيا وسياسيا، في ظل انعدام أغلبية برلمانية، حيث لم يفز حزب جبهة التحرير الوطني رغم احتلاله المرتبة الأولى في هذه الانتخابات سوى على 105 مقاعد من أصل 407، ليليه المستقلون كقوّة جديدة مؤثرة بـ78 مقعدا، في حين حلت حركة مجتمع السلم في  المرتبة الثالثة بـ64 مقعدا.

وتفصل المادة 103 من الدستور في هذه الإشكالية، حيث تشير فقرتها الأولى إلى أن الحكومة يقودها الوزير الأول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عـن أغلبية رئاسية، أما الحالة الثانية فقد حددتها الفقرة الثانية من نفس المادة والتي نصت على أنه "يقود الحكومة رئيس حكومة في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية، وهو ما يؤكد أن  تسمية "الوزير الأول" ستستمر مع التغيير الحكومي القادم.

ومن بين ما حمله المشرّع من فرق في الصلاحيات بين "الوزير الأول" و"رئيس الحكومة"، هو ما تضمنته المادتان 105 و110 من الدستور، فالوزير الأول "كلف باقتراح تشكيل الحكومة" من قبل الرئيس، كما جاء في المادة 105 التي يؤكد نصها على أنه في حال "أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية، يعين رئيس الجمهورية، وزيرا أول ويكلفه باقتراح تشكيل الحكومة وإعداد مخطط عمل لتطبيق البرنامج الرئاسي الذي يعرضه على مجلس الوزراء".

ولا يتعدى دور الوزير الأول  في هذه الحالة، اقتراح أسماء أعضاء الحكومة على رئيس الجمهورية، ويكون من صلاحيات هذا الأخير قبول أو رفض أو تعديل التشكيلة الحكومية، في حين أن رئيس الحكومة لا يقترح على الرئيس أعضاء الحكومة، وإنما يشكل الحكومة ويعرضها على رئيس الجمهورية.

سيناريوهات التشكيلة الحكومية الجديدة

ويطرح متتبعون للشأن السياسي، بعض السيناريوهات المحتملة  إزاء تشكيلة الحكومة القادمة، حيث يرجّح البعض أنها ستكون جزئيا من الأحزاب الفائزة في انتخابات 12 جوان بالإضافة إلى الأحرار، في الوقت الذي يستبعد فيه أن يلجأ الحزبان التقليديان، حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، الذي حل رابعا في التشريعيات بـ57 مقعدا، لإقامة تحالف برلمانيا بينهما مثلا، وذلك في سياق محاولتها إبعاد مظاهر وشبهات التورط في التسيير النيابي الارتجالي خلال العهدة السابقة.

ويتجه السيناريو الثاني، نحو إمكانية تشكيل "حكومة تكنوقراط" مع الإبقاء على بعض وزراء الحكومة الحالية الذين اثبتوا فعاليتهم ميدانيا وأعطوا ديناميكية لقطاعاتهم طوال توليهم لها، ولم يتردد رئيس الجمهورية في الإشادة بما قدموه خلال اجتماعات مجلس الوزراء، في الوقت الذي أعاب فيه على التسيير الحكومي بشكل عام بسبب التماطل في الاستجابة لانشغالات المواطنين، عندما قال عبارته المعروفة "الحكومة فيها وعليها".

وفي مقابل ذلك، بدأ مؤشر جديد يلوح في أفق المشهد السياسي مع تحركات الفائزين في القوائم الحرة لاستحداث تكتل نيابي داعم لبرنامج رئيس الجمهورية وحتى يكون قوة مؤثرة داخل البرلمان والذي من شأنه أن يغير موازين المعادلة النيابية داخل قصر زيغود يوسف بما يدفع إلى وضع قطيعة مع ممارسات الماضي خصوصا مع قرار وضع حد لشبهة المال الفاسد والشكارة التي طغت سابقا على الانشغالات الحقيقية للمواطنين.

مواصلة مسار التغيير والإصلاحات

وفي انتظار تشكيل الهيئة التنفيذية الجديدة ووسط كثير من الترقب و"السيسبانس"، يراهن مراقبون على مواصلة الحكومة القادمة مسار التغيير والإصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية على المستويات السياسية والاقتصادية في ظل المحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة. وسيكون أمام الجهاز التنفيذي القادم ضمن هذه الديناميكية، مهمة إنهاء الورشات السياسية وخاصة التحضير اللوجيستيكي للانتخابات المحلية المسبقة والتي أكد بشأنها الرئيس تبون، أنها ستكون آخر لبنة في مسار التغيير.

كما أن ملف الإنعاش الاقتصادي سيكون من أبرز الرهانات التي يعمل رئيس الجمهورية على رفعها، وستقع على عاتق الطاقم الوزاري الجديد، مهمة تحريك عجلتها التي لم تسر بالوتيرة المرجوة، في الوقت الذي لم يتوان فيه الرئيس تبون في توجيه انتقاداته اللاذعة لبعض الوزراء الذين لم يحققوا الأهداف، المسطرة والمطلوبة منهم في الآجال المحددة. والأمر ذاته بالنسبة لمواصلة محاربة الفساد الذي مازالت مظاهره تسري في بعض دواليب الإدارة، مما عرقل المشاريع التنموية أحيانا خصوصا التي لها علاقة مباشرة بالمصالح اليومية لعامة المواطنين في ظل الترويج لفكرة "الثورة المضادة"، فضلا عن رفع الغبن عن مناطق الظل التي أمر رئيس الجمهورية بإيلاء عناية خاصة بساكنتها والإسراع في الاستجابة لاحتياجاتهم، تحقيقا لمبدأ تحقيق المساواة بين كافة المواطنين وفي كل مناطق البلاد.

والمؤكد أن تحقيق كل هذه الأهداف لابد أن يركز أساسا على محاربة البيروقراطية واستعجال الرقمنة التي من شأنها تسريع وتيرة التنمية المحلية والكشف عن مكامن الخلل التي مازالت  تقوض كل جهد تنموي، مما حال دون تلبية الانشغالات الاجتماعية والاقتصادية في الآجال المحددة، وهو ما يفتح المجال لتأكيد المراقبين بأن الحكومة الجديدة ستكون في كلّ الحالات والأحوال، للكفاءات والطاقات القادرة على تقديم إضافة وتطبيق برنامج رئيس الجمهورية، الطموح والاستشرافي، الذي يتطلّب رجال ونساء قادرين على تنفيذه كاملا غير منقوص، ومسايرة وتيرة وسرعة القرارات "الثورية" والجريئة للرئيس تبون.