الفنّانة المخضرمة جهيدة هوادف لـ"المساء"

التشكيليُّ الجزائري بحاجة إلى قانون وسوق وجمهور

التشكيليُّ الجزائري بحاجة إلى قانون وسوق وجمهور
  • القراءات: 637
حاورتها: لطيفة داريب حاورتها: لطيفة داريب

استقبلت الفنانة جهيدة هوادف، جريدة “المساء” في بيتها العائلي، للحديث عن نشاطها المستمر في جائحة كورونا وإن خف في الفترة الأخيرة. وقد غاصت فنانتنا صاحبة الرصيد الثري الذي يتجاوز الأربعين سنة، في رحلة مشوقة؛ بحثا عن أجوبة لأسئلة انبثقت من التغيرات الحاصلة في بلدنا. وتطرقت في هذا الحوار الذي خصت به “المساء”، لوضع الفنان التشكيلي في الجزائر، وكذا الشروط اللازم توفيرها كي يتمكن من الإبداع بحرية.

هل خف نشاط جهيدة هوادف خلال جائحة كورونا؟

❊❊ في بداية انتشار فيروس كوفيد19، قمت بالعديد من النشاطات على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي. لقد كنت مثل الجميع قلقة جدا، لم أفهم ما يحدث لنا، وكيف أن فيروسا أوقف حركة العالم بأجمعه! ولهذا كان تعريفي بعملي ومحاولة تقريب محبي الفن منه، بمثابة سلاح رفعتُه في وجه هذا الفيروس. لكن الأمر اختلف في السنة الجارية؛ إذ هجرت، تقريبا، العالم الافتراضي، واتجهت إلى نفسي، باحثة في السياق نفسه، عن أجوبة لأسئلتي الكثيرة؛ إذ إننا لم نعد نفهم كثيرا ما يحدث لنا وما يحيط بنا في بلدنا، لم نعد ندرك ماهية التغيرات التي تحدث على أرضنا. كما أنني أحاول تفهّم العقليات السائدة في مجتمعنا ومشاغله؛ علّني أجد مخرجا لها، وربما محاولة التكيف مع الذهنيات الجديدة والتغيرات الحاصلة في بلدنا على كل المستويات، ومحاولة التكيف مع طغيان الأنترنت في تعاملاتنا اليومية، وحدوث ما يسمى “التباعد الاجتماعي” بفعل الفيروس، ولهذا ابتعدتُ عن العالم الافتراضي بغية فهم كل هذه التغيرات التي لم تعرفها الجزائر وحدها، بل كل دول العالم.

هل نظمت معارض في الفترة الأخيرة؟

❊❊ نظمت في الفترة الأخيرة معرضا صغيرا في ورشة صديقتي بقرية الفنانين برياض الفتح بدعوة منها، بعد أن ابتعدت لمدة معتبرة عن الأنشطة الميدانية بفعل جائحة كورونا، فكانت لهفتي بلقاء الجمهور المحب للفن التشكيلي، كبيرة، والالتقاء بالفنانين أكبر، ولهذا نظمت معرضا بعنوان “خجولة ولكنني حاضرة”؛ لأن معرضي هذا كان متواضعا من حيث عدد الأعمال الفنية المعروضة، والتي في أغلبها لم تكن كسابقاتها؛ حيث عرضت بشكل أوسع، أعمالا منحدرة من فني، وهي كتاب للتلوين، وأغلفة للوسادات، وكلها تحمل رسوماتي. وقد اهتممت بهذه الأعمال في جائحة كورونا؛ إذ قلّ اهتمام الجمهور باللوحات الفنية، فكان اتجاهي نحو أعمال أخرى حتى لا أتوقف عن الإبداع، وتظل أعمالي بارزة للجمهور.

هل تعتبرين مثل هذه الأعمال، مهمة في مسارك الفني؟

❊❊ أرى أن مثل هذه الأعمال التي تحمل صبغة فنية، مهمة فعلا؛ لأنها تقدم للفنان المزيد من الأضواء؛ فهي، من جهة، مفيدة للإنسان، ومن جهة أخرى تحمل في شكلها الكثير من الجمال؛ أي أنها صُنعت للزينة وللإفادة في آن واحد، ولهذا في الفترة الأخيرة عملتُ كثيرا على تقديم هذه الأعمال التي أطلقت عليها تسمية “المشتقات الفنية”، إلا أنني وجدت صعوبات كبيرة في مواصلة إنجازها بفعل نقص، بل انعدام المواد الأولية بعد تجميد الاستيراد.

هل من مشاريع فنية أخرى لجهيدة؟

❊❊ نعم هناك مشاريع فنية أخرى تتراقص في مخيلتي، إلا أن لتنفيذها يجب توفير لوجيستيكية وتنظيم محكمين، فأحيانا لا نجد المواد المستعملة في عملنا، وأحيانا أخرى لا تتوفر لنا الإمكانيات المادية، ومرات نفتقد للوقت لإنجاز أعمالنا، بيد أن كل فنان لا يمكنه الإبداع بشكل عميق إذا كان لا يعيش في بيئة صحية؛ لأن الإبداع، لوحده، فعل صحي ونظيف، ولهذا ليس من السهل على الفنان أن يجهّز أرضيته، ويخلق الجو الذي يمكّنه من الإبداع بكل عفوية وحرية وسط الكم من العراقيل التي يتخبط فيها!

هل اهتمام جهيدة بما أسمته “المشتقات الفنية”، يبعدها، حاليا، عن رسم اللوحات؟

❊❊ لا، حاليا أواصل إنجاز مجموعتي من اللوحات حول الحيوانات، والتي تستغرق مني وقتا كبيرا وتفكيرا عميقا، فتنظيم معرض يتطلب زمنا طويلا، والفنان التشكيلي حينما ينطلق في إنجاز لوحاته، ينعزل عن الجمهور، ويبحث عن اللحظة التي تدفع به إلى غمار عالم الإبداع، وكل هذا يتطلب وقتا معتبرا، ولكن بين الفينة والأخرى يخرج من عالمه نحو الآخرين؛ أي نحو العالم الواقعي، ويجمع مادته منه، حتى يتمكن من الإبداع بشكل أعمق وأدق.

وبالمقابل، أعمل من دون محاولة تحقيق هدف محدد، خاصة في الظروف الحالية التي يمر بها البلد، ولهذا لا يمكن الفنان أن يستشرف شيئا، فلا يمكنه أن يبني مشروعا مثل تنظيم معرض يضم أعماله التي ينجزها حاليا، في تاريخ محدد، بل كل ما عليه فعله هو مواصلة الإبداع؛ علّه يحقق شيئا في المستقبل.

حدثينا عن مساهمتك في مساعدة الفنانين التشكيليين الذين يمرون بصعوبات مادية؟

❊❊ بفعل توقف النشاطات برمّتها بعد انتشار جائحة كورونا السنة الفارطة، وجد بعض الفنانين التشكيليين أنفسهم في ورطة كبيرة، بل إن بعضهم استغاثوا من وضعهم السيئ؛ ولهذا وضعت لوحة لي في المزاد العلني على صفحتي في فايسبوك، ومنحت المال المجنى من عملية البيع، لفنان التحف رفقة عائلته، الأرض. ولم أستطع أن أقف مكتوفة الأيدي وزميل لي في الفن في وضعية كارثية، بل لنقل إنها غير إنسانية. كما طلبت من الفنانين مساعدة فنان آخر مر، أيضا، بظروف مادية صعبة؛ أيُّ فنان قد يحدث له ما حدث لهذين التشكيليين، ولهذا يجب تقديم المساعدة للمحتاجين منهم، فلو قام كل فنان تشكيلي بمساعدة مثل هذين الفنانين وآخرين، طبعا، ممن يمرون بظروف مشابهة، لكان خلاص الجميع أكيدا. وفي هذا أؤكد أن من الضروري إيجاد حلول عميقة لمثل هذه المواضيع؛ من خلال إصلاح وضع الفنانين، ووضع قانون الفنان، وتأسيس سوق للفن التشكيلي.

هذا عن الفن التشكيليّ؛ ماذا عن عملية بيع بالمزاد العلني، لوحتين من أعمالك الفنية، لمساعدة الفنان صالح أوقروت المصاب بمرض عضال؟

❊❊ إن تقديم المساعدة لإنسان مريض يساعد في ازدهار إنسانيتنا. وحينما يحاول المرض أن يفتك بصحة شخصية عامة يحبها عدد كبير من الناس، نشعر وكأن هذا “الخطر” يهدد أيضا كل محبيها!

لقد صدمتني الأخبار الكثيرة التي نقلت حالة الفنان صالح أوقروت، وأصابتني بالصدمة وعدم الارتياح. لو امتلكت العصا السحرية فقط، لكنت محوتُ الشر عن أرضنا، لكن ليس لدي القدرة على تغيير الأشياء، ما يمكنني فعله فقط هو إيماءات صغيرة للمساعدة في تفادي الوفيات. قد يكون التبرع بعملي وشغفي وسيلة للمساعدة، وربما يكون أيضا بمثابة دفء للقلوب الحزينة على أمل نهاية سعيدة.

وفي هذا السياق، عرضت لوحتين على المزاد العلني، وقد تم بيع لوحة بعشرة ملايين سنتيم سأقدمها للفنان شخصيا. أما اللوحة الثانية، فللأسف لم تُبع.

بشكل ملموس، كيف يمكن أن تساعد الدولة الفنان التشكيلي من دون أن يتّكل عليها، وفي نفس الوقت تمكنه من الإبداع بكل حرية؟

❊❊ يتمثل دور الدولة في إعادة الأمور إلى نصابها؛ فهي مكلفة بوضع الأسس التي  يسير عليها الجميع. صحيح أن الفنان يجب أن يكون حرا في إبداعه، لكن دور الدولة بالنسبة للفنان، هو تأطيره بالنسبة لاحتياجاته، ووضع القوانين التي تمكّنه من الإبداع، ومن ثم تقديم تحفه للمتلقي، وهنا أتحدث عن نفسي؛ فمنذ بدايتي في الفن التشكيلي في سنوات الثمانينات، لم تشتر مني الدولة أي عمل، كي تشكل مجموعتها الفنية الجزائرية.

أعتقد أنني أملك خبرة 40 سنة من الفن التشكيلي، وبالتالي أرى أن الدولة من واجبها شراء بعض من أعمالي؛ ليس مساعدة لي وحسب، بل لتأسيس بنكها التراثي الذي يتشكل، طبعا، من إبداعات فنانيها؛ لأن تراثنا المتعلق بالفن التشكيلي يتشكل من الأعمال التي تركها الاستعمار الفرنسي، وهو ما نلاحظه في معظم الأعمال التي يحتفظ بها متحف الفنون الجميلة بالحامة.

كما لا يوجد في الجزائر متحف يضم أعمال الفنانين التشكيليين الذين يحملون من الخبرة الفنية، الكثير؛ لماذا لا يوجد مثل هذا الصرح الذي يمكن للجمهور الجزائري زيارته في أي وقت؟! ونفس الشيء بالنسبة للسياح، الذين ينصدمون في الجزائر من عدم وجود ثقافة بنيوية، بل يجدون ثقافة بشكلها الخام؛ كيف لوزارة الثقافة أن لا تملك ريبرتوار لكل الفنانين الجزائريين؟! يجب عليها تحقيق ذلك، ومن ثم دعوة الفنانين للمشاركة في التظاهرات الثقافية بدلا من اعتمادها على نفس الأسماء؛ فالجزائر لا تضم إلا “أربعة” فنانين نراهم في كل تظاهرة، بل لديها الآلاف من المبدعين، لذا على وزارة الثقافة تَدارك هذا الأمر.

وبالمقابل، يحتاج الفنان التشكيلي إلى فضاء يشتغل فيه، وبالتالي تحديد المكان الذي يتواجد فيه الفنان؛ كي يسهل التواصل معه، خاصة من طرف وزارة الثقافة، والتعرف على ما يبدعه، ومن ثم مرافقته في عرض أعماله؛ لأن دور الفنان هو الإبداع وليس الاهتمام بتوفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية لتنظيم معرض.

ماذا عن دور القطاع الخاص في نهضة الفن التشكيلي؟

❊❊ من واجب القطاع الخاص المساهمة في نهضة الفن التشكيلي، وهو ما يحدث في الدول المتقدمة، حيث تنتعش الثقافة بفعل تمويل القطاع الخاص للمشاريع المتعلقة بها، وهو ما لا يحدث في الجزائر، أو يحدث بشكل نادر جدا رغم أننا نملك بلدا قارة ينعم بثقافة متنوعة وثرية ولا تنقصه الإمكانيات المادية، ويملك أيضا فنانين ومثقفين كثرا؛ ولهذا أقول إنه يجب تصحيح السياسة التي يسير بها الفن في الجزائر، ومرافقة الفنانين ومساعدتهم، وتوفير الظروف المواتية لهم؛ كي يقدموا إبداعهم؛ فالدولة من واجباتها حفظ التراث الوطني؛ فمن غير المقبول تنظيم معرض فني ومن ثم تعريضه للنسيان بعد اختتام فعالياته، بل من اللازم أرشفة الأعمال الفنية في قالب التراث الوطني.

تمارسين الفن التشكيلي منذ بداية سنوات الثمانينات؛ في رأيك، هل عرف الفن التشكيلي مراحل صعود وهبوط أم أنه سار وفق وتيرة واحدة؟

❊❊ لا أرى أي تغيير طرأ على واقع الفن التشكيلي منذ أن دخلت غماره في بداية الثمانينات؛ مازلنا نحن الفنانين نقوم بما يشبه المقاومة لمواصلة إبداعنا تحت نفس الظروف ووفق نفس الطريقة التي يسير بها الفن في الجزائر؛ فلا مشاريع فنية تُذكر، ولا فرص تُشكر. يمكن أن تمر سنة بكاملها ولا يتلقى الفنان أي دعوة للمشاركة في معرض أو تنظيم معرضه الخاص، وهو ما شهدته منذ الثمانينات، ولهذا نرى أن الفنان التشكيلي هو الذي يركض هنا وهناك كي يقدم إبداعه للجمهور، وبالتالي يضيّع مجهوده في التفاهات بدلا من توفير جهده لتقديم إبداع أفضل.

ما الشروط الواجب توفيرها لإنشاء سوق فن تشكيلي في الجزائر؟

❊❊ هناك الكثير من الشروط لتحقيق ما يسمى بسوق الفن التشكيلي؛ أولا يجب أن يكون الفن معروفا لدى العامة، أي يجب أن يكون هناك اهتمام وطلب للحصول على الأعمال الفنية. وكي تتحقق هذه الخطوة يجب توفير عناصر مصاحبة للطلب، وهي أن يكون الفنان موجودا. وكي يكون كذلك يجب أن يكون في إطاره، وأقصد بذلك ضرورة سَن مجموعة من القوانين تنظم تسيير الفن بشطريه؛ الفنان وعمله الفني، وهكذا حينما يحدث التزاوج بينهما ينجبان تحفة تحلّ محل الطلب.

وكي يتوفر هذا الطلب يجب أن تكون هناك ديناميكية ليحقق هذا الطلب هدفه، وهذا لا يتأتى إلا بتنظيم عدد كبير من المعارض، وملاينة الجمهور لزيارتها ويتعرف على إبداع الفنانين ويتبناه، لهذا فمن الضروري أن يكون الفن موجودا بشكل مستمر، خاصة في العاصمة، وهو ما لا يحدث في الواقع.

إذن، حتى يكون هناك سوق للفن التشكيلي في الجزائر، يجب توفير العديد من العوامل، فإذا توفرت الظروف الملائمة للفنان التشكيلي وشرع في تقديم إبداعه للجمهور واهتمت به وسائل الإعلام خاصة البصرية منها، يمكن أن نفكر في إمكانية تحقيق سوق للفن التشكيلي في الجزائر، لكنني ألاحظ قلة اهتمام البرامج التلفزيونية بالفنانين التشكيليين الجزائريين، وهو أمر مؤسف فعلا! لهذا أرى أن من الضروري جدا التعريف بالأعمال الفنية، وإبرازها للجمهور حتى يطلبها.

من يحدد أسعار اللوحات؟

❊❊ بالنسبة لي، كلما زدتُ خبرة كلما رفعتُ سعر لوحاتي، أفعل ذلك كل ثلاث سنوات. هو نظام داخلي يناسب مساري الفني، كما نرى كيف يحدد الفنانون الآخرون أسعار أعمالهم الفنية، فنجد أنفسنا نتبعهم، وهكذا تحدَّد الأسعار وفق نظام سوق الفن التشكيلي؛ يخلق نفسه بنفسه.

ماذا عن دور نقاد الفن التشكيلي في هذه المهمة؟

❊❊ طبعا للنقاد دور كبير في وجود سوق للفن التشكيلي، يساهمون في تحديد معاييره من خلال كتاباتهم في المجلات المتخصصة حول الفنانين وإبداعاتهم، لهذا أعود وأكرر أن سوق الفن التشكيلي ليس مثل سوق للخضر، بل هو خاص، يتحقق بفعل عوامل عديدة، ووفق عمل كبير من الجهات المختصة.

هل يمكن أن يصل الفنان التشكيلي الهاوي إلى مستوى المتكون أكاديميا؟

❊❊ طبعا يمكن للفنان الهاوي الذي يملك موهبة وإرادة لتطوير قدراته وممارسة فنه، أن يصل إلى مستوى الفنان المحترف، بل قد يتعداه أيضا؛ لأن كل شيء يأتي بالممارسة، وهكذا إذا كان الفنان متخرجا من مدرسة للفنون الجميلة ولا يمارس فنه، يمكن أن نقول إنه غير محترف؛ إذن سر نجاح الفنان التشكيلي هاويا كان أو متكونا أكاديميا، هو العمل والمقاومة والعزيمة، حيث يواصل ممارسة فنه رغم كل العراقيل؛ لأن الفن جزء لا يتجزأ من روحه.

لا يستطيع الفنان التشكيلي بيع لوحاته في الخارج باعتبار أنها، قانونيّا، تراث وطني؛ كيف ترين ذلك؟

❊❊ لا أفهم لماذا حينما يعرض الفنان التشكيلي أعماله في الخارج، يُطلب منه إعادتها إلى البلد، ويُمنع عنه بيعها؛ حقا لماذا؟! الدولة لا تشتري أعمال الفنانين، ولا تؤسس مجموعتها الفنية، ولا تسمح أيضا بأن يبيع الفنان أعماله في الخارج؛ بحجة قانون يقول إنها من التراث الوطني!!. يجب سَن قوانين تصب في صالح سوق الفن التشكيلي، وتسيره بشكل قانونيّ.

سبق لك أن نظمت معرضا رفقة الفنان دكمان؛ حيث رسمتما في نفس اللوحات؛ هل يمكن لجهيدة أن تكرر هذه التجربة؟

❊❊ أكيد؛ فالعمل مع تشكيليين آخرين يثري تجربتي الفنية، ويُحدث تقاطعا بين نظرتي الفنية ونظيرتها للفنان الآخر، ويساهم في الاقتراب من حس فني آخر؛ فكل فنان له مساره الفني وجمهوره وعالمه، وهذا العمل المشترك يساهم في إثراء التجارب الفنية.

هل تملكين بطاقة الفنان؟

❊❊ نعم، لكنني لم أستعملها، حتى بالنسبة للتغطية الاجتماعية أنا درست الفن التشكيلي، وبالتالي أستفيد من التغطية الاجتماعية. لم أنتظر الفن كي أكسب منه مالا، بل أرى أن تحقيق هذا الأمر شبه مستحيل في الجزائر، لهذا اشتغلت في السابق.

هذه البطاقة تمكّنني فقط من القول إنني فنانة؛ هل هذا يكفي؟ لا، أرى أن هناك الكثير من الفراغات بالنسبة لوضع الفنان القانوني. يجب تأسيس قانون الفنان، وإعطاء الدعم للفنان كي يبدع؛ فليس دور الفنان في تنظيم معرضه، بل عليه فقط أن يبدع، وعلى الجهات المختصة المساهمة في حفظ فننا التشكيلي، الذي يُعد كنزا بشهادة تاريخ الفن على مر العصور. نعم يجب على الدولة والقطاع الخاص الأخذ بعاتق الفنان التشكيلي.

هل تعتقدين أنه لو توفرت كل الظروف المواتية لعمل الفنان التشكيلي، كان إبداعك أفضل مما قدمته إلى حد الساعة؟

❊❊ لو كانت الظروف أحسن لقدمت أفضل مما أبدعت به إلى اللحظة، فحينما يكون للفنان ورشة كبيرة ومفتوحة، يتجه إليها ويعتبرها فضاء للعمل ويعمل فيها بكل جدية وحب، وبين الفينة والأخرى يفتحها أمام الجمهور، الذي يكتشف عمل الفنان وطريقة إنجازه تحفه؛ ما يساهم في تبنّيه الفن التشكيليّ.

هل تلقت جهيدة في فترة كورونا، دعوات من الخارج للمشاركة في معارض فنية؟

❊❊ نعم تلقيت عدة دعوات، لكنها خاصة بالمشاركة في معارض افتراضية، أعتبرها فعلا إيجابيا، لكننا لا نستطيع أن نستقر في  العالم الافتراضي لأنه غير إنساني، وهو وسيلة للعمل لا غير؛ فالفن يحتاج إلى ما هو إنساني، وإلى كل ما هو ملموس وليس إلى ما هو افتراضيّ.