بعد وضع الرئيس والوزير الأول الانتقاليين في مالي رهن الاعتقال

ضغوط دولية على الانقلابيين لاحترام مرحلة الانتقال السياسي

ضغوط دولية على الانقلابيين لاحترام مرحلة  الانتقال السياسي
  • القراءات: 561
ق. د ق. د

عاد الوضع في مالي إلى المربع الأول بعد أن قام، العقيد قائد العملية الانقلابية التي أطاحت بالرئيس أبو بكر كايتا شهر أوت من العام الماضي بعد إقدامه أول أمس، بإقالة الرئيس والوزير الأول الانتقاليين ساعات بعد اعتقالهما بتهمة  محاولة عرقلة المرحلة الانتقالية. وحاول العقيد غويتا في تصريح تلفزيوني قرأه نيابة عنه أحد العسكريين، طمأنة المجموعة الدولية بأن مسار المرحلة الانتقالية سيتواصل وأن الانتخابات المقرر تنظيمها العام القادم سيتم إجراؤها في موعدها.

وجاءت هذه التطورات بعد الانقلاب العسكري وبعد أن أعاب العقيد غويتا على الرئيس الانتقالي، با نداو والوزير الأول مختار اوان، تشكيل حكومة  دون تشاور معه رغم أنه مكلف بالدفاع والأمن، أهم قطاعين في هذا البلد الذي يمر منذ سنة 2012 بأوضاع أمنية واقتصادية وسياسية عصيبة ومعقدة. وبرر الرجل القوي في باماكو،  اعتقال الرئيس الانتقالي ووزيره الأول بإقدامهما  ـ كما قال ـ على خرق ميثاق المرحلة الانتقالية بنية مبيتة لإفشالها وخاصة احترام المواعيد السياسية  التي تمهد لعودة المدنيين الى السلطة. وهو ما جعل غويتا، يؤكد أنه وجد نفسه مرغما على التحرك وتحييد الرئيس والوزير الأول وكل الأشخاص المتورطين في هذه الوضعية.

وقامت قيادة الجيش المالي في ساعة متأخرة من أول أمس، باقتياد الوزير الأول والرئيس الانتقالي إلى قاعدة "كاتي" العسكرية الخاضعة لسلطة وزير الدفاع  على بعد نحو 10 كلم عن العاصمة باماكو، وهي نفس الثكنة التي اقتيد إليها الرئيس أبو بكر كايتا بعد الإطاحة به في 18 أوت من العام الماضي. وكان الوزير الأول مختار اوان، أكد قبل ذلك في تصريح مقتضب أنه اقتيد بقوة الإكراه من طرف عسكريين إلى مقر لإقامة الرئيس يان انداو  قبل تحويلهما إلى الثكنة العسكرية السالفة الذكر. وجاءت هذه التطوّرات المفاجئة يوما بعد إعلان الوزير الأول عن طاقمه الوزاري الذي كلف بتشكيله عشرة أيام منذ تقديم استقالته وسط ضغوط شعبية مطالبة برحيله بسبب المشاكل المستعصية التي عجز عن تسويتها. 

وكانت تركيبة الحكومة الجديدة سببا مباشرا في هذه التطوّرات بعد أن أبدى أعضاء الطاقم العسكري عدم رضاهم على عدم استشارتهم في تشكيلها رغم احتفاظهم بحقائب وزارية سيادية مثل وزارات الدفاع والأمن والإدارة الإقليمية والمصالحة الوطنية. 

وتأكد أن استغناء  الوزير الأول عن العقيدين، صاديو كامارا وماديبو كوني من على رأسي وزارتي الدفاع والأمن على التوالي واستخلافهما بالجنرالين، سليمان دوكوري ومامادو لامين بالو، كان سببا مباشرا في هذه التطوّرات وقطع صلة العسكريين مع الوزير الأول. وقال مصدر مقرب من الرئيس المطاح به إن التعديل الوزاري كان حتميا في وزارتي الدفاع والأمن خاصة وأن من خلفهما في هذين المنصبين ليسا من العقداء الذين شاركوا في انقلاب شهر أوت من العام الماضي. وسبق للسلطات الانتقالية في مالي أن حدّدت بداية العام الجاري، شهر أكتوبر القادم، موعدا لتنظيم استفتاء حول دستور جديد للبلاد،  وحددت شهري فيفري ومارس من العام القادم، موعدين لتنظيم انتخابات رئاسية وأخرى تشريعية يتم بعدها تسليم السلطة إلى حكومة مدنية.

ولكن تطوّرات، أمس، من شأنها أن تربك هذه الرزنامة وتخلط كل الحسابات ومن الصعب الايفاء بهذين الالتزامين، خاصة وأن الأوضاع عادت مرة أخرى إلى بدايتها قبل تسعة أشهر. واستفاق الماليون صباح أمس وسط حديث طغت عليه تطوّرات الليلة الماضية التي عادت بالوضع إلى نقطة البداية وهم الذين كانوا يعتقدون أن تشكيل حكومة جديدة، أول أمس، ستكون بداية انفراج حقيقي للوضع على طريق إتمام المرحلة الانتقالية التي طالبت بها المعارضة المالية  والمجموعة الدولية. وندّدت ردود الأفعال الدولية المتوالية بهذه التطوّرات رافضة ما حصل في باماكو وكل أمر واقع لإرغام الرئيس ووزيره الاول على  التنحي.

والتقت في ذلك مواقف بعثة الأمم المتحدة إلى مالي "مينوسما" والأمم المتحدة والاتحادين الإفريقي والأوروبي ومجموعة دول غرب إفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا التي أصرت في بيان مشترك  على التعجيل بإطلاق غير مشروط لمسؤولي المرحلة الانتقالية  الذين أكدوا دعمهم لهم. ودعا الأمين العام الأممي انطونيو غوتيريس في تغريدة مباشرة بعد ذيوع خبر الانقلاب إلى التزام الهدوء وطالب بإطلاق سراح الرئيس المالي الانتقالي ووزيره الأول دون شروط كما طالب الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي، الرئيس الكونغولي فليكس تشيسكيدي من جهته بإطلاق فوري لسراح الرئيس والوزير الأول المالي الانتقالي.

وأدان قادة الاتحاد الاوروبي بقوة اعتقال الرئيس المالي ووزيره الأول ضمن ما اعتبروه "انقلابا داخل الانقلاب" وقالوا إنه أمر غير مقبول. ولم يستعبد الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات ضد أعضاء القيادة العسكرية خلال الساعات القادمة في وقت دعت فيه فرنسا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث التطوّرات الحاصلة في باماكو.