بعد حادثة مقاطعة سبتة الإسبانية

جريدة "لوموند" تدعو إلى تغيير طريقة التعامل مع المغرب

جريدة "لوموند" تدعو إلى تغيير  طريقة التعامل مع المغرب
  • القراءات: 1266
ق. د ق. د

كتبت جريدة "لوموند" الفرنسية في افتتاحية غير مسبوقة أول أمس، أن أوروبا مطالبة بوضع حد لطريقة تعاملها "الساذجة" مع المغرب، والتعامل معه من الآن فصاعدا كنظام متسلط ومهدد للأمن الأوروبي، في رد على عملية الإغراق البشرية التي نظمتها السلطات المغربية  الاسبوع الماضي، باتجاه مقاطعة سبتة الإسبانية. 

واتهمت الصحيفة التي غيرت لهجتها تجاه السلطات المغربية، أن هذه  الاخيرة لجأت الى مثل هذه الطريقة لابتزاز إسبانيا في إطار حملة شنتها منذ قرابة شهر بسبب استقبال مدريد  فوق  أراضيها للرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي قصد العلاج. وأكدت الافتتاحية أن التوتر الذي تعيشه سبتة يدعو للقلق خاصة وأن أحداث الأسبوع الماضي، وقعت تحت أعين عناصر الشرطة المغربية التي غضت الطرف وتركت 8000 مغربي غالبيتهم من الشباب التسلل إلى المقاطعة الاسبانية. وأكدت "لوموند" ان التعامل بحدة مع الرباط هو الكفيل بوضعها عند حدها، بدليل أنه بمجرد أن باشرت السلطات الاسبانية بطرد المتسللين الى داخل أراضيها من حيث جاؤوا حتى سارعت السلطات المغربية بالتحرك  ووقف حملة الإغراق.

وأضاف مقال أكبر الصحف الفرنسية أن هذه الأزمة التي تسببت فيها السلطات المغربية، تعد عدوانا وابتزازا حاولت الرباط ممارسته ضد مدريد مما جعلها تصف موقف الرباط بـ " السابقة المؤسفة"، بقناعة أن أوروبا لم تكن تتوقع أن يذهب النظام المغربي الى استخدام سلاح الهجرة للضغط على أوروبا وابتزازها، رغم أنه وقّع معاهدة معها لمنع وصول قوارب الموت المغربية إلى السواحل الاسبانية. وأضافت أن أصل الأزمة معروف جيدا، حيث ترى الرباط أن نقل إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليزاريو التي تناضل من أجل استقلال الصحراء الغربية إلى التراب الإسباني "خطوة معادية غير مقبولة"، وبأن الدواعي الإنسانية التي قدمتها مدريد "غير مقبولة في الرباط"، وتوعدت أن يكون لهذا القرار عواقب وخيمة وجاء ذلك في تنظيم اكبر موجة هجرة غير قانونية باتجاه مقاطعة سبتة الإسبانية.

وكشفت "لوموند" أن الاستفزازات المغربية "تصاعدت" منذ صفقة دونالد ترامب، التي انتهت الى إبرام المغرب والكيان الصهيوني علاقات تطبيع رسمية وصفته الصحيفة الفرنسية بـ "الرهان المحفوف بالمخاطر، مشيرة إلى مشاهد المراهقين وحتى الأطفال  المغربيين وهم يخاطرون بحياتهم في مياه سبتة بتواطؤ الشرطة المغربية، ضمن اكبر ضربة لسمعة المغرب دوليا، عندما أكدت أنها ملن تتوانى في التضحية ببرودة دم، بحياة شبابها على مذبح مصالحها الدبلوماسية، كما عرت الهشاشة الاجتماعية التي تعيش فيها فئات كبيرة من المجتمع المغربي في الوقت الذي يتباهى فيه البعض في باريس، بالمغرب كدولة للتسامح والانفتاح. ووصفت "لوموند" ما قام به المغرب بـ "التصرف الاستبدادي" الذي يحتم على الدول الاوروبية تغيير طريقة تعاملها الساذجة معه مستقبلا كـ"بوابة إلى غرب إفريقيا وبلد الإسلام المستنير والتعاون الأمني والهجرة"

وخلصت الصحيفة الفرنسية في ختام افتتاحيتها بعبارة "باسم الصداقة حان الوقت لكي يرسل الأوروبيون إشارة إلى المغرب بأن قروضه في الخارج قد تضررت وأن الدفاع عن مصالحه يجب ألا يعفيه من معاملة مواطنيه وجيرانه معاملة لائقة". وفي نفس الاتجاه، اتهم ثورستن فراي، نائب رئيس كتلة حزب الاتحاد المسيحي، الذي تقوده المستشارة  انجيلا ميركل بالبرلمان الألماني، المغرب بممارسة ضغوط على إسبانيا من خلال استغلال ورقة الهجرة غير الشرعية، لفرض الاعتراف بالسيادة المزعومة على الصحراء الغربية، على خلفية أزمة اللاجئين التي وصفتها مدريد بـ"الخطيرة". وقال فراي، في تصريح صحفي" إننا نشهد مأساة مماثلة لتلك التي شهدناها في الربيع الماضي، على الحدود التركية ـ اليونانية يتم نشر المهاجرين بطريقة ممنهجة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية". بعد أن "تعمدت الرباط ترك حدودها مفتوحة من أجل ممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي، ومحاولة فرض الإعتراف بسيادته المزعومة على الصحراء الغربية".

وتأسف فراي، لمثل هذا التصرف وقال إنه يحط من قيمة البشر باعتبارهم لعبة، خدمة لأهداف سياسية، محذّرا من أن "الأحداث في سبتة تظهر مدى هشاشة الوضع" في المنطقة. وتعرف العلاقات الالمانية ـ المغربية "توترا" بعد أن استدعت المملكة المغربية منذ أسابيع سفيرتها لدى ألمانيا للتشاور بسبب موقف برلين من القضية الصحراوية وانتقادها "اللاذع" لتغريدة الرئيس الامريكي السابق دولاند ترامب، حول اعترافه بالسيادة الوهمية للمغرب على الصحراء الغربية، وهذا بعدما قطع كل علاقاته مع السفارة الألمانية في الرباط.