يريدون أكل الشوك بأفواه الآخرين؟!

العربي ونوغي العربي ونوغي

موقف الحياد الايجابي الذي تبنّته الجزائر من الأزمة الليبية كبلد شقيق وجار لا بد أن ينعم بالاستقرار. لم يعجب الذين تسرّعوا في بداية الأزمة الليبية للانسياق وراء من خطّط للحرب في ليبيا. وكانوا يعتقدون بأنّ الدخول إلى ليبيا كالخروج منها. بل نحن الجزائريين نذكر جيدا كيف دفع "المحتلّون" وأتباعهم أطرافا ليبية نفسها إلى التهجّم على الجزائر. بلغت أحيانا حد التهديد والوعيد بالتفرغ للجزائر بعد "تصفية الحساب" مع أتباع القذافي وأنصاره. يدور في أذهاننا عبد الحكيم وغير عبد الحكيم. 

كل ذلك لم يؤثّر في الموقف الحيادي للجزائر من كل الأطراف الليبية على حد السواء. بل ودعوة جميع الأطراف المسلّحة في ليبيا إلى تغليب منطق العقل والحوار. والجلوس إلى تفاوض يفضي إلى حل نهائي يخرج البلد من فتنة تحرّك خيوطها بعيدا عن الليبيين أنفسهم. لكن يدفع جنونها ولهيبها وخسائرها الليبيون وحدهم. الليبيون دون سواهم. 

الجزائريون أكثر تأثرا وتفهما للأزمة الليبية وجراحها. لأننا عشنا ودفعنا فاتورة ثقيلة تشبه الحالة الليبية. وكنّا ضحية مخططات إجرامية وإرهابية انتقامية دبّرت في عواصم التواطؤ . بل مولت مالا وإعلاما حتى من الذين اليوم "يبكون" على ليبيا صباحا. ويصبّون البنزين ليلا مع الذين لا تهمهم في الحقيقة سوى آبار النفط!. 

لقد حذّرت الجزائر قبل العدوان على جارنا من عواقب ذلكم العدوان. وأنّه ليس الحل الأمثل في "إرساء" الديمقراطية. وأن الشعوب هي وحدها المطالبة بتغيير ما بنفسها وفق ما تريده وترضاه. لكن حمّالات الحطب الذين أصروا على العدوان والتدخل وقرع طبول الحرب.  شنّوا حملاتهم ضد الجزائر على أنها تدافع عن صديق. سيما بعد استضافتها لعائلة العقيد الفارة من جحيم الانتقام. فهل إيواء اللاجئين والفارين والحوامل من باب إنساني كان يحتاج إلى ترخيص دولي. أو اجتماع لمجلس الأمن؟!. أم أن الإنسانية أصبحت بمعايير وتراخيص مسبقة؟. 

اليوم هم يتخبّطون في الأزمة الليبية. كعادة المتلهفين المتعطشين إلى النفط ولو على آبار من الدم. ولو بإبادة كل الشعوب. ولو بتهجير كل الشعوب. 

في اليومين الأخيرين تناقلت وسائل إعلام وأوساط مختلفة خبر سقوط ضحايا جزائريين في  ليبيا بسبب قصف أمريكي؟!. الخبر نفته كل الجهات الرسمية الجزائرية. ومع ذلك فإن الذين يصرون على زرع الفتنة – وللأسف – انساق بعض آخر في الداخل لهذه المزاعم. يرددون وينشرون ذلك وكأنّه خبرا يقينا؟!. بطبيعة الحال. فهم الخلفية والأهداف لا يحتاج إلى علم السماوات والأرض. هم يريدون تمرير رسالة واحدة: أننا سكتنا عن ضحايانا لأن القصف أمريكي؟!. بالتأكيد أن الذين يعتقدون ذلك لا يعرفون الجزائر. ولا يعرفون الجزائريين. هم مخطئون. وألفنا أخطاءهم. لم نسكت عن جحافل الحلفاء في حرب التحرير وهزمناهم وخرجوا صاغرين. ولم نخضع أو نتواطأ مع الذين خرجوا عن شعبهم بالذبح والقتل والدحس على الدستور والمؤسسات. وهزمنا الإرهاب حين كانوا يخطّطون ويمولون أو يتفرجون ويتلذّذون. ورفضنا التدخل في شؤون الآخرين سرا وعلنا. لأن حرية وسيادة الشعوب في عرفنا الدبلوماسي هي سلوك ومواقف وقناعة. وليست شعارات أو حسابات. 

إن الذين يريدون استعمال قشور الموز للتزحلق مخطئون. وإن الذين يريدون كذلك "أكل الشوك بأفواه الآخرين" لن يفلحوا ولن يمروا.