يا باريس اختاري: لا توجد منزلة بين الماء والنار

العربي ونوغي العربي ونوغي

اختار السيد لعمامرة أقصر الطرق وأوضحها في مصارحة نظيره وضيفه وزير خارجية فرنسا، الذي يسبق زيارة الوزير الأول السيد فالس إلى الجزائر الأسبوع القادم. وزير الخارجية الجزائري (المزوّد طبعا بتوجيهات الرئيس بوتفليقة) وجّه قذفة دبلوماسية حاسمة لنظيره  جون مارك إيرول، لم تخرج طبعا عن حدود الدبلوماسية وكرم الضيافة لدى تطرقه لملف النزاع في الصحراء الغربية. السيد لعمامرة وضع ضيفه أمام أمر واقع يستلزم موقفا صريحا من فرنسا: أن تحدد موقفها بوضوح من ملف القضية؛ أي أن تتخطى سياسة "مسك العصا من وسطها". إما أن تدعّم الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة بوضوح بصفتها قوة دولية وعضوا فاعلا في مجلس الأمن، أو أن تتبنى موقفا ضد الشرعية وتبعات ذلك طبعا. السيد لعمامرة اعتبر (بذكاء عال وبدون إحراج مباشر لجون مارك إيرول) أن 40 سنة كافية لفرنسا لتحديد موقفها بوضوح من القضية الصحراوية. 

غالبية المتتبعين لهذا الملف يعتقدون أنه لولا الدعم الفرنسي السري والعلني "للاحتلال" المغربي، لما ظلت القضية بدون حل منذ 40 سنة، بل أكثر من ذلك، يذهب البعض إلى غاية اتهام فرنسا بـ "عرقلة" مسار تسوية القضية الصحراوية لأسباب ليس لها علاقة باستثمارات فرنسا في المغرب فقط، بل ثمة لعبة "جيواستراتيجية" تدير فرنسا خيوطها خلف ستار أهداف لم تفصح عنها بشفافية، لكن بالتأكيد لم تعد تُقبل من أحد؛ لأن خيوط اللعبة قد تفلت من "حكام فرنسا"، وتنقلب المعطيات لغير صالح باريس. يجب على باريس أن تختار بين التموقع مع الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة في الدفاع عن استقلال الشعوب وحقوق الإنسان، أو إعلان الخروج عن هذا المسعى والمسار. المهم أن تختار فرنسا موقفها وموقعها؛ فلم يعد مقبولا الرقص على حبلين؛ فلا توجد منزلة ـ كما يقول نزار قباني ـ بين الماء والنار؛ لذلك يا باريس: اختاري.