هل كتبت علينا صراعاتهم إلى يوم يبعثون؟!

العربي ونوغي العربي ونوغي

علق أحد المجاهدين الكبار، وهو من قيادات الثورة التحريرية، (ولن أذكر اسمه حتى لا أتهم بالتحيّز والإشهار) على ما يحدث من تراشق بالتهم وتصريحات وتصريحات مضادة بين مجاهدين وسياسيين وجنرالات شاركوا هم أيضا في "جيش التحرير" بأن هؤلاء جميعا، ينطلقون في شهاداتهم ومذكراتهم من خلافاتهم الموروثة والمتوارثة. وتكاد لا تخرج تصريحاتهم (على الأقل بعضها) عن منطق تصفية حسابات قديمة ومواقف بدأت قبل الثورة، وتواصلت مع الثورة واستمرت إلى ما بعد الثورة، أي إلى يومنا هذا.

ويحصر من تحدث إلينا، وهو مجاهد قيادي من الرعيل الأول بالولاية التاريخية الثالثة، أن جوهر "الصراع المتواصل" لن يخرج عن خلافات جيش الحدود وجيش الداخل. وعن مؤتمر الصومام ثم ما يعرف بجنرالات فرنسا. وما صدمني أكثر في تصريح محدثنا إلى درجة إرتسام "ضبابة" سوداء تشبه اليأس في نفسي هو قوله: "إن الصراعات لن تتوقف إلا برحيل هؤلاء (أطال الله عمرهم)". وأضاف "وقد تورث خلافاتهم وعصبياتهم وحتى أحقادهم إلى أبنائهم وأتباعهم..." معاذ الله.

كلام كهذا من قيادي ثوري سابق، يثقل الأحزان في النفوس. و"يحش الرجلين" كما يقول المثل الشعبي. أي أن مشوارا طويلا آخر سيستمر بينهم وبعدهم. ونحن الذين جئنا بعد الإستقلال لا نتحمل أو نستوعب كل هذه المتاعب.

فهل كتب علينا تجرع خلافاتهم وصراعاتهم إلى يوم يبعثون؟!

الرئيس بوتفليقة الذي أعاد الاعتبار إلى كل الرموز التاريخية في الجهاد والحركة الوطنية من لالا نسومر وبوعمامة وبوبغلة ومصالي وعبان وكريم وحتى إلى بن بلة وفرحات عباس... والآخرين، أوحى في خطابه يوم 15 أفريل 2011 إلى هذه الصراعات المتواصلة بأن أعلن عن: "نهاية الشرعية الثورية" وأن المستقبل للشباب وللعمل. وأن المجاهدين أدوا دورهم وجزاهم الله خيرا أن حرروا البلاد وعتقونا من مستدمر جثم على رقابنا طويلا. وهو إلى اليوم سبب مآسينا. ولكن بعض هؤلاء، حولوا جهادهم إلى ما يشبه رتبة "الأوصياء" إلى الأبد؟!. و إلا ما دخل الضباط المتقاعدين حاليا في السياسة؟!.

54 سنة مرت عن الاستقلال. أي أن الذين ولدوا بعد الاستقلال صاروا أقرب إلى أبواب التقاعد والشيخوخة. ومع ذلك فإن بعض الذين "يصدعون" رؤوسنا بضجيجهم وصراعاتهم وينقلون لنا خلافاتهم، يعتقدون بأننا نفهم ما يقولون أو يهمنا ما يصرحون به، حتى وإن سكنوا الفضائيات ليل نهار.

إن الجزائر بحاجة إلى سواعد الشباب والكفاءات وليس إلى "صراعات الشيوخ والعجائز".