مساء الخير..

  • القراءات: 1808
 بلسان: جمال لعلامي  بلسان: جمال لعلامي

الأسبوع كان مميزا وحافلا وشاهدا على الذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب..الاحتفالات هذه السنة، لم تكن مثلما تعوّد عليه الجزائريون خلال السنوات الماضية..كانت مغايرة شكلا ومضمونا، وقلبا وقالبا.

نشوة النصر هذا العام، قرأها استرجاع رفات وجماجم شهداء وأبطال المقاومة، في يوم الخامس جويلية، فكان الاعتذار والافتخار بما تحقّق حتما مقضيا.

استقبال رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لطائرة الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، التي نقلت توابيت الأحرار والشجعان، صنعت هذا العام، الفارق والتميّز والاستثناء، وكانت مراسيم التشييع، والجنازة الشعبية والرسمية والعسكرية، للشهيد بوبغلة ورفقائه، شاهدا من شواهد الجزائر الجديدة.

بناء الجزائر الجديدة، وإنجاح التغيير الجذري، مثلما ناضل وجاهد الشهداء من أجل مكوّناته وفصوله، وحلم به كلّ الجزائريين وطالبوا به في حراكهم السلمي لـ22 فيفري، هو مشروع متكامل ومتجانس الأركان، ومترامي الأطراف ما بين التاريخ (الماضي) والحاضر والمستقبل.

كانت الرسالة الأولى، أن الجزائر الجديدة، لا يُمكنها بأيّ حال من الأحوال، أن تتنازل عن تاريخها، أو جزء منه، مثلما أكده الرئيس عبد المجيد تبون..لا يمكنها لا اليوم ولا غدا، أن تتخلى عمن صنعوا الثورة التحريرية، وأحرزوا الاستقلال وطردوا المستعمر الغاشم شرّ طردة من أرض الأخيار.

ناكرون ومتنكّرون، هم أولئك الذين حاولوا يائسين بائسين، "تتفيه" وحتى "تسفيه" الإنجاز الوطني التاريخي، وإلباسه عنوة ثوب "الحادث" الذي لا يقتضي الحديث.. والحقيقة أن هذا النوع من البشر، يريدون أن يرى الناس ما يرونه هم فقط، وفي ذلك مرض نفسي، وداء لعظمة مزعومة ووهمية.

ما حدث في ذكرى الاستقلال، هو "سابقة" أحبّ من أحبّ وكره من كره.. هو انتصار في عيد الانتصارات.. خطوة أولى لاستعادة باقي الرفات والجماجم التي سرقها المستعمر المستدمر وسجنها في ما يسميه زورا وبهتانا "متحف الإنسان".

سيسجّل التاريخ المعاصر، بأن الجزائر الجديدة انتصرت، بشعبها ورئيسها وجيشها، ومؤسساتها السيادية، التي رفضت التنازل أو التفاوض على ذاكرتها وعلى كرامتها وعلى حقّ شهدائها في العودة إلى أرضها المسقية بدمائهم ودماء إخوانهم في الكفاح والمقاومة والنضال والتحرير.

الجزائر الجديدة انتصرت، في عيدي استقلالها وشبابها، فلا داعي للتشكيك أو ضرب المعنويات، فالمتعوّدون على تثبيط العزائم، وتكسير كلّ ما هو جميل ومشجّع للهمم، لم يعد صوتهم مسموعا، بعدما فضحتهم أنانيتهم ونرجسيتهم وسمّهم الذي يدسّونه كلّ مرّة خلسة في العسل.

الشهداء عادوا، في انتظار عودة البقية الباقية.. فمن "استخسر" على الجزائريين مجدهم وكبرياءهم ونصرهم، عليه أن لا يستغرب إذا لاحقته "لعنة الشهداء"، في يقظته ونومه، وفي محياه ومماته، اللهمّ إلاّ إذا استغفر المذنبون واعتذروا حتى لا يختلط اعتذارهم مع اعتذار "فافا" عن جرائم الاستعمار.