لن نكون منبر هدم

المساء المساء

تحتفل الصحافة الوطنية هذا العام بالثاني والعشرين من أكتوبر، وهي أمام تحديات جديدة،، الوضع الاقتصادي العام الذي انعكس سلبا على وضع المؤسسات الإعلامية، وكذا رهانات مواكبة التغيير الشامل الذي تشهده البلاد.

وإذا كان التحدي الاقتصادي ليس جديدا على الكثير من المؤسسات الإعلامية التي سبق لها أن عاشت فترات صعبة مماثلة وخرجت منها بأقل الضرر، فإن التحدي الأكبر هو كسب رهان المساهمة في التحول والتغيير اللذين تشهدهما البلاد على كافة الأصعدة والمستويات.

الصحافة الوطنية واكبت التغيير الجاري، شأنها شأن كافة المؤسسات الأخرى التي تحاول أن تتعامل مع التحول السياسي المفاجئ بسلاسة وحكمة ويقظة وأكثر من ذلك بمنطق وعقلانية.

"المساء” كانت من بين الأوائل في مرافقة الحراك الشعبي (الأرشيف شاهد على ذلك)، انطلاقا من إيمانها بأن رسالتها الإعلامية تقتضي نقل انشغالات المواطنين ومطالبهم المتعلقة بالتغيير ومكافحة الفساد.

صحيح أن هذه المرافقة لم تعد بنفس الحجم أو الزخم الذي كانت عليه في البداية، وفي الجمعات الأولى التي كانت جمعات الحسم، حيث استجابت السلطات لمطالب التغيير وتبنّت المؤسسة العسكرية بدورها انشغالات المواطنين ورافقتهم في تحقيق هذه المطالب، بدءا بمطلب رفض العهدة الخامسة وصولا إلى مكافحة الفساد ومحاكمة رموزه من الوزير الأول إلى أبسط مسؤول.

وقد بات من الضروري أن يواصل الإعلام الوطني مرافقة كل هذه التحولات والتغييرات بيقظة كبيرة، تفاديا للوقوع في فخ الأخبار الكاذبة والمغلوطة التي تهدم أكثر مما تبني، والحفاظ على تكريس الوحدة الوطنية التي تعتبر خطا أحمر لا يمكن التساهل بشأنها.

قد يتعرض الإعلام الوطني لانتقادات بعض الدوائر والتيارات التي لا تمثل إلا أنفسها، من خلال مطالبها التي لا تحظى بموافقة أغلبية الشعب، لكن ليتأكد هؤلاء وأسيادهم في العواصم الغربية، أن الإعلام الوطني يحتفل باليوم الوطني للصحافة وهو كله إصرار على مواصلة رسالته الإعلامية، ونقل انشغالات الأغلبية في التغيير الجذري ومحاربة الفساد دون المساس بمؤسسات الدولة، أو المؤسسة العسكرية التي يسعى البعض إلى تشويهها بغرض إدخال البلاد في فوضى عارمة، وجعل البلاد مرتعا لأعداء الجزائر وشعبها لتحقيق أغراضهم الدنيئة، لكن هيهات، فإننا نميّز بين الغث والسمين، وشتان بين مطالب التغيير المشروعة التي نادت بها عامة الشعب لبناء جمهورية جديدة مرجعيتها سيادة الشعب ودولة العدالة والقانون، وبين مطالب مشبوهة تحضّر شعاراتها في مخابر من وراء البحار،، فلن نكون منبر هدم للوطن.