لا تحسب الأهداف بعد صفارة الحكم

العربي ونوغي العربي ونوغي

أصبح مثيرا ومألوفا في الجزائر أن الحدث في السياسة والإعلام يكاد يكون حكرا على المتقاعدين والمبعدين بالإقالة والمغضوب عليهم بمراحل الحكم!؟. ونحن نكاد نكون البلد الوحيد الذي لا يتمتع فيه المتقاعدون بتقاعدهم، بل يبدأون تحركاتهم ونشاطهم منذ اليوم الأول لاستفادتهم من التقاعد!؟. 

المألوف عند الشعوب الأخرى أن يتفرغ المتقاعدون إلى كتابة مذكراتهم وتسجيل مسارهم المهني بإيجابياته وسلبياته حتى يكون مرجعا للباحثين والمؤرخين لاحقا. لكن عندنا "يبدأ" المبعدون انتفاضتهم بمجرد إقالاتهم. يتوالى قصفهم في كل الاتجاهات، وتتكاثر انتقاداتهم للسلطة في أدنى فرصة ومهما كان المكان والمنبر، ويتساوى في ذلك الجنرالات والوزراء والولاة والنواب والمديرون والمدراء... ليس عيبا انتقاد السلطة، بل في بعض الحالات هو المطلوب لتصحيح السياسات والأخطاء والتوجهات، لكن ما نشهده حاليا في الساحة السياسية بما تغذّيه المنابر والمواقع والفضائيات والصحف المكتوبة... من "حروب " خرجت في العديد منها عن العرف والأخلاق، يدفعنا إلى طرح السؤال التالي: لماذا لا يتحدث المتقاعدون والمبعدون والمغضوب عليهم بهذه الحدة والانتقادات اللاذعة إلا عندما يزاحون من مناصبهم ويجرَّدون من مسؤولياتهم  ويبعَدون!؟. بعضهم ـ على الأقل ـ كان يزكي كل شيء بدون تحفظ، ويبارك ويهلل وينتقد حتى من كان يعارض، وبمجرد أن يعفى من مهامه ينقلب على مساره السابق، بل وحتى على مواقفه السابقة وتصريحاته؟!. لقد أصبح مألوفا في بلادنا للأسف، أن كثيرا من المسؤولين والحكام المبعَدين يفضلون اللعب في الوقت بدل الضائع؛ أي بعد صفارة الحكم. ولم نر هدفا يحسب في المقابلات والمبارزات يحسب بعد صفارة الحكم. ولا جدوى من تقديم العراجين للميت ولو كانت "دقلة نور"، أخشى أن تتحول هذه الحملات والتصريحات إلى ما يشبه "أغنية البجع" بعد أن تشف الغدران؛ يحسبه الناس غناء ولكنه في حقيقة الأمر بكاء وتخبّط وحزن على جفاف الغدير، والحديث قياس.