فليزرعوا اليأس.. سنزرع الأمل

العربي ونوغي العربي ونوغي

أسعى على الدوام، وأحاول باستمرار فهم دوافع وخلفيات "ضعف " وهشاشة عديد الجزائريين الذين يستسلمون دون أدنى مقاومة لأي ظرف عصيب أو محنة ولو عابرة ؟!. نحن الجزائريين بتنا نهتز وأكاد أقول "نفقد أعصابنا" أمام أية أزمة. ينتابنا الهلع والفزع، وتسكننا الفجيعة ويسكننا اليأس والاستسلام بمجرد أن نصطدم بواقع جديد أومعطيات غير مألوفة. بالتأكيد أن انهيار أسعار البترول مؤثرة سلبا على مداخيلنا وعلى تنميتنا و على قوتنا. أو بكلمة مباشرة على اقتصادنا وعيشنا. وبالتأكيد أيضا أن شح السماء وهاجس الجفاف أربك الجميع من فلاحين وموّالين وصناعيين. وحتى المواطنين البسطاء. طبيعي أن يسكن القلق الجميع، لكن ما ليس مقبولا هو الاستسلام أو أن يسكن اليأس النفوس. العلم يقوم على مبدأ بسيط وهو أن الحاجة أم الاختراع. ومن هذا المنطلق، انتقل الانسان من عصر الحجر إلى عصر القمر. وتمكن من تطوير ذكائه وقدراته وإمكانياته وأبحاثه من مراحل الصيد وأكل الحشائش ككل البهائم والحيوانات في عصور ما قبل التاريخ إلى أبحاث الفضاء والغوص في الجزئيات الدقيقة جدا لتفاصيل الكون ومركباته. أردت أن أقول بأن الأزمات هي التي تصنع الشعوب الكبيرة وأن المحن هي التي تعلم الإنسان ما لا يعلم وتجبره على إيجاد البدائل والحلول. 

في البترول والغاز والمناجم الأخرى كثير من النعم دون شك، لكن هذه الثروة أوالنعمة أيضا شلت سواعدنا وعطلت حواس الإبداع فينا ونزعت منا روح المبادرة ومبدأ الاعتماد على النفس. لقد أصبح الجزائريون تقريبا جميعا ينتظرون ما تجود به عليهم دولتهم المانحة للأرزاق! كل يستفيد بطريقة أو بأخرى. بصيغة مباشرة أو غير مباشرة. انهيار أسعار البترول لا بد أن يكون منطلقا لتغيير الذهنيات. يجب علينا جميعا أن ننزع من رؤوسنا مرحلة النفط. أوبالأحرى أن نغير نظرتنا إلى هذه الثروة المباركة التي أنعم بها الله علينا لأننا بدل أن نسعى لاستخدامها في إيجاد بدائل اقتصادية جديدة وموارد بديلة، ونطور سلالات أخرى من مشتقاتها، ظللنا ننظر إليها في صورة البقرة الحلوب أو بقرة اليتامى، إلى أن "غرزت" ولم نجد ما نرضعه. يقول الذي بيده ملك السماوات والأرض وبيده مفاتيح الخير والرزق "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ...". لذلك نحن مطالبون بأن ننزع اليأس والشؤم من نفوسنا. وأن ندخل مرحلة ما بعد الدولة المانحة للأرزاق. فهي الأدوم والأنفع. وأقوى إرادة لبلوغ ذلك هو أن لا ننسى بأننا نحن الجزائريين إذا أردنا أن نبلغ شيئا أو نحققه نستطيع، لأننا جزائريون  وإرادتنا من إرادة الله. فليزرعوا اليأس ما شاءوا، سنزرع الأمل ما استطعنا.