تملكون بعض الأوراق.. لكن نملك كل الأوراق

العربي ونوغي العربي ونوغي

قال السفير الفرنسي بالجزائر بيرنار إيمي إن 60 في المائة من التأشيرات الممنوحة للجزائريين يستفيد منها سكان منطقة القبائل... وأضاف أن 50 في المائة من المنح الدراسية يستفيد منها الطلبة القادمون من منطقة تيزي وزو وبجاية، ربما هذا التصريح يكون تصريحا أو خبرا عاديا لو لم نشتم فيه رائحة الدسيسة و«الفتنة” المغرضة لثلاثة أسباب نتوقف عندها؛ أولا: أن تصريحات بيرنارد إيمي جاءت متزامنة مع تصريحات ساركوزي في المغرب. ثانيا: أنه اختار المكان (المنطقة) بدقة لإطلاق سمومه؛ فهو دبلوماسي محنّك. ونحن نعلم أن الدبلوماسيين ليسوا “أشخاصا عاديين”؛ فكل كلمة يطلقونها أو يصرحون بها، تُختار بدقة متناهية وبالميزان، كما يقول المثل الشعبي، ولو صرح بمثل هذا التصريح في مكان آخر ما كان يثير مثل كل هذه الردود، ولاعتبرنا  تصريحه مجرد كشف عن عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين. ولا يوجد جزائري واحد يقلقه أو يغضبه أو يضره أن يستفيد جزائري من منحة جامعية أو “فيزا”؛ سواء كان قبائليا أو شاويا أو عربيا أو ميزابيا...

لكن ما أثار وطنية الجزائريين جميعا بدون استثناء، هو أن تصريح السفير الفرنسي لم يكن عفويا، بل كان تصريحا مغرضا ومدسوسا وحاملا لبذرة الفتنة. ثالثا: أن السفير الفرنسي نفسه اختار حتى وسائل الإعلام الجزائرية التي ترافقه في زيارته إلى ولاية تيزي وزو، وهما جريدتان (واحدة ناطقة باللغة العربية وأخرى ناطقة بالفرنسية). وأراد تغليف “المخطط” من خلال توجيه دعوة إلى وكالة الأنباء الجزائرية قبل أن يتراجع عن ذلك ويلغي الدعوة ويكتفي بالجريدتين. نحن لا نملي على السفير الفرنسي إلى من يوجه دعوته لتغطية زيارته ومرافقته؛ فهو حر في اختياره. لكن أردنا أن نكشف أن “البكاء” على حرية التعبير من طرف هذا السفير وحكومته، مجرد ذر للرماد في العيون ودموع تماسيح، وإلا لماذا أقصى السفير الفرنسي وسائل الإعلام من تغطية زيارته إلى تيزي وزو، وعلى التحديد العمومية منها؟! الجواب واضح: سعادته لا يريد أن يكون الشهود ممن قد يفسدون “المخطط” بنشر الحقائق والخلفيات. 

لقد أخطأ السفير الفرنسي (وإن كنا ندرك علم اليقين مسبقا) عندما ظن أن تصريحه سيكون منطلق فتنة جهوية من باب “فرّق تسد”. لقد أخطأ أسلافه وأجداده من قبل، وعليه أن يقرأ تاريخ الجزائريين، هم شعب يختلف عن كل شعوب العالم، لكن كما يقول الجنرال جياب: “الاستعمار تلميذ غبي، لا يستوعب الدروس والتاريخ”؛ لأن بيرنار نسي أنه دخل منطقة محرمة على أمثاله. منطقة الجهاد والشهداء والأحرار، منطقة عميروش وعبان وكريم وآيت أحمد... ومخطئ لو اعتقد أنه “سيشري” القبائل (كما يقول المثل) بمنح “الفيزا والبورصة”، ولو أعطانا كل منح العالم؟!نحن قبائليون بالتأكيد، لكنا جزائريون حتى النخاع، حتى الموت. 

إن أوراقك مكشوفة يا سيادة السفير، تماما كما هي مكشوفة أوراق ساركوزي وإيفني وفالس...  لقد جربتم بعضها ضدنا في سنوات الدم والجحيم والجنون الإرهابي، وفشلتم.. بالتأكيد إنكم تملكون بعض الأوراق الأخرى التي تحركونها متى اشتدت عليكم الأزمات الاقتصادية والسياسية الداخلية، فتسعون إلى تحويل الرأي العام الفرنسي الداخلي بإحداث أزمة أو عدو خارجي محتمل. وكالعادة، تكون الجزائر مستهدفكم الأول. أقول: تملكون بعض الأوراق، لكنا نملك كل الأوراق ( ..... ).