التزامات الرئيس

مليكة. خ مليكة. خ

حمل اجتماع مجلس الوزراء الذي تراسه، أول أمس، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون العديد من القرارات المبشرة لصالح الفئات الهشة، لاسيما في هذه الظروف الصحية الصعبة التي تمر بها البلاد على غرار الكثير من بلدان العالم بسبب جائحة فيروس كورونا والتي كان تأثيرها واضحا على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي للعديد من الدول. كما برز التزام الرئيس تبون بالوفاء بوعوده، من خلال إصدار قرارات تصب في خدمة هذه الشريحة من المجتمع، إلى جانب اعتماد قرارات لإنعاش القطاع الصناعي رغم إرجائه استكمال النقاش حول قانون المالية التكميلي إلى الأسبوع القادم. 

لم تثن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بسبب تداعيات الحجر الصحي التي تشهدها البلاد منذ قرابة الشهرين، الرئيس تبون من اصدرا قرارات استحسنتها الفئات الهشة من المجتمع، لاسيما ما تعلق منها بإلغاء الضرائب على المداخيل التي تقل أو تساوي 30 ألف دج ورفع الأجر الوطني الأدنى المضمون إلى 20 ألف دج، ابتداء من الفاتح جوان القادم.

وكان المواطنون قد استشفوا بريق الأمل في الخطاب الذي القاه  رئيس الجمهورية بمناسبة أدائه اليمين الدستورية، عندما أشار إلى أن الجانب الاجتماعي سيحظى بالعناية اللازمة في برنامج عمله وأنه سيمنح أولوية كبيرة للارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن الجزائري، حيث صرح قائلا بأن "الطبقة المتوسطة وخاصة الطبقة الهشة ستجد الدولة إلى جانبها حتى توفر لها كريم العيش الذي يصون كرامتها بتنفيذ جميع الالتزامات المسجلة في البرنامج الانتخابي".

وكثيرا ما تكرر هذا الالتزام في الاجتماعات والندوات التي كان يعقدها رئيس الجمهورية مع مسؤولي وإطارات الدولة على غرار اجتماع الولاة الأخير، حيث حرص على ضرورة تقديم الحصائل الدورية فيما يتعلق بتحسين الوضع المعيشي للمواطن، لاسيما من خلال إلغاء الضرائب على ذوي الدخل الضعيف وضمان السكن اللائق و كذا توفير مناصب الشغل للشباب.

وبخصوص النقطة الأخيرة، فقد تناول المجلس برنامج إعادة بعث جهاز دعم تشغيل الشباب الذي قدمه وزير المؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة تحت عنوان برنامج "ريستارت الجيريا" الذي يعد بمثابة خطة وطنية تنموية تكون محركا للتنمية الاقتصادية الشاملة. وتسمح بإعطاء صورة أكثر وضوحا حول وضعية المشاريع المدعمة من قبل جهاز الدعم والتشغيل منذ تشكيله إلى غاية نهاية السنة المنصرمة، علاوة على إلغاء نظام التصريح المراقب على المهن الحرة.

ويراهن القاضي الأول في البلاد على أهمية ودور المؤسسات المختلفة في الدفع بعملية الإنعاش الاقتصادي لبناء الجزائر الجديدة، حيث شدد على ضرورة التخلص من الأساليب البيروقراطية التي تكبل الإرادات والمبادرات، حتى يتسنى الإسراع في تحديد إجراءات الاستفادة من الصندوق الخاص لدعم المؤسسات الصغيرة والناشئة.

ويحرص رئيس الجمهورية على حتمية البحث عن بدائل جديدة للمحروقات من خلال دعوته للإسراع في تشكيل ديوان للفلاحة الصحراوية وكذا استصلاح ملايين الهكتارات الصحراوية لتطوير الزراعة الصناعية،فضلا عن إنشاء العديد من الوكالات الحيوية على غرار الوكالة الوطنية للابتكار.

ولم ينتظر رئيس الجمهورية استكمال مناقشة مشروع قانون المالية التكميلي الذي فضل تأجيله للمرة القادمة، لإصدار قرارات حيوية تصب في خدمة الشأن العام على غرار رفع الضريبة المذكورة أنفا، مفضلا في هذا السياق اتخاذ إجراءات استعجالية تنفيذا وتجسيدا لالتزاماته، على غرار تخفيض ميزانية التسيير من 30% إلى 50%، حيث يشمل ذلك نفقات الدولة والمؤسسات التابعة لها. مما سينعكس بالإيجاب على الواقع العام، وفي سياق إضفاء الديناميكة على القطاع الصناعي، فقد قرر رئيس الجمهورية اعتماد اقتراحات وزارة الصناعة والمناجم المتعلقة بإنعاش القطاع الصناعي.

وبما أن حلول شهر رمضان تزامن هذا العام مع تفشي جائحة كورونا، فقد حرص الرئيس تبون على متابعة مدى الاستجابة لاحتياجات المواطن من التموين بالمواد الغذائية عبر منظومة رقمية خاصة تهدف إلى خلق بنك معلومات لتشخيص كل الفاعلين في ميادين إنتاج وتوزيع المواد واسعة الاستهلاك، إلى جانب تحديد القدرات الإنتاجية وتنظيم نطاق التوزيع. وضمان متابعة دورية لمستويات التخزين على المستوى الوطني بالنسبة للقطاعين العام والخاص.

وأشاد الرئيس تبون بإنشاء هذه المنظومة الرقمية، باعتبارها خطوة أولى على الطريق الصحيح لبناء اقتصاد وطني عصري، مبرزا الحرص على تحيينها حتى تعطينا صورة حقيقية عن القطاع بالأرقام المضبوطة في كل وقت، في حين دعا إلى تعميمها على كل القطاعات وفي عموم التراب الوطني.

وبذلك يكون رئيس الجمهورية قد فضل مسايرة الوضع العام للبلاد عبر إعطاء الأولوية للجانب الاجتماعي بالدرجة الأولى رغم صعوبة المرحلة الراهنة والتداعيات الاقتصادية على الجانب الاجتماعي، حيث لم يتردد في إصدار قرارات وصفها المتتبعون بالمشجعة والتي من شأنها أن تزرع بذور الأمل في نفوس الفئات الهشة من المجتمع المتضررة لا محالة من إجراءات الحجر الصحي. وهو ما من شانه أيضا أن يعزز الثقة بين المواطن ومؤسساته بعد سنوات من سوء التسيير وتفشي الفساد والعبث بالمال العام.