الأوهام الهدامة!

المساء المساء

مع كل استحقاق انتخابي على مستوى الرئاسيات تتعالى الأصوات، إن في الداخل وإن في الخارج، محدثة صدى ورجع صدى كمن يصرخ في واد، في تنسيق غير بريء بين هذه الأطراف مع من يحدث الصدى ومن يرجعه!

وإذا كانت الأصوات الداخلية التي يعرفها الداني والقاصي وتعود عليها حتى مل سماعها، تردد ”دوريا” أسطوانة أصبح شرخها باديا للعيان،لا لشيء إلا لتبرير فشلها - وهي تدركه مسبقا - في تحقيق أي من الأهداف التي سطرتها أو سطرت لها لتعكير مجرى الأحداث والتشويش عليها.

وإذا كانت هذه الأصوات الداخلية مفهومة المنطلق والمقصد فإن الأصوات الخارجية رسمية أو غير رسمية، إعلامية أو حركات ومنظمات غير حكومة يبقى موقفها وتدخلها في شؤون الغير غير مبرر لا سياسيا ولا دبلوماسيا ولا أخلاقيا، لأنه تدخل في خيارات بلد وشعب عرف كيف يتحرر من ربقة الاستعمار الذي استهدف فيه البشر والحجر والهوية بأبعادها المادية واللامادية، استعمار مارس الأرض المحروقة في كل شبر وطأته أقدام عساكره وجلاديه وزبانيته من أبناء جلدتنا للأسف.

لقد نسي أو تناسى المحنون إلى الاستعمار القديم كيف خرج الغزاة يجرون ذيل الخيبة تحت ضربات الأحرار في هذا الوطن الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استقلاله ثم إقامة بناه التحتية وصون وحدته وسيادة قراره، المبني على مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير.

إن هذه الأصوات الخارجية على مشاربها تتابع كل شاردة وواردة في الجزائر ولكنها تعمى عن التجاوزات التي تحدث على الضفة الشمالية وتتجاهل، ليس مطالب فئة عمالية، بل مطالب رأي عام خرج إلى الشارع يطالب بالإنصاف في بلدان تدعي أنها بنيت على الحقوق وتحترم إرادة الشعوب وتستجيب لمطالب أغلبية الرأي العام فيها.

إن الجزائر التي استكملت إصلاحاتها الإدارية والقضائية والسياسية هيأت جميع آليات تسيير الاستحقاقات السياسية وعلى رأسها الانتخابات بدءا من المستوى البلدي إلى الرئاسيات مرورا بالتشريعيات التي نصبت لها لجنة وطنية مستقلة دائمة لمراقبة الانتخابات والتي لا رقيب ولا وصاية عليها إلا قوانين الجمهورية.

ومن خلال هذه اللجنة وبالتنسيق مع الهيئات ذات الصلة سدت أبواب المزايدات السياسية وأصبح الصندوق هو الفيصل يقول من خلاله الشعب كلمته فيكرم من رأى فيه أهلا للتكريم ويبعد من رأى فيه عدم الأهلية.

فعلى هؤلاء وأولئك من يسترضون الناخب ألا يسخطوه على غيرهم، وألا يشوشوا عليه قناعاته خاصة إذا تعلق الأمر باختيار القاضي الأول للبلاد..

وعاش من عرف قدره