إذا عُرف السبب بطل العجب

العربي ونوغي العربي ونوغي

قال الباحث عبد الحفيظ أوراغ إن نسبة 70 بالمائة من الباحثين لا يملكون شهادة دكتوراه!؟، وأن 5000 فقط منهم يحوزون على هذه الشهادة الجامعية العليا. وذكر أيضا أن كثيرا من الأبحاث وإنجازات المخابر تظل نظرية. وقد لا ترقى إلى مستوى البحث المستوفي لشروط البحث العلمي المتعارف عليه في المخابر والجامعات الدولية لأن البحث الذي لا يترجم إلى ملموس أو يقدم قيمة اقتصادية وتجارية مباشرة لا جدوى منه، أي أن أي اختراع أو اكتشاف مخبري لا بد أن يحقق فائدة في مجال تنموي ما، وإلا فليس له معنى. 

في بريطانيا التخصص في الطب أصبح 10 سنوات. ومشكلة الشهادات الجامعية لا تطرح أصلا. أي لا بد أن يكون الباحث أوالأستاذ أوالطبيب مستوفيا دون قفز أو انقطاع لمختلف مراحل التعليم في جميع مراحله. لكن عندنا ـ وللأسف ـ لم يعد مثل هذا الشرط ضروريا في نيل الشهادات أو مواصلة الدراسات العليا أوالتخصص في البحث. إذا كان 70 في المائة من الباحثين لا يحوزون على شهادات جامعية، فماذا عن الذين لا يحوزون على شهادات البكالوريا والبيام وأحيانا حتى السيزيام. ومع ذلك يتولون مسؤوليات حساسة في التسيير سواء في القطاع العام أو الخاص!؟. فلماذا نتساءل بعد ذلك عن تدهور تلك المؤسسات أو ترهلها وفشلها!؟. فكما يقولون "الخط اللي ينبت الزرع باين".

يبدو أن منطق السوسيال لم يعد مقتصرا فقط على المعيشة ودعم المواد واسعة الاستهلاك، بل شمل حتى التعليم والبحث، وهي الطامة الكبرى. لذلك نضم صوتنا إلى الأصوات المنادية بإخراج الجامعة من "السوسيال". وأن تخصص المدارج للذين هم فعلا يريدون مواصلة تعليمهم وأبحاثهم. أما الذين ينظرون إلى الجامعة من باب "الرزق" فهؤلاء أجرهم على الله. وأبواب الرزق و"الخبزة" كثيرة وعديدة. لم يعد مقبولا أن نواصل اعتقادنا بأن الجامعة هي بوابات للحصول على شهادات تخرج تكون مفاتيح  للتوظيف لاحقا. يجب أن نصل إلى مرحلة أن لا يصل الجامعة إلا من فعلا اجتاز كل أطوار التعليم وأثبت إصراره على كسب المعارف والعلم وليس بهدف نيل شهادة تخرج وكفى. 

خوصصة الجامعات هي أفضل أسلوب للخروج من منطق السوسيال. الدولة مطالبة بتوفير ظروف وإمكانيات التعلم وإعطاء الفرص للجميع وليس بإنجاح الفاشلين وضمان مناصب العمل حتى لأولئك الذين يسعون فقط للحصول على شهادة.