الهواء يتعافى من التلوّث بفضل الحجر المنزلي

الهواء يتعافى من التلوّث بفضل الحجر المنزلي
  • القراءات: 819

سُجل تحسن لافت في جودة الهواء في البلدان التي تشهد شللا شبه كامل للأنشطة الاقتصادية؛ بسبب فيروس كورونا المستجد بفعل تراجع مستويات التلوث الجوي، لكن لايزال من المبكر التكهن بآثار هذا الوضع على المدى الطويل.

وقد أظهرت صور التقطتها الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) الشهر الماضي، تراجعا كبيرا في مستوى تركيز ثاني أكسيد النيتروجين، الناجم بشكل رئيس، عن المركبات ومراكز إنتاج الطاقة الحرارية في مدينة ووهان الصينية منشأ وباء كورونا المستجد. وبعدما كانت خريطة التلوث في المنطقة باللونين الأحمر والبرتقالي، انتقلت إلى الأزرق بفعل تقلص مستويات التلوث.

وسجلت وكالة الفضاء الأوروبية الظاهرة عينها مطلع الشهر الجاري في شمال إيطاليا، التي يقبع سكانها في الحجر المنزلي منذ أسابيع لتطويق انتشار الفيروس. كذلك لوحظ الوضع نفسه في مدريد وبرشلونة؛ حيث فُرضت تدابير الحجر على السكان منذ منتصف مارس، وفق الوكالة الأوروبية للبيئة.

ويسبب ثاني أكسيد النيتروجين التهابا قويا في المجاري التنفسية، وهو من الغازات الملوثة ذات أمد الحياة القصير.

ويوضح فنسان هنري بوش من برنامج "كوبرنيكوس" الأوروبي لمراقبة الأرض، لوكالة فرانس برس، أن هذا الغاز "يبقى يوما واحدا في الغلاف الجوي"، ويستقر على مقربة من مصادر الانبعاثات؛ ما يجعل منه مؤشرا جيدا على كثافة الأنشطة البشرية.

مستويات التراجع هذه غير مسبوقة بحدتها. وقد أوضحت الباحثة في وكالة الفضاء الأمريكية في ليو في تعليق على تقلص التلوث في الصين، "هذه المرة الأولى التي أرى فيها تغييرا بهذه الدرجة في منطقة بهذا الحجم، بفعل حدث معيّن".

ويقول ألبرتو غونزاليز أورتيز الاختصاصي في جودة الهواء في الوكالة الأوروبية للبيئة، "حتى في الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 و2009، كان التراجع "أكثر استمرارا على المدى الزمني". ويلفت فنسان هنري بوش إلى أن مستويات التركيز الوسطي بثاني أكسيد النيتروجين في شمال إيطاليا، تراجعت إلى النصف تقريبا.

وفي بلدان ومناطق أخرى اتُّخذت تدابير حجر منزلي، بينها فرنسا وبلجيكا والأرجنتين وتونس وكولومبيا وكاليفورنيا وبافاريا. ويتعين الانتظار قليلا لرصد تطور الوضع. لكن ذلك لا يعني أن الهواء في العالم بات نقيا. ففي الصين سجلت بكين محطات تلوث بالجسيمات الدقيقة في فبراير، حسب بيانات مرصد "ناسا إيرث". كذلك الأمر مع باريس، التي سجلت معدلا متوسطا في مؤشر التلوث رغم تدابير الحجر المنزلي بفعل وجود جسيمات دقيقة وغاز الأوزون في الغلاف الجوي. ويوضح فنسان هنري بوش أن تركيز المواد الملوثة قد يتغير تبعا للأحوال الجوية. ويقول: "بعض مصادر الانبعاثات مثل إنتاج الطاقة وتلك المتصلة بالسكن، لا تتراجع على ما يبدو عندما يلازم عدد أكبر من الأشخاص المنازل".