تأخر التهيئة الخارجية بالسكنات الجديدة مشكل عالق

مواطنون يشتكون، مقاولات لا تُحاسَب، ومسؤولون يبرّرون

مواطنون يشتكون، مقاولات لا تُحاسَب، ومسؤولون يبرّرون
  • القراءات: 1346
زهية. ش / ر. ك زهية. ش / ر. ك

لم تلتزم العديد من مقاولات الإنجاز، في مختلف الولايات، بدفتر الشروط، بشأن الانتهاء من تشييد السكنات وربطها بمختلف الشبكات التحتية وتهيئة المحيط الخارجي، ما انعكس سلبا على تسليمها في وقتها، وتوزيعها على أصحابها، الذين استغربوا هذه الوضعية، متسائلين عمّا إذا كانت هناك مصالح تراقب هذا التأخر غير المبرر.

وما زاد من استغراب المستفيدين من آلاف السكنات بمختلف الصيغ الاجتماعية، التساهمية، الترقوية وبصيغة عدل، هو أن المقاولين الذين سابقوا الزمن من أجل الانتهاء من الأشغال الكبرى، وأجروا كل الروتوشات، أهملوا جانب التهيئة الخارجية، وأضاعوا المزيد من الوقت، ما زاد من معاناة المواطنين المستفيدين من السكنات، الذين ينتظرون الحصول على مفاتيح شققهم على أحرّ من الجمر، فبوهران يوجد زهاء 8 آلاف مسكن تنتظر التهيئة الخارجية، وبتيزي وزو وقسنطينة تسجل نفس الوضعية وبالعاصمة أيضا، لكن المسؤولين يريدون تغطية الشمس بالغربال، ويعلقون المشكل على مشاجب عديدة منها، تساقط الأمطار، وعدم ملاءمة الأرضية... وفي هذا الملف يرصد صحفيو ومراسلو المساء وضعية عالقة، قد لا يلقي لها المسؤولون بالا، لكنها تعد بالنسبة للمواطن، مصدر متاعبه ومعاناته، خاصة عندما يتسلم مفاتيح الشقة ولا يمكنه أن يسكنها بسبب تأخر أشغال الفي أر دي

ر. ك

رغم توزيع آلاف السكنات بالأحياء الجديدة بالعاصمة ... المرحّلون ينتظرون حلولا لمشاكل عالقة

رغم مرور سنوات على توزيع العديد من السكنات بالأحياء الجديدة بالعاصمة على العائلات التي كانت تقطن القصدير والأسطح والأقبية، وأخرى تساهمية وبصيغة عدل، لا تزال هذه الأخيرة تفتقد للعديد من المرافق الضرورية، وهي التي اعتبرت سكنات عصرية ومريحة، حيث أن سكانها لا زالوا يواجهون مشاكل ونقائص عديدة، جعلت فرحتهم لا تكتمل، بعدما ودعوا أزمة السكن، خاصة أولئك الموجهين لبعض الأحياء المعزولة والواقعة بعيدا عن وسط المدينة، وبالأخص في غرب العاصمة، لامتلاكها مساحات شاغرة، على غرار تسالة المرجة، عين البنيان، بئر توتة، سحاولة وغيرها من البلديات، حيث غرقت الأحياء الجديدة التي احتضنتها، في مشكل التمدرس، وما صاحبه من اكتظاظ وغياب الأسواق والمراكز الصحية والبريدية والأمنية، التي أرهقت السكان الذين يجدون أنفسهم يوميا في رحلات البحث عما ينقصهم بعيدا عن أحيائهم، خاصة وأن بعض هذه الأحياء تعاني نقصا فادحا في النقل..المساء قامت بجولة ببعض الأحياء الجديدة وحملت انشغالات سكانها، وما يقترحه رؤساء المجالس الشعبية البلدية من مشاريع لسدّ العجز.

 

أول من التقينا بهم، بعض سكان حي 1310 مساكن و930 مسكنا بتسالة المرجة، الذين كانوا من بين المستفيدين الأوائل من عمليات الترحيل، التي باشرتها ولاية الجزائر في 2014، حيث ذكروا أن العديد من النقائص لا تزال تنغص حياتهم، رغم مرور سنوات على التحاقهم بشققهم الجديدة، في إطار القضاء على القصدير وإعطاء العاصمة الوجه اللائق بها، ومنح المحتاجين لشقة لائقة تأويهم.

حي 1310 مسكنا بتسالة ... المرجة: محلات مغلقة وأمن غائب

أشار هؤلاء السكان إلى غياب العديد من المرافق الضرورية، أهمها الأسواق الجوارية التي تمكنهم من اقتناء حاجياتهم، وهذا في الوقت الذي تبقى فيه العديد من المحلات مهملة ومغلقة، بسبب رفض أصحابها الالتحاق بها باستثناء عدد قليل منهم والخاصة بالمواد الغذائية، حيث يضطرون للتنقل إلى وسط البلدية للحصول على مختلف الحاجيات.

كما أشاروا إلى انسداد البالوعات، ومشكل تعطل الإنارة داخل العمارات، وتدهور وضعية أسقفها، من دون تدخل الجهات المعنية للتكفل بها، على رأسها البلدية التي راسلوها عدة مرات، حيث يضطر السكان أحيانا إلى الاعتماد على إمكانياتهم الشخصية لإصلاحها، فضلا عن نقص فضاءات اللعب والترفيه للأطفال، رغم أن الحي يضم عددا كبيرا من السكان، ويفترض توفير كل المرافق اللازمة، لاحتواء الشباب وإبعادهم عن الآفات الاجتماعية، خاصة وأن الأمن يظل غائبا لحد الآن، مثلما أكده أغلب الذين تحدثنا إليهم، مشيرين إلى أن حياتهم تحولت إلى جحيم بسبب الاعتداءات المتكررة.

واعترف رئيس بلدية تسالة المرجة، نور الدين جواح، في لقاء خص به المساء، بالنقائص التي يعاني منها سكان الحيين الجديدين بالبلدية، منها المحلات المغلقة التي حرمت العائلات المقيمة بحي 1310 مساكن من الاستفادة من مختلف الخدمات، وتحوّلها إلى مصدر إزعاج للسكان، وبقائها بدون نشاط منذ تسليم هذا الموقع لأصحابه، مشيرا إلى أن المشاكل الخاصة بانسداد بالوعات الصرف الصحي والإنارة والأسقف، ليست من صلاحيات البلدية، بل تعود إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري الذي تنصل من مسؤوليته، وأبقى الأمور على حالها، من دون أن يرد لا على انشغالات السكان ولا على البلدية التي يتهمها المواطن بالتقصير، رغم أنه ليس من حقها التصرف في العمارات التي ليست ملكا لها.

ووعد رئيس المجلس الشعبي البلدي السكان بفتح سوق جوارية جديدة في الأيام القليلة المقبلة بحي 1310 مساكن، بعد أن تم حل مشكل ربطه بالكهرباء، كما تم تسجيل مشروع إنجاز ملعب جواري لوضعه تحت تصرف الشباب، ليضاف إلى الملاعب الجوارية الستة المتواجدة، لاستيعاب العدد المتزايد من الأطفال والشباب الراغبين في ممارسة هوايتهم، متأسفا لغياب مركز للأمن الحضري بهذا الموقع، الذي يضم أكثر من ألفي عائلة، مشيرا إلى أنه تم إنجاز مقر للأمن بالحي، وهو جاهز لأكثر من أربع سنوات، لكن لم يتم فتحه لحد الآن، رغم أهميته بالنسبة لهذه الأحياء، التي جمعت عائلات من مختلف مناطق العاصمة، بعضها كان معروفا بانتشار المنحرفين بالأحياء القصديرية، ويقع بعضها أيضا بمناطق معزولة.

غياب تام للمرافق بحي عدل” بجنان سفاري3

بدورهم، عبر بعض سكان حي عدل بجنان سفاري3 لـ«المساء، عن قلقهم نتيجة للنقائص التي اكتشفوها بعد التحاقهم بشققهم، ما جعل فرحتهم منقوصة لأنهم تحصلوا على مراقد خالية من الهياكل الضرورية، مثلما قال أحدهم، وخصوا بالذكر الانعدام التام لفضاءات اللعب والترفيه للأطفال الذين يضطرون للعب وسط الحي معرضين أنفسهم لمختلف الأخطار، كما يعد غياب الإنارة العمومية هاجسا حقيقيا بالنسبة للمشتكين، بسبب تعرض بعضهم للاعتداءات والسرقات، حيث يستغل اللصوص والمنحرفون غياب الإنارة لتنفيذ خططهم، خاصة وأنّ السكنات معزولة وتقع بمحاذاة الطريق السريع، حيث تبدو خالية من أيّ مرفق، باستثناء مدرستين ابتدائيتين، بينما يتنقل تلاميذ مرحلتي المتوسط والثانوي إلى مؤسسات بعيدة عن مقر سكناتهم للدراسة، كما تنعدم المحلات والأسواق الجوارية تماما من محيطهم مما جعلهم يقتنون حاجياتهم من حي المالحة بعين النعجة، بينما يبقى مشكل تصدع شبكة المياه الصالحة للشرب بالحي قائما منذ عدة أشهر، رغم الشكاوى العديدة التي وجهها السكان للجهات الوصية، كون ذلك ينعكس  على توزيع هذه المادة الحيوية.

عين البنيان: المير يعد ببعض المشاريع

ولم تسجل العائلات التي استفادت من سكنات جديدة بعين البنيان، الاستثناء حسب بعض من تحدثوا لـ«المساء، حيث تنعدم بحيهم مختلف المرافق وعلى رأسها المؤسسات التربوية التي تحولت إلى هاجس بالنسبة للأولياء، بالنظر للظروف الصعبة التي يدرس فيها أبناؤهم، بسبب بعد المؤسسات والاكتظاظ، فضلا عن انعدام فضاءات الترفيه واللعب، سواء بحي 1001 سكن اجتماعي إيجاري أو 1342 سكن اجتماعي تساهمي أو 480 سكنا عدل الذي لم يسلّم بعد لأصحابه، كما يفتقد هؤلاء السكان لأسواق وملاعب جوارية، حيث يستفيد أطفال 1001 مسكن من ملعب جواري واحد، لا يلبي حاجيات هذه الفئة، كما يبقى هاجس انعدام الأمن قائما بهذه الأحياء الجديدة، بسبب غياب مقر للأمن الحضري.

في هذا الصدد، أوضح رئيس بلدية عين البنيان، كريم إبلعيدن لـ«المساء، أنّه من المقرر إنجاز مدرسة ابتدائية ومتوسطة بحي 1342 سكنا تساهميا، وابتدائية بحي 1001 سكن، فضلا عن برمجة إنجاز سوقين باريسيين بالقرب من هذا الأخير، وفتح مؤخرا مركز بريدي لتقريب الخدمات من السكان وتخفيف الضغط عن مركز بريد وسط المدينة، كما تم مؤخرا ـ حسب المتحدث ـ فتح مكتب آخر لقباضة الضرائب، إلى جانب برمجة ملعب جواري آخر بالحي نفسه، مشيرا إلى أن المجلس لا يمكنه برمجة مشاريع إلى غاية الاستلام التام للأحياء، لمعرفة العقارات التي يمكن استخدامها واحتضانها للمشاريع، التي يطالب بها السكان، مؤكدا غياب مقر جواري للأمن، حيث اقترح المجلس على المعنيين قطعة أرضية يمكن استغلالها لبناء هذا المرفق مستقبلا.  

2160 مسكنا ببئر توتة: تماطل في تجسيد المشاريع

أما بحي 2160 مسكنا بسيدي امحمد في بئر توتة، الذي يقع في منطقة معزولة ويبعد بعدة كيلومترات عن مقر البلدية، فإن فرحة المرحلين لم تدم طويلا، بعد اكتشافهم نقص العديد من المرافق والتماطل في تجسيد العديد منها بعد 4 سنوات من تسليمه، وهي النقطة السوداء التي لا تزال تنغص راحتهم، باستثناء المدارس التي تمكن الحي من افتكاكها وأنجزت في نفس الوقت مع المشروع، حيث ذكر السكان أنهم تخلصوا من مشكل الاكتظاظ أو نقل أولادهم من منطقة إلى أخرى، عكس بعض الأحياء الجديدة الأخرى، بينما تبقى الأسواق غائبة رغم أهميتها، ما جعلهم يقتنون الخضر والفواكه من الأحياء ومحلات الفيلات المجاورة بأسعار مضاعفة، فضلا عن غياب خدمات سونلغاز، سيال والبريد بسبب عدم فتح فروع لها، وكذا مركز صحي يزيل عنهم عناء التنقل إلى غاية بئر توتة مركز أو إلى غاية مستشفى الدويرة بقطع أكثر من 15 كلم.

2400عائلة بالدويرة تنتظرالحلول

وبحي ألف مسكن بالدويرة، الذي يعد من بين أهم الأحياء الجديدة بالبلدية، تشير شهادات السكان إلى أن الحي الأول، ورغم توسطه حيا قديما، إلا أنه لا يزال يعاني من عدة مشاكل، على رأسها غياب مدارس ابتدائية، حيث يضطر الأولياء مرافقة أبنائهم الصغار إلى وجهات مختلفة، ما أثّر على المستوى الدراسي للعديد منهم، وذلك مقابل توفر باقي الخدمات لتواجد محلات منذ سنوات بالمنطقة، عكس حي 1400 مسكن الذي تغيب فيه المحلات التجارية، المدارس والأسواق، مما يجبر التلاميذ على التنقل إلى مدارس وسط البلدية، التي تشهد هي الأخرى اكتظاظا رهيبا.

كما أدت ظروف غياب المحلات والأسواق إلى اقتناء الحاجيات من الباعة المتجولين بأسعار مضاعفة عما يعرض بالأسواق اليومية، حيث استغل البعض الفرصة، من أجل الربح السريع، غير أن ما يثير قلق العائلات أكثر هو الاعتداءات التي تحدث ليلا في غياب الأمن، بينما أكد رئيس البلدية، جيلالي روماني، أنّ المرافق التربوية تعتبر من أكثر المشاكل التي أثرت على عملية الترحيل، لعدم القدرة على احتواء العدد الهائل من التلاميذ ومواجهة مشكل الاكتظاظ، مشيرا إلى العجز الذي سجلته البلدية بتلك الأحياء الجديدة، خاصة وأنّ بلدية الدويرة تصنف من ضمن البلديات الفقيرة، والتي يستحيل في الوقت الحالي أن تتمكن من تغطية عدد المرحلين إليها، حيث عرفت فتح ستة أحياء جديدة، إضافة إلى تلك التي هي في قيد الإنجاز، ما أدى إلى ارتفاع عدد السكان بنسبة 10 إلى 15 بالمائة نسمة إضافية، عرفتها البلدية مؤخرا.

إنجاز 106مجمعات مدرسية للدخول المقبل

وكانت الجهات الوصية قد اتخذت إجراءات ظرفية لمواجهة الاكتظاظ داخل الأقسام، على غرار تنصيب شاليهات ووضعها تحت تصرف التلاميذ المرحلين، خاصة بغرب وشرق العاصمة في انتظار استلام المشاريع التي يجري إنجازها، حيث سيتدعم قطاع التربية بولاية الجزائر، خلال السنة الجارية بـ 24 منشأة تربوية تقع في المجمعات السكنية الجديدة، حسبما سبق وأن صرحت به وزيرة التربية الوطنية السابقة نورية بن غبريط، في بداية الفصل الدراسي الثاني، عقب تدشينها لـ14 منشأة تربوية بالعاصمة، للقضاء على الاكتظاظ، بينما يجري التحضير لإنجاز 106 مجمعات مدرسية، مع الدخول المدرسي المقبل، من بينها 40 متوسطة و20 ثانوية قيد الإنجاز، كما سيتم إطلاق مشاريع لإنجاز 72 مجمعا مدرسيا و40 متوسطة و27 ثانوية، للتخفيف من الضغط المسجل بها.

زهية. ش