مهنة تسلك طريقها وسط الجزائريين

منظمو الأعراس يغازلون ثقة العرسان

منظمو الأعراس يغازلون ثقة العرسان
  • القراءات: 776
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

انتشرت خلال الآونة الأخيرة في الجزائر، شركات خاصة بتنظيم الأعراس والولائم، بشكل ملفت للانتباه، حيث عكس صالون الزفاف والولادة الذي نظمت طبعته العاشرة، مؤخرا، مدى اهتمام البعض بإنشاء مؤسسات خاصة، تهتم بتنظيم مختلف الولائم والمؤتمرات، لتتخصص بعض الدور في تنظيم حفلات الزفاف التي كثيرا ما توليها الأسر الجزائرية اهتماما خاصا، لاسيما أن تنظيمها مرهق، نظرا لعدد العادات والتقاليد التي تحرص غالبية الأسر على إحيائها خلال هذا الحدث. 

لفت انتباه "المساء" خلال تجوالها بالصالون الوطني للزفاف والولادة، عدد النساء اللواتي تخصصن في مهنة "تنظيم الأعراس"، إذ سجلت الكثير من تلك الدور حضورها في المعرض، لتتنافس فيما بينها، واقتراح خدماتها للظفر بأكبر عدد من عقود العمل مع الأزواج المستقبليين. أثار فضولنا نوعية الخدمات المقدمة من طرف كل مؤسسة، التي يبدو أنها واحدة، لكن التفاصيل تختلف من مؤسسة لأخرى، وهذا ما أكدته مسيرة "دار العروسة"، و.حنان، العاملة في الميدان منذ خمس سنوات، حيث قالت، إن فكرة إنشاء المؤسسة كانت بعد مشورة طويلة مع شقيقتها، فبعد تخرجهن من الجامعة، التحقن بمدرسة تكوين للاستفادة من تربص لتنظيم المناسبات والمؤتمرات، دام ستة أشهر، حملن منه أساسيات المهنة، ليلتحقن مباشرة بعالم الشغل، بتنظيمهم أول وليمة زفاف بالعاصمة، حققت نجاحا كبيرا، ساعدهما على اكتساب زبائن جدد من نفس العرس، ليتوسع مجال عملهما وتنتعش مهنتهما.

خدمة مرتفعة السعر

من جهتها، قالت نوارة مديرة مؤسسة "ايفنت"، إن دخولها هذا العالم لم يكن أبدا "أكاديميا"، بل لظروف أسرية فرضت منطقها على سيرورة حياتها، على حد قولها، مشيرة إلى أن أمها من أصول "تلمسانية"، كانت تعمل "شادة"، وهي المرأة المختصة في مساعدة العروس في ارتداء اللباس التقليدي "الشدة"، حيث عملت في المجال لأكثر من 30 سنة بمدينة تلمسان، احتكت طيلة تلك السنوات بمختلف مقدمي الخدمات المرتبطة بالأعراس، منسقي الأغاني، متعهدي الطعام، مصورين، أصحاب قاعات حفلات، ماشطات وغيرهم، مما جعل لديها دليل أرقام خدمات واسع، وهذا ساعدها بعد ذلك في اكتساب المهنة ومواصلة المسار، لكن كمنظمة أعراس ومنسقة لتلبية جميع رغبات العرسان.

على صعيد ثان، قالت أمينة حسايني، مشاركة بالمعرض، إن مهنة تنظيم الأعراس لم تحمل بعد كل مفاهيمها في الجزائر، نظرا لتدني القدرة الشرائية في المجتمع الجزائري، مشيرة إلى أن الكثير من المقبلين على الزواج ونظرا لارتفاع التكاليف، يحاولون بكل الطرق خفض التكاليف والاقتصاد هنا وهناك، للتقليل قدر الإمكان من النفقات، موضحة أنها عشقت هذه المهنة بعد زيارتها لأنطاليا التركية، حيث يبدو أن هذه المهنة أخذت أبعادا كبيرة في تلك المدينة الساحلية، ونظرا لقوة القدرة الشرائية لسكان تلك المدينة، يلجأ الغالبية إلى خدمة تلك المؤسسات التي تتنافس وبشدة في تنظيم الأعراس، مشيرة إلى أن مناخ العمل هناك ملائمة أكثر، باعتبار أن البنى التحتية والخدمات متوفرة، والخيارات متاحة أكثر، معربة عن أملها في بلوغ ذلك الأمر في الجزائر لانتعاش تلك المهنة. وأضافت المتحدثة أن أكثر ما يثير إعجابها في هذه المهنة، الثقة التي يمنحها الزوجان لمنسق الأعراس، والتي عادة ما يمنحانها كامل "الوكالة" لاختيار وتنسيق كل ما يليق بليلة عمر مثالية، وفق ميزانية يخصصها الزوجان.

من جهتها قالت مروى، منسقة مناسبات بفندق بالعاصمة، ومشاركة بالمعرض، إن ثقافة الاستعانة بمنسق أعراس انتشرت في الجزائر، بفضل تفتح الجزائريين على ثقافة "المساعد"، ففي مرحلة سابقة كانت التنظيمات تتم من طرف العائلة والأصدقاء المقربين فقط، إلا أنه اليوم، يمكن الاستعانة بخدمات مؤسسات خاصة في تنظيم الأعراس، تقوم بذلك مقابل عمولة محددة، ولا يمكن القول إن ذلك يكون أكثر تكلفة أم أقل، فهو منوط بمدى "شطارة" منظم الأعراس، فالبعض وبفضل معرفهم الوطيدة بمقدمي الخدمات، يمكنهم الاستفادة من تخفيضات في بعضها، مثلا متعهدي الطعام، أو المصورين، أو أصحاب قاعات الحفلات وغيرهم، وبذلك سوف تكون التكلفة أقل من جهة، وتمنح الزوجين راحة في الاستمتاع بالزفاف دون القلق بشأن تنظيمه.

أما منور المكلف التجاري لشركة مختصة في تنظيم المناسبات والمؤتمرات، فقال إن مهنة تنظيم الأعراس تعني الاهتمام بتنظيم الوليمة من الألف إلى الياء، إلا أن ذلك يختلف، حسب ما يريده الزوجان، فالبعض يريد الاستفادة من الخدمة الكاملة، والمقصودة بالكاملة من القاعة إلى الديكور، إلى تزيين الموائد، وتوفير أواني العشاء والقهوة، إلى الاستعانة بمتعهد طعام، تزيين سيارة موكب العروس، تنشيط الزفاف من منسقي الأغاني أو مغنين، محضري الحلويات، وصولا إلى تنظيم شهر العسل، أو المبيت في فندق وغيرها، إلا أن الخدمات قد تختلف وفق طلب الزبون، إذ يمكن مثلا الاستفادة فقط من خدمة أو اثنتين من كل ذلك، مثلا قاعة الحفلات ومتعهد الطعام فقط، أو ديكور القاعة وتحضير الحلويات وما إلى ذلك.

وأضاف المتحدث أن التكاليف تختلف حسب "ميزانية" الزبون، فهناك خدمات "في اي بي"، وأخرى أقل تكلفة، بطبيعة الحال تختلف النوعية، يضيف المتحدث، فمثلا ديكور مائدة واحدة بنوعية الأواني الراقية والفخمة ديكورها يتراوح بين 15 ألف و20 ألفا، وهي عادة تكون مائدة ضيوف الشرف، في حين قد يكون ديكور المائدة الواحدة بأوان جميلة لكن بسيطة بين 2500 و3500 دينار للطاولة الواحدة، مشيرا إلى أن تكلفة الخدمة تختلف حسب نوعية ما يتم تقديمه. تضم تكلفة منظمي الأعراس، حسب المتحدث، إجمالي الخدمات زائد عمولة المنسق، التي قد تتراوح وحدها بين 15 و50 مليون سنتيم، دون نفقات باقي الخدمات، مشيرا إلى أنه اليوم بعد المؤسسات تحاول إدراج ضمن شركتها، مختلف تلك الخدمات، ليكون بذلك التكلفة أكبر، حسب الخدمة المقدمة.

وعن فترة التنظيم وكم تحتاج فترة تلك التحضيرات، يقول منور، إن الأمر يكون أكثر سهولة بالنسبة للمنسقين، لأن لديهم اتصال مباشر مع مقدمي باقي الخدمات، إلا أنه لابد فقط من أخذ مواعيد وتنسيق محكم، لتفادي المفاجأة السيئة يوم الزفاف، وتتراوح الفترة من أسبوع إلى شهر كامل، حسب ما يطلبه الزوجان، فمثلا أكثر ما يأخذ الوقت هو تحضير الحلويات، أما الباقي فهو مجرد أمر متعلق بتفرغ مقدمي الخدمة، مثلا منسقي الأغاني، أو مصورين، أو مقدمي خدمات "العمارية"، أو كراء السيارات وغيرها. ولا يزال الإقبال على تلك الخدمات محتشما، مقارنة بدول أخرى مجاورة، التي يبدو أنها أخذت مفاهيم أكثر اتساعا فيما يتعلق بمنظمي الأعراس.