الرئيس تبون يقـر حــزمة مـن الإجراءات العملية لترسيخ السـلم الاجتماعي

مكـاسب اجتـماعية كبرى

مكـاسب اجتـماعية كبرى
  • 173
أسماء منور أسماء منور

 * زيادات هامة في الأجور ومنحة البطالة ومعاشات المتقاعدين

 * القدرة الشرائية والتشغيل في صلب الأولويات 

 * 750 أورو منحة للسفر حفاظا على كرامة الجزائريين 

* تحسن مؤشرات سوق العمل ودعم الحماية الاجتماعية للفئات الهشة

 * إنشاء مصالح جديدة للعلاج بالأشعة على مستوى مراكز مكافحة السرطان

 * توسيع التغطية الصحية للمواطنين ومرضى السرطان

 * قروض جديدة لتمويل المساهمة الشخصية  في مساكن "عدل 3"

 * إنجاز500 ألف وحدة سكنية واقرار تسهيلات للحصول عليها 

تعد سنة 2025 محطة مفصلية في مسار تعزيز مكاسب الجبهة الاجتماعية، من خلال ترسيخ مبدأ حماية الفئات الهشة والطبقة العاملة، حيث تجسد هذا التوجه من خلال حزمة من الإجراءات العملية التي مست القدرة الشرائية، التشغيل، الحماية الاجتماعية، السكن والصحة، بما يعكس إرادة سياسية واضحة لتكريس الطابع الاجتماعي للدولة.

تميزت سنة 2025، ببروز الجبهة الاجتماعية كخط دفاع أساسي لحماية السلم الاجتماعي، من خلال دعم الأجراء بشكل مباشر، وإقرار زيادات هامة لفائدتهم، لتشمل فئة البطالين والمتقاعدين، حيث عملت السطات العمومية على جعل السياسات الاجتماعية أكثر استهدافا لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وتحصين المجتمع وترسيخ أسس الاستقرار الاجتماعي باعتبارها قاطرة أساسية للتنمية الشاملة.

ومن الخيارات الاستراتيجية التي أقرتها الدولة لتحصين المجتمع، التوجه إلى مضاعفة الأجور خلال 2026/2027، بنسبة إضافية بنحو 53 من المائة، وهو ما سيجعل الزيادات في الأجور تصل إلى 100 من المائة، حيث بلغت في 2025 في 47 من المائة مع احتساب الزيادات التي سبقتها.

وشكلت الزيادات في الحد الأدنى المضمون للأجور، أحد أعمدة تدعيم الجبهة الاجتماعية، حيث تقرر رفعها إلى 24 ألف دينار، في إطار مقاربة تدريجية لتحسين الدخل الحقيقي، دون الإخلال بالتوازنات المالية للدولة، والتي ستمس فئة كبيرة من العمال من ذوي الدخل الضعيف. وأكد رئيس الجمهورية في هذا الخصوص، خلال لقائه الدوري الأخير مع الصحافة، أنه بدءا من سنة 2026 سيتم إدراج الزيادات الجديدة في الأجور ومنحة البطالة، التي تقرر رفعها من 15 ألف دينار إلى 18 ألف دينار، لصون كرامة الشباب الجزائري، إلى غاية حصوله على فرصة عمل.

وشهدت سنة 2025 تسجيل تطور هام في المؤشرات الإحصائية لسوق الشغل، خلال الفترة ما بين 1 جانفي إلى 30 نوفمبر الماضي، حيث تمت تلبية أكثر من 76 من المائة من عروض العمل، كما شهدت عروض العمل لسنة 2024 زيادة فاقت 75 من المائة مقارنة بسنة 2020، مع تسجيل ارتفاع في تعداد التنصيبات الاقتصادية خلال 2024، بأكثر من 76 من المائة مقارنة بـ2020.

وتعكس الحصيلة، زيادة كبيرة في عروض العمل بفعل النمو الاقتصادي، حيث تم توجيه آلاف طالبي العمل منذ 2020، مع تحقيق 2 مليون و70 ألف تنصيب منذ 2020، حيث تمت 93 من المائة من عمليات التنصيب عن طريق الوكالة الوطنية للتشغيل، فيما بلغت نسبة عملية التنصيب عن طريق الهيئات الخاصة المعتمدة 6 من المائة. 

وفيما يخص مرافقة طالبي العمل من خريجي التكوين المهني، كشفت الحصلة الأخيرة الصادرة عن وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، أن نسبة التنصيبات المحققة انتقلت من 14 من المائة خلال 2020 إلى 17 من المائة في 2025، فيما بلغت التوجيهات نحو عروض العمل أكثر من 124 ألف توجيه مع عدد تنصيبات محققة بـ31 ألف تنصيب، كما أن طلبات العمل المسجلة إلى غاية 30 نوفمبر الماضي، بلغت أكثر من 488 ألف طلب، فيما فاق عدد التوجيهات نحو عروض العمل 404 ألف توجيه، وقدرت التنصيبات المحققة أكثر من 84 ألف تنصيب. وبالنسبة لطالبي العمل من خريجي مؤسسات التعليم العالي، انتقل عدد التنصيبات المحققة من من 27 ألف تنصيب في 2020، إلى 61725 تنصيب إلى 30 نوفمبر الماضي.  

ومن بين الالتزامات التي تحققت في 2025، إقرار زيادات هامة في منح ومعاشات المتقاعدين، تقدر بـ10 بالمائة للذين يتقاضون أقل أو يساوي 20 ألف دينار، و05 بالمائة بالنسبة لأولئك الذين يتقاضون أكثر من 20 ألف دينار، حيث تكتسي هذه الزيادات أبعادا اجتماعية واقتصادية عميقة، لفئة قدمت سنوات طويلة من العمل، كما أنها تصون كرامة المتقاعدين وتعزز التضامن بين الأجيال. وتأتي التدابير التي أقرها القاضي الأول للبلاد، لتقليص الهشاشة الاجتماعية، وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة، بشكل يوازن بين العدالة الاجتماعية والتوازنات المالية للدولة.

إطلاق "عدل 3" وتسهيلات لطالبي السكن

وكان قطاع السكن في 2025، في صلب اهتمامات الدولة، من خلال العديد من المكتسبات، والإجراءات الملموسة التي تم إقرارها لطالبي السكن، حيث أقرت الدولة تسهيلات في دفع الشطر الأول من برنامج "عدل 3"، من خلال تقسيط التسديد على مرحلتين، المقدر بـ34 مليون سنتيم بالنسبة للشقق المكونة من 3 غرف، و43 مليون سنتيم للسكنات المكونة من 4 غرف، لمنح المسجلين الوقت الكافي لإتمام عملية الدفع بكل يسر.

كما تقرر إطلاق قرض جديد من قبل الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط "كناب-بنك"، موجه لمكتتبي برنامج سكنات البيع بالإيجار، يتيح تمويل كامل مبلغ المساهمة الشخصية بنسبة فائدة مدعمة قدرها 1 من المائة، حيث يجسد هذا المنتج المالي الجديد التزام الدولة بالمساهمة في تسهيل عملية الحصول على السكن، واقتراح حلول مالية ملائمة لاحتياجات الجزائريين.

ولتقليص العجز السكني، من المنتظر أن يتم توطين 61 ألف وحدة سكنية بصيغة "عدل 3"، كما تم تسجيل في قانون المالية لسنة 2026، وإنجاز 300 ألف وحدة سكنية في هذه الصيغة، كما تم تسجيل نصف مليون وحدة سكنية بصيغة عدل في قانون المالية لسنتي 2024 و2025، مع إدراج تحسينات نوعية في نمط تشييد السكنات من خلال إدراج التدفئة الممركزة للجميع والرفع من كمية الخزف المستعمل في الإنجاز وإدراج النظام المحين المضاد للزلازل. كما تقرر اعتماد إجراءات تحفيزية لفائدة المستفيدين من سكنات عدل، من خلال تخفيضات تصل إلى 10 من المائة، تمنح من طرف الدولة لفائدة المستفيدين من سكنات البيع بالإيجار الراغبين في تسوية باقي الإيجار دفعة واحدة.

ويحتسب التخفيض على أساس المبلغ المتبقي من الإيجار، الذي يسدده المستفيد دفعة واحدة، وأن الاستفادة منه تستلزم دفع ما لا يقل عن 25 من المائة من السعر الإجمالي للسكن، مع تسديد جميع الأقساط الشهرية المستحقة، قبل التقدم بطلب الحصول على التخفيض، كما أن طلب الاستفادة يجب أن يكون مرفقا بوثائق تثبت استيفاء الشروط المطلوبة، لتتكفل المصالح المعنية بوزارة المالية بمبالغ التخفيض على باقي الإيجار المستحق، فيما يقوم المرقي العقاري بإرسال طلبات استرداد المبالغ الناتجة عن التخفيض إلى المصالح المختصة.

ومن بين المكتسبات الهامة التي تحققت في قطاع السكن، فتح الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية عملية الترشح للاستفادة من سكن ترقوي مدعم بصيغة البيع بالإيجار لفائدة كل من تتوفر فيهم شروط قابلية الاستفادة، حيث يتضمن البرنامج السكني 2460 وحدة موزعة على 24 ولاية، لفائدة العمال الأجراء والمتقاعدين المنتسبين للصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، حيث تم استقبال طلبات الترشح رقميا تماشيا مع التزامات السيد رئيس الجمهورية الرامية إلى رقمنة المرفق العام وتحسين حكامة القطاع الاقتصادي.

750 أورو منحة للسفر حفاظا على كرامة الجزائريين 

بعد أشهر من الانتظار، دخلت المنحة السياحية التي أقرها رئيس الجمهورية في ديسمبر 2024 حيّز التنفيذ خلال سنة 2025، حيث شرعت البنوك ابتداء من شهر جويلية في تمكين المواطنين من الاستفادة من منحة سفر بقيمة 750 يورو للبالغين و300 يورو للقصر، مرة واحدة في السنة. وتم ربط الاستفادة من المنحة بجملة من الإجراءات التنظيمية، أبرزها تقديم جواز سفر ساري المفعول، تذكرة سفر مؤكدة، وتأشيرة عند الاقتضاء، إلى جانب تحديد مدة الإقامة بسبعة أيام أو أكثر.

غير أن استغلال بعض الأطراف للمنحة وتحويلها إلى غير مستحقيها دفع بنك الجزائر إلى إصدار إجراءات تنظيمية جديدة، تهدف إلى ضبط العملية، عبر اشتراط فتح حساب بنكي، وتشديد الرقابة، وربط العملية برقمنة المعاملات، بما يضمن مزيدا من الشفافية، ويحد من التجاوزات، ويساهم في تنظيم سوق الصرف.

منع هدم السكنات غير القانونية

ولعل أهم ما ميز قطاع السكن في 2025، توجيه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الحكومة بمنع هدم السكنات غير القانونية، لحماية للعائلات وبعث الطمأنينة في قلوبها، مع توجيه أوامر صارمة بالتوقيف الفوري للأميار الذين يعمدون إلى القيام بمثل هذه الممارسات، لتعزيز الحماية الاجتماعية للفئات الهشة، والتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الانسان، حيث تترجم هذه المعايير التزام الدولة بالبعد الانساني والقانوني في السياسات العمرانية.

تحولات نوعية في قطاع الصحة

شهد قطاع الصحة في الجزائر خلال سنة 2025 تحولات نوعية، من خلال تعزيز البنية التحتية الصحية، وتوسيع التغطية الطبية لفائدة المرضى، مع تسجيل مؤشرات إيجابية على صعيد الموارد البشرية والخدمات الرقمية.تدعمت الحظيرة الصحية في الجزائر في 2025، بتوفير أزيد من 6 آلاف سرير جديد في مختلف ولايات الوطن، في إطار التخفيف الضغط عن المستشفيات، لرفع مستوى الخدمات الطبية، وتسهيل الوصول إلى الرعاية الصحية في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء.

وفي إطار تطوير الكفاءات وزيادة عدد العاملين في القطاع، أعلنت وزارة الصحة عن فتح أكثر من 24 ألف منصب شغل جديد، لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات الطبية وتحسين جودة الرعاية، حيث تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية شاملة لتكوين وتأهيل الأطباء والممرضين والفنيين الطبيين، بما يواكب أحدث المعايير الدولية.

كما شهدت السنة تقدما ملموسا في الرقمنة الصحية، من خلال اعتماد السجلات الطبية الإلكترونية في أغلب المستشفيات، ما ساهم في تحسين تتبع الحالات وتقليل الأخطاء الطبية، كما أطلقت وزارة الصحة تطبيقات ذكية لحجز المواعيد الطبية ومتابعة الوصفات العلاجية، في خطوة لتسهيل التواصل بين المواطن والطبيب. وركزت الاستراتيجية الصحية الوطنية على الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان، كما عززت البرامج  الوطنية للتلقيح من خلال اطلاق حملات وطنية للتلقيح على غرار شلل الأطفال، والحصبة، ما أسهم في الحد من انتشار الأمراض المعدية، وتحسين مؤشرات صحة الأم والطفل، مع تسجيل تراجع ملحوظ في وفيات الأمهات والمواليد الجدد.

تحسين التكفل بمرضى السرطان

ومن أبرز مكتسبات القطاع أيضا استفادة الأطفال المصابين بالسرطان من التكفل الكامل والمجاني بالعلاج الإشعاعي، في خطوة عملية تجسد تعليمات رئيس الجمهورية، المتعلقة بضمان حق الأطفال المرضى في الحصول على العلاج داخل الوطن وإعادة الأمل إلى العائلات التي تواجه معاناة المرض. 

وتمثل هذه المبادرة ترجمة عملية للإرادة السياسية القوية للدولة، في جعل منظومة الضمان الاجتماعي أداة فعالة لتلبية احتياجات المواطنين، بما يكرس مبدأ تكافؤ الفرص في العلاج واعادة الأمل إلى العائلات، وإلى الأطفال الذين يخوضون معركة شجاعة ضد المرض. وتقدر التسعيرة الجزافية الخاصة بتحضير الطفل المصاب بالسرطان، 80 ألف دينار، تشمل الفحوص، تصوير السكانير، التخطيط، الجرعات، والتثبيت والتخدير، فيما تقدر تكلفة الجلسة الواحدة للعلاج بالأشعة 16 ألف دينار، وتشمل التنفيذ والمراقبة والفحوص الدورية، أما آخر مرحلة فتخص الخدمات المرافقة من إيواء وتغذية ونقل ومرافقة نفسية واجتماعية بتكلفة 15 ألف دينار يوميا.وفي إطار تعزيز خريطة العلاج الإشعاعي عبر الوطن، سيتم تدعيم المنظومة الوطنية، بمصالح جديدة للعلاج بالأشعة على مستوى مراكز مكافحة السرطان، بكل من الشلف الأغواط، المدية، بجاية، تيارت والاغواط، إلى جانب إدراج مصالح للعلاج الإشعاعي في المستشفيات الجديدة ذات 240 سريرا، وهو ما من شأنه أن يرفع من قدرات التكفل، وتقريب العلاج من المواطنين في كل ربوع الوطن.

كما تعزز القطاع الصحي، بخدمة جديدة تعد مكسبا نوعيا في مسار تحسين الخدمة العمومية وتقريبها من المواطن، وتخفيف الإجراءات الإدارية، وهي إمكانية تحيين بطاقة الشفاء مباشرة على مستوى الصيدليات المتعاقدة عبر كافة ربوع الوطن، دون الحاجة إلى التنقل نحو هياكل الدفع، حيث تندرج هذه التدابير في إطار التكفل بانشغالات المواطنين، وفق رؤية شاملة تضع الرقمنة في صلب الإصلاح الإداري وتحسين الأداء.