كمال راشدي أستاذ الإعلام بكلية الصحافة:

قانون الإعلام 2012 حذف أهم مادة في الحصول على المعلومة

قانون الإعلام 2012 حذف أهم مادة في الحصول على المعلومة
  • 4848
رشيد. ك رشيد. ك

يؤكد أستاذ الإعلام السيد كمال راشدي الذي التقيناه بكلية علوم الإعلام والاتصال ببن عكنون، أن حق الصحفي في الوصول إلى مصدر المعلومة يُعد الركيزة التي تُبنى عليها مهنة الصحافة أصلا: الحق الجوهري والأساس الذي يمكّن الصحفي من تقديم إعلام كامل وموضوعي، وتكوين رأي عام صائب تجاه مخلتف القضايا، ويعيب على قانون الإعلام 2012 المعدل؛ كونه لم يعد يلزم مؤسسات القطاع العام على توفير المعلومة، على أساس أنها حق من حقوق المواطن، ونقاط أخرى تقرأونها ضمن هذا الحوار. 

❊كيف ترون متاعب الصحفي الجزائري في الوصول إلى مصدر الخبر؟

❊❊ قبل ذلك أنا لي ملاحظة حول قانون الإعلام الأخير (2012) فيما يتعلق بهذه النقطة بالذات، حيث إن قانون 1990 كانت به مادة تنص صراحة - في إطار حق المواطن في الإعلام - على إلزام مؤسسات القطاع العام بتوفير معلومات كاملة وموضوعية للرأي العام من خلال الصحفي، لكن القانون الجديد أغفل هذه المادة، مما يجعل الصحفي يلجأ إلى وسائل وطرق غير أخلاقية، كشراء المعلومة بالمال، أو استعمال المهنة كأسلوب ضغط للحصول على المعلومة، خاصة فيما يتعلق بالتحري في صحة المعلومة وصدقها، مما يؤدي إلى نشر معلومات بإمكانها أن تضر بالأشخاص والمؤسسات، وكذا المصلحة العامة، ومن جهة أخرى تُدخل الصحفي في متابعات قضائية متتالية.

❊ إذن المشكل في قانون الإعلام الذي لا يتضمن تفصيلا لهذا الحق، ولا يحتوي على مواد تُلزم المؤسسات بإعطاء المعلومة؟ 

❊❊ .. نعم، على الأقل في مؤسسات القطاع العام، في إطار حق المواطن في الإعلام، هذا القانون أغفل ذلك، لا أدري لماذا؟ المؤسسات من واجبها تقديم كل المعلومات المتعلقة بإدارة شؤونها.

❊ الحل في رأيكم؟

❊❊ الحل، في ظل هذه الوضعية، في أن على الصحفي أن يحافظ على مهنيته وقدرته على استيقاء المعلومات الصحيحة باستعمال التحري وتنويع المصادر، والالتزام بأخلاقيات المهنة. إذا لم يستطع الصحفي الوصول إلى المعلومة الصحيحة فلا ينشرْ المعلومة غير الصحيحة، كي لا يؤدي إلى تكوين رأي عام غير صحيح.

❊ معنى ذلك أنكم تقرون بوجود تجاوزات من طرف الصحفيين جراء نشر معلومات خاطئة؟

❊❊أنا أقول: لو يلتزم الصحفي بأخلاقيات المهنة كصحفي محترف ويلتزم بالتحري والموضوعية والاستقلالية، فلا يكون بحاجة إلى القواعد القانونية، ولَقدّم إعلاما كاملا وموضوعيا بدون السقوط في متاهة البحث عن السبق الصحفي والإثارة وغيرهما.

❊ في رأيكم، مَن المسؤول عن ترقية هذا القانون أو إضافة مواد أخرى تفصّل وتعطي الحق الصريح للصحفي في تزويده بالمعلومة، وتلزم المؤسسات بفتح الأبواب من خلال خلايا الإعلام لتمكينه من هذا الحق في الإطار المتاح؟

❊❊ أنا هنا أتساءل، رئيس الحكومة السابق السيد أحمد أويحيى أصدر في التسعينيات تعليمة يلزم من خلالها جميع مؤسسات القطاع العام وحتى القطاع الخاص، بأن تنشئ خلايا اتصال لتزويد الصحفي بالمعلومة الصحيحة، هذا تم التراجع عنه تماما. 

❊أصبحت خلايا الاتصال اليوم عبارة عن مصلحة إدارية منغلقة لا تقدم المعلومة؟

❊❊ نعم، أصبحت هذه الخلايا بدون جدوى، وصار المسؤولون لا ينظمون ندوات صحفية لتقديم معلومات صحيحة، وبالتالي تحل محلها المعلومات الخاطئة والإشاعات والدعاية، ويكون الصحفي بذلك الخاسر الأكبر، إذ أنه إن لم يعاقَب قانونيا فإنه يعاقَب أخلاقيا، ويعاقَب من طرف المجتمع، لأنه يفقد مصداقيته.

❊ هل يمكن القول إن قطاعات أخرى تجهل قانون الإعلام؟

❊❊ نعم بالتأكيد. أتأسف بشدة لكون قانون الإعلام لا يدرَّس خارج أسوار كلية الصحافة، خاصة بمعهد الحقوق والعلوم الإدارية، وعلى الأقل بالنسبة للقضاة، فأنا، مثلا، أدرّس بمعهد القضاء الذي كان وحدة سنوية بأعمال تطبيقية، لكن هذه السنة قُزِّمت وقلِّصت إلى سداسي واحد، وكأنه لا أهمية له في حين أنه يشكل المادة الأساسية. يمكّن الصحفي من الإلمام بالقواعد القانونية التي تنظم نشاطه، وتمد الصحفي بالقواعد القانونية والأخلاقية التي تنظم المهنة.

❊ ربما الصحفي اليوم يجد المسوّغ القانوني بكون خلايا الاتصال لا تتعاون ولا تقدم المعلومة، وبالتالي جعلهم ينشرون معلومات منقوصة؟

❊❊ أعطيكم مثلا بشأن مشكل الوصول إلى مصدر المعلومة وعدم تحري الصحفي، حيث إنه تم تقديم صحفي أمام العدالة متهم بالتضليل ونشر معلومات غير صحيحة، فتمت إدانته بسنة سجنا نافذا واستؤنف الحكم بعدها، في حين أن صحفيا نشر معلومات أخرى في نفس الموضوع ولم تتم متابعته، مما يؤكد أن الصحفي المدان هو الذي لم يتحرّ صحة المعلومات رغم أن قانون الإجراءات الجزائية يلزم وكيل الجمهورية بتقديم معلومات للصحافة فيما يتعلق بقضايا الرأي العام؛ فما الذي يمنع الصحفي من الاتصال بالنائب العام لأخذ المعلومة الصحيحة؟... إذن، حق الوصول إلى المعلومة هو الذي يبني مهنة الصحفي لكن شرط أن يتحرى ويعدّد مصادر المعلومة.