حكيم بوغرارة أستاذ الإعلام بجامعة المدية:

سلطان الإشهار جعل الصحفي ضحية في مواجهة الحراك

سلطان الإشهار جعل الصحفي ضحية في مواجهة الحراك
  • القراءات: 1326
ز. س ز. س

يرى أستاذ الإعلام بجامعة المدية حكيم بوغرارة، أن الصحفي اليوم موجود بين مطرقة الالتزام بالقوانين والاستجابة للطلب المتزايد على الحرية في التعبير وضمان الحق في الإعلام في تحولات الحراك الشعبي، موضحا أن غياب مواثيق أخلاقيات المهنة في الجزائر أمر زاد في تعقيد الأمور على الصحفي، كون القانون العضوي 05 /12 المتعلق بالإعلام ينص على تنصيب المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحافة في أجل أقصاه سنة من تاريخ صدور القانون.

وذكر محدثنا في هذا الصدد بأن المادة 94 من هذا القانون تنص على أن أعضاء المجلس الأعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحافة، ينتخبون من قبل الصحفيين المحترفين، كما أن تشكيلته وتنظيمه وسيره تحدد من قبل جمعيته العامة التأسيسية، "غير أن هذا لم يتم وهو ما صعب من ممارسة مهنة الإعلام منذ حراك 22 فيفري المستمر اليوم".

وأضاف الأستاذ بوغرارة أنه منذ 22 فيفري الماضي، برزت الكثير من التوجهات والصراعات الخفية والمعلنة داخل الحراك وخارجه، ما جعل وسائل الإعلام تنقسم وتتباين في تناول قضايا الحراك. كما برزت الكثير من العوامل التي تؤثر على تناول الحراك كقضية مصيرية وحاسمة، مضيفة في هذا الصدد بأن التشرذم السياسي والتأثير الظاهر للإشهار ودخول وسائل الإعلام "الأجنبية" وخاصة الفضائيات جعل الرأي العام يتفاعل بإيجابية أو بسلبية مع المضامين الإعلامية المعروضة عليه، وهذا من خلال التعاطف مع بعض وسائل الإعلام والتهجم على أخرى، في مشهد يؤكد التخبط الكبير الذي تعيشه وسائل الإعلام، والتي لا يتحمل الصحافي مسؤولية ذلك، لأن "المالكين والمساهمين يفرضون توجهات من مكاتبهم الفخمة وقد يوجهون بالهاتف" فيما ينزل الصحفي إلى الميدان ليقابل غضب ونظرة ازدراء الشارع.

وحسب محدثنا، فإن "هذا الوضع جعل الكثير من الإعلاميين يعيشون في ظل تناقضات صارخة، جعلت الكثير منهم يلجأ للفضاءات الافتراضية للتعبير عما يرغب في نشره أو بثه مع تقديم اعتذارات وتبريرات عن خفايا العمل الصحفي، على الأقل للتقليل من نظرات الاتهام والاحتقار التي تلاحقه من دون أن يكون له يدا فيه".

ويعتبر محدثنا أن المصلحة العليا والظروف الخاصة التي تمر بها البلاد، جعلت من الممارسة الإعلامية والتقيد بأخلاقيات المهنة "الغائبة" بعد نكسة مجلس أخلاقيات مهنة الصحافة، المنشأ في ربيع سنة 2000 والذي لم يعمر لأكثر من 3 سنوات، ملفا غامضا بين مبدأ حق في الإعلام والتستر أو إغفال تناول قضايا تهم الرأي العام. "والنتيجة نقمة الكثيرين على الصحافيين الذين لا حول لهم ولا قوة في عالم صحافة، لا يعترف فيها سوى بالخطوط الافتتاحية وسلطان الإشهار، فيما تقلْص فيها الاهتمام بالخدمة العمومية".

من هذا المنطلق، يرى الأستاذ بوغرارة، أن مطالبة الصحافيين والإعلاميين بالتقيد بأخلاقيات المهنة "حق يراد به باطل"، لأن جميع الأطراف على مختلف المستويات مطالبة بالالتزام بأخلاقيات المهن التي تنشط فيها، "ويبقى الصحفي تحصيل حاصل فيما بعد".

وتساءل محدثنا في هذا الصدد "كيف لصحفي يعاقب على تناول قضية فساد، بينما كان يتمتع الذي اختلس أو سرق بمتابعة الصحفي بتهمة القذف؟"، مضيفا أن "ما حدث في السنوات الأخيرة، أبان بأن الصحفي كان مستهدفا، وفي حين ينادي الجميع بأخلاقيات المهنة يغتصب الكثيرون هذه الأخلاقيات في كل ثانية".