العيش معاً في سلام

دور الشباب في ترقية قيم العيش المشترك

دور الشباب في ترقية قيم العيش المشترك
  • القراءات: 4096
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

كانت الجزائر ولا تزال مثالا حيا للذود عن الحرية والاستقلال وحفظ المكاسب خلال مسيرتها الطويلة التي انطلقت من معركة التحرير التي خاضها رجالات الجزائر عبر حقب مختلفة من تاريخها المجيد، وبقيت محفورة في أذهان الأجيال لكونها معقل الثوار وقبلة الأحرار، وضربت مثلا آخر في الحفاظ على السلم والأمن في مبادرة ”العيش معًا في سلام” التي تبنتها الأمم المتحدة بالإجماع.فقد أعطى الشعب الجزائري مثالا حيا في المصالحة مع الذات التي انتهت بالمصالحة مع الآخر من خلال ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ليفتح بابا مشرقا في تاريخه المجيد، استجابة للاستفتاء الشعبي الذي جرى في 29 سبتمبر 2005 الذي أقره رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي فتح باب السلم على مصراعيه لقيادة الجزائر إلى بر الأمان والتوجه نحو معركة بناء الإنسان المتصالح مع نفسه ومع محيطه ومع شعبه وأمته والإنسانية جمعاء.ولا غرابة أن يكون الشباب الجزائري محور هذا الاهتمام من باب أنه ركيزة الأمة وقلبها النابض وقوتها الفاعلة، وقد أدرك هذا الشباب جيدا هذه الحقيقة، ووعى دوره في بناء الأمة وتحصينها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وأمنيا، وأكثر من ذلك علميا. وهو ما تجلى في مشاركاته الفعّالة في جميع المجالات التي تصب في خدمة الوطن وحماية مكاسب الشعب، مقتحما أمهات القضايا بالممارسة وبالنقاش البنّاء في المنتديات والندوات والبرامج التطويرية ومن خلال الحركة الجمعوية ومنظمات المجتمع المدني لتكريس القيم النبيلة التي تغذي السلام وتشيع التكافل الاجتماعي، وترقية الحس المدني باعتباره ركيزة لحماية المحيطين الاجتماعي والبيئي.

"المساء” تحدثت في هذا الملف إلى شابات وشبان تشبعوا بقيم الوطنية، تعلموا من أهاليهم شكر النعم والتي يعد السلم والأمان واحدا منها، إن لم يكن على رأسها، وهو ما يؤكده شباب خاضوا مجالات مختلفة وسعوا بدورهم لإرساء قواعده في الحياة العامة وفي أبسط السلوكات، في مسحة على رأس يتيم أو محتاج أو إزالة الأوساخ من الشوارع والأحياء، والارتقاء بمستوى النقاشات السلمية من خلال تمثيل الشباب في البرامج الوطنية والندوات وكذا العمل على إيصال صوته وانشغالاته وطموحاته لمختلف الجهات.

وأجمع الكثيرون من محدثينا على أن الجزائر بلد الشهداء قد حبا الله شعبها وقادتها من الحكمة ما تكسرت عليها الفتن وحوّلتها بعد الكرب إلى نعم وعلى رأسها نعمة ”السلام” الذي تنشده اليوم معظم دول العالم خاصة في ظل الصراعات المسلحة منها والدينية والعرقية والطائفية.

تقول الطفلة حبيبة دنيا .م (15 سنة) من ثانوية سعيد لامية بعين النعجة: ”إن الملاحظ لما يحدث في دول الجوار يدرك ما نحن فيه من نعمة، فالسلم رحمة لا يدركها إلا من اكتوى بنار الدمار، فالكثير من البلدان تريد السير على خطى وطني لاستعادة السلم بها.. ولأننا اليوم نعيش في كنف السلم والتقدم والعلم، فلزام علينا أن نجعل المحبة عنوانا لحياتنا”.

الشباب من أجل السلام والأمن: المشاركة السياسية والاقتصادية والدولية

ولعل أكثر ما يميز ميل الشباب الجزائري إلى السلام وحرصه الشديد على الحفاظ عليه، كونه مكسبا كبيرا، أعاد الجزائر إلى قاطرة التنمية والتقدم، فقد ترك بصمته في العديد من النشاطات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، فعاليات نموذج مبادرة الجزائر، برنامج محاكاة المنظمات الدولية والهيئات الوطنية، ”الشباب من أجل السلام والأمن” التي احتضنتها مدرسة الأعمال بالصنوبر البحري مؤخرا، ونشاطات الشباب في الحركة الجمعوية، حيث اخترنا جمعية ”سيدرا” و«سبل الخير” كنماذج فعّالة في مساعدة الآخر وحماية البيئة من أجل العيش في محيط آمن.

عبد الجليل عريف  مدير مؤسسة مبادرة الجزائر: نعمل على نشر ثقافة السلام والتسامح

أكد السيد عبد الجليل عريف، مدير مؤسسة مبادرة الجزائر، برنامج محاكاة المنظمات الدولية والهيئات الوطنية في تصريح لـ"المساء” أن البرنامج اختار هذه السنة شعار ”الشباب من أجل السلام والأمن”، تماشيا مع مبادرة الجزائر الدولية ”لنعيش معًا في سلام”، موضحا أنه كناشط شبابي حمل على عاتقه مسؤولية نشر سبل التواصل ومساعدة الآخر على الحوار من خلال إشراك 2632 شابا في الطبعة الخامسة للبرنامج، تتراوح أعمارهم بين 16 و29 سنة.

يقول المتحدث في هذا الشأن: ”عملنا من خلال البرنامج على مساعدة الشباب على تعلم فضيلة الحوار والحديث إلى الآخر وإيصال الأفكار إليه، لأننا نعتقد أن الحوار هو اللغة التواصلية التي يمكن من خلالها تبادل الأفكار وتطوير الذات، أي أنه لا نبقى منغلقين على أنفسنا، لهذا حرصنا على مساعدة الشباب المشارك في البرنامج على تقديم أفكاره في جميع المجالات، بهدف تدريبه وتشجيعه على تطوير واستكشاف مهارات الاتصال بين الأشخاص واحترام آراء الآخرين.

وكذا جمع الشباب لتعلم فن المناظرة وزيادة مشاركة الشباب والطلبة الجزائريين في الأنشطة الثقافية من أجل التأثير إيجابيا على مجتمعنا ونشر ثقافة السلام وقيم التسامح بين الشباب، لأن الشخص الذي يفتقد القدرة على التحاور أو يحرم منها، فإنه سيلجأ إلى العنف وهو ما لا نريده، ولأن الشباب الجزائري يحمل من قيم السلم ما يؤهله ليكون مثال المواطن الواعي بمستقبله ومستقبل شعبه ووطنه، لذا فلابد من إتاحة الفرصة له لتقديم الأفضل حيث عمدنا إلى فتح الأبواب للتواصل مع النماذج الناحجة”.

ويواصل السيد عريف قائلا: ”ولفتح باب النقاش، عمدنا إلى تمكين الشباب المشارك من لعب دور الدبلوماسيين والبرلمانيين والمندوبين، يشترط فيهم الفهم الجيد لثلاث لغات وهي العربية، الانجليزية والفرنسية، ممثلة لعدة لجان على غرار لجنة برلمان الشباب الجزائري، التي تناقش دور الشباب في المشاركة السياسية والتنمية الاقتصادية، ولجنة محاكاة بناء السلام التابعة للأمم المتحدة التي تناقش تعزيز دور الشباب في السلام والأمن، ولجنة نزع السلاح والأمن الدولي التي تتطرق إلى مسألة عدم انتشار الأسلحة النووية، ولجنة محاكاة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالانجليزية، التي تناقش بدورها أزمة اللاجئين، ومسألة اللجوء والهجرة غير الشرعية، ولجنة محاكاة الاتحاد الإفريقي، في محور ”كسب المعركة ضد الفساد والتي تناقش المسار المستدام لتحول إفريقيا، واللجنة السادسة محاكاة الاتحاد الأوروبي في محور تعزيز مساعدات الطوارئ في الاتحاد”.

حسين حني أستاذ جامعي ومندوب برنامج الأمم المتحدة: عزوف الشباب عن المشاركة السياسية

أكد الأستاذ الجامعي ومندوب برنامج الأمم المتحدة حسين حني، في تصريح لـ"المساء” أنه ناقش على مدى أربعة أيام خلال مشاركته في لجنة برلمان الشباب الجزائري الناطقة باللغة العربية ”دور الشباب في المشاركة السياسية والتنمية الاقتصادية”، مشيرا إلى أنه كان سفيرا للبرنامج ونظم يوما تحسيسيا إعلاميا بولاية غرداية، لتعريف الشباب بالفرص المتاحة تماشيا مع استراتجية البرنامج للوصول إلى أكبر عدد من الولايات، مع إشراك جميع الشباب.

يقول المتحدث إن”الكل يعلم أن المجتمع الجزائري فتي والشباب يشكل فيه نسبة 75 بالمائة، لكن المؤسف هو عزوف الشباب عن المشاركة السياسية والاقتصادية رغم وجود الأحزاب والمنظمات الفاعلة سياسيا، وهنا طرحنا مجموعة من الأسئلة مفادها هل الشباب غائب أم مغيب؟ وهل هو المتسبب في إقصاء نفسه؟ فنحن نسعى لدراسة الموضوع للخروج باقتراحات وتوصيات نقدم من خلالها حلولا للمشاركة الفعّالة للشباب على الصعيدين الاقتصادي والسياسي لتقدم إلى الجهات الوصية على غرار أعضاء البرلمان ووزارة الشباب والجهات المختصة بالشأن الاقتصادي لدراستها والبحث في أسباب التعثر”.

وحول ما يجب على الشباب فعله للمحافظة على مكسب السلم والوطن قال المتحدث: ”بحكم تجربتي المتواضعة في المجتمع المدني، أطالب الشباب بألّا ينتظر حتى يقدم له المشعل، بل أن يكون حاضرا وفاعلا في كل المناسبات والمبادرات، وأن ينخرط في المنظمات التي تضمن له التنشئة الاقتصادية والسياسية من خلال المساهمة في العمل التطوعي، خاصة وأن إحصائيات قدمت حول العمل التطوعي في الولايات المتحدة الأمريكية، أكدت مساهمة في الاقتصاد بلغت 30 بالمائة، وهذا معناه أن الشباب معنيون بالعمل التطوعي، فلو أن كل جمعية  تقوم بتنظيف بعض الأحياء التي يوجد بها مقرها ستوفر على الدولة مصاريف التنظيف، وإذا قامت مجموعة من الشباب بالتوجه إلى المناطق النائية للمساعدة في تعليم الصغار والأميين فهم يشاركون في التوعية ويساهمون في إشاعة العلم، فلابد أن يساهم في التنمية التي تعد مفتاحا أساسيا لاستقرار وأمن البلاد”.

الطالبة صارة سباعي: أطمح لأكون سفيرة السلام

أكدت الطالبة صارة سباعي، تخصص لغة إنجليزية وحقوق، سفيرة نموذج الأمم المتحدة المكلفة بالوسائل اللوجسيتكية أن الشباب مدعو لأن يحب وطنه ويثق في قدراته الخاصة وأن يتخطى العقبات وألاّ تحول العقبات بينه وبين النجاح، حيث تقول: ”حتى نعيش في سلام، لابد أن نحترم بعضنا ونتشارك أفكارنا وأن لا نتجاوز وأن نثمن نجاح الآخر ونتخذ منه حافزا لنجاحنا، فنحن نعمل على تبادل الأفكار والخبرات والمعلومات مع الشباب وتمتين روابط الصداقة التي تنمي العلاقات الطيبة، فشباب اليوم قادة الغد،  وبلادنا قد حققت مكاسب كثيرة في مسعى السلم، ونحن كمواطنين نعيشه ولابد من المحافظة عليه لأبعد مدى، كما أرى أنه لزام على الأجيال القادمة أن تواصل في نفس الدرب، وحلمي أن أكون سفيرة الجزائر وأدعم السلام الذي تنشده بلادي لأعرّف العالم  بسياسة وطني في قضايا السلام وأشجع الشباب على المشاركة في البرامج الثقافية والعمل الجمعوي”.

الطالب محمد رامي آيت علي: لا للسلاح النووي

إختار محمد رامي آيت علي يحيى، المشاركة في لجنة الأمن والسلام الدوليين، في البرنامج، حيث ثم التطرق إلى بحث سبل تخليص العالم من سطوة الأسلحة النووية. وتمت معالجة موضوع ”دور الشباب في الأمن والسلام”، واختار من جهته تمثيل ألمانيا التي كانت لها علاقة مباشرة بالسلاح النووي خلال الحرب العلمية الأولى، في إشارة إلى ألمانيا النازية سابقا والتطرق إلى ألمانيا اليوم التي تسير في درب السلام وتناشد القضاء على الأسلحة النووية، مؤكدا أنه السبيل الذي تدعو إليه الجزائر التي تعد دولة محايدة  ومؤيدة للسلام عبر العالم.

من جهته، قال طالب الماستر في المحاسبة أسامة بولمعالي، إنه كشاب جزائري، وجد في جزائر السلم، الراحة والطمأنينة، وهو المكسب الذي يشد عليه بالنواجذ، مشيرا إلى أن السلم الذي تمتعت به الجزائر بعد المرحلة المرّة التي عاشها الشعب الجزائري مكسب لابد  أن يصان، وأكد أن الجزائر لابد أن تستمع أيضا لانشغالات أبنائها الذين لا يريدون بديلا عنها.


البروفيسور في علم الاجتماع صباح عياشي: العلم والمعرفة قاطرة السّلم والتعايش

أكدت البروفيسور صباح عياشي، مختصة في علم الاجتماع مديرة مخبر الأسرة والتنمية والوقاية من الانحراف والإجرام من جامعة الجزائر ”2” في تصريح لـ”المساء” أن السّلم والمصالحة والتعايش مع الآخر دعمتها بوادر شجاعة من قبل رئيس الجمهورية، وهي بادرة أولى في التاريخ ولابد أن  يحافظ عليها رجال اليوم والغد من الشباب حملت مشعل التقدم، الذين يعدّون حجر أساس في الحفاظ على السّلم الذي تحرص المرأة الجزائرية بدورها على توريثه للأجيال، والذي لابد أن يساهم فيه أصحاب القرار أيضا من خلال اعتماد معادلة الاهتمام بالشاب وانشغالاتهم وكسب ثقتهم وعدم إهمالهم وتحقيق طموحاتهم وانشغالاتهم وإعطائهم أدوارا اجتماعية لإدماجهم في المجتمع لتحقيق نتيجة التعايش والسّلم الاجتماعي.

وأشارت المختصة في معرض حديثها إلى أن السّلم يعادله زرع المحبّة في قلوب النّاس من أجل أن يكون التفاعل الاجتماعي بين مختلف الأطراف، انطلاقا من الأسرة التي تعمل على أن تبني على قواعد حضارية واضحة تتماشى مع عراقة الجزائر وأمجادها وجهود علمائها الذين أرسوا قواعد السّلم والتعايش مع الآخر.

وأشارت المتحدثة إلى التجربة الجزائرية في إرساء قواعد السّلم التي تقتدي بها الدول في الشرق والغرب رغم الظروف الصعبة التي مرت بها، حيث كادت الأزمات والمحن تعصف بها خلال العشرية السوداء، إلا أن ذلك لم يؤثر عليها بفعل خصوصية العوامل القيمية والثقافية الراسخة لدى كل فرد جزائري.

وأضافت البروفيسور: أن ”السّلم والمصالحة والتعايش مع الآخر دعمتها بوادر شجاعة من قبل رئيس الجمهورية خاصة بعد العشرية السوداء، فكانت بادرة سابقة في التاريخ، فهناك من حاولوا العمل على القطيعة بين أبناء البلد الواحد وسط الضغائن والكراهية للآخر وإقصائه وعدم التعايش معه، ليأتي السّلم بوجهه السياسي والاجتماعي كمفتاح خير”.

وتواصل البروفيسور قائلة: ”سألني الكثير من الخبراء في الدول العربية التي تعيش أزمات مشابهة كيف خرجت الجزائر من المحنة، فشرحت لهم كيف أن المصالحة أعادت تصحيح المسار والسلوك وبدأت من الأسرة، وبالأحرى من المرأة الجزائرية التي هي مفتاح التواصل بين الأجيال والجيران لأنها مقتنعة أيضا أن دورها فعّال في بناء النّسق الاجتماعي السلمي، حيث تدعو إلى التسامح بين أفراد أسرتها وجيرانها، فالأم هي التي تحدث التوازنات من أجل السّلم والمصالحة مع الأخر، وهو يمتد إلى مؤسسات العمل وهيئات مختلفة”.

معادلات  حفظ السلام

وفيما يخص حفظ الأمن والسلام وسط الأجيال قدمت المختصة سلسلة من المعادلات: ”فمن بيدهم اتخاذ القرار يمكنهم الحفاظ على السّلم والتعايش من خلال الاهتمام بانشغالات المواطن وتجنيبه الإحباطات حتى لا يحدث عنده انحراف في السلوك، فالاهتمام بالشباب وانشغالاتهم وكسب ثقتهم وعدم إهمالهم وتحقيق طموحاتهم وانشغالاتهم وتمكينهم من أدوار اجتماعية لإدماجهم في المجتمع يساوي التعايش والسّلم الاجتماعي.

أما المعادلة الثانية فهي ما بين أصحاب القرار والمبنية على التكامل الذي يجعل تعزيز السّلم مهمة كل هيئة وزارية، ذلك أن غرس هذه الثقافة في مختلف المؤسسات الرسمية والاجتماعية والمجتمع المدني يؤدي إلى إحداث السّلم والتعايش الذي يتنقل بصفة تلقائية إلى المجتمع.

أما المعادلة الثالثة فتتمثل في إرساء التعايش والسّلم من خلال إيجاد آليات عملية لتوظيف الأخصائي الاجتماعي للعائلة والطفولة لإرشاد السلوك الاجتماعي الحضاري وتغير الممارسات الاجتماعية الخاطئة إلى ممارسات صحيحة في العلاقات الاجتماعية المبنية على قيم حضارية وثقافية.

وختمت المختصة بقولها إن المعادلة الرابعة تتمثل في التواصل ما بين الأجيال باحترام القانون وتشجيع العلم والمعرفة بمعية الخبراء الذين يحملون مشاريع عملية للشباب مستقبل الجزائر لإنارة طريق الشباب مما يؤدي إلى ترسيخ ثقافة التواصل الاجتماعي. 


سنابل الخير: العمل الخيري الوجه الآخر للسّلم

أكد السيد بلال توتي، رئيس جمعية سنابل الخير، أن المساهمة في الأعمال الخيرية من خلال تخصيص الوقت لها ومقاسمة الآخر همومه وانشغالاته وكذا ملء أوقات الشباب بما ينفع كلها تكريس لروح المواطنة ومد جسور التآخي والمحبّة والعيش في كنف السّلم.

يقول بلال في تصريح لـ” المساء” : ”لابد أن يكون المواطن فعّالا في المجتمع وأن يخصص وقته للأعمال الخيرية وشباب اليوم لديه روح المواطنة، وشخصيا أحاول من خلال الجمعية أن أمد يدي للأخر مادمت استطيع المساعدة دون انتظار السلطات المحلية مادام يمكننا فعل ذلك، إننا نسعى لأن نكون قريبين من بعضنا البعض من خلال مساعدة المحتاجين ومسحة على رأس يتيم، نعيد ثقافة الأجداد التي تطبع تعاملات أجدادنا والتي بدأت تعود تدريجيا”.

من جهتها قالت صارة عزوز، مكلّفة بالإعلام والاتصال بجمعية سنابل الخير: ”نحن كجمعيات نتعامل مع شباب لديه طاقة نريد استغلالها إيجابا لمساعدته على كسب الثقة بالنّفس، فنحن بقوة الشباب نغيّر كل ما هو سلبي، كما أننا لا نتعامل مع النخبة فقط وخريجي الجامعات، فحتى من لم يدخل الجامعة لابد أن يكون حاضرا في الخير حتى لا يزعزع الأمن  ولا ينحرف آو يجنح، فالشخص إذا كان لديه وقت  فراغ وليس لديه التزامات يصبح ضائعا، لكن نحن كمجتمع مدني  نساعده على تطوير ذاته بإشعاره أنه مهم من خلال مساعدة الآخر”. 

وأشارت دنيا زاد بن جدي، مكلّفة بالإعلام أيضا في حديثها لـ«المساء” إلى أن العمل الخيري اكتشفته من خلال العمل الجمعوي الذي انطلقت منه في جمعية سيدرا، والذي أدركت من خلاله قيمة إسعاد الآخر التي تعطي بدورها شعورا بالفخر، لكونه نفع عام سواء ماديا آو نفسيا، حيث تشعر بالسعادة لدى زرعها الطاقة الايجابية في قلوب الأشخاص، مؤكدة أن هذا ما يدفعها للمواصلة لإيمانها بأن الجمعيات تلعب دورا كبيرا في الحفاظ  على الأمن والسلام، حيث قالت ”هو شعارنا مدى الحياة” لأن بفعله تنمّى قدرات الشباب.


ممثل جمعية ”سيدرا”: البيئة السليمة إكسير الحياة

أكد لمين زلاق، مكلّف بالإعلام في جمعية ”سيدرا” الشبانية التي تعمل على محاور أساسية وهي العمل التطوعي والخيري، تربية النشء على مكارم الأخلاق، وبحث سبل وطرق حماية البيئة وتطوير إمكانيات الشباب في العديد من المجالات تيمّنا باسم الجمعية ”سيدرا” والمشتق من سدرة المنتهى، مؤكدا إرادة الشباب ووعيه الكبير بالمسؤولية الملقاة على عاتقه لتطوير هذا الوطن، والمحافظة عليه خاصة في الشق المتعلق بالعلاقات مع الآخر ونظافة البيئة التي تعتبر إكسير الحياة.

يقول السيد زلاق، في وصف مهام الشباب بالجمعية (سيدرا): ”نحن نعمل على تحسين مردود المجتمع المدني حتى يلعب دوره جيدا كحلقة وصل بين المواطنين والإدارات والمسؤولين المحليين، وهذا ما حرصنا عليه من خلال مشروع جديد في المجال البيئي بالشراكة مع وزارة البيئة والطاقات المتجددة، بعد حملة التنظيف الكبيرة التي شهدتها بلدية بلوزداد في قلب العاصمة في تكتل أكثر من 10 جمعيات على مستوى العاصمة للعمل على الأطروحة البيئية لإيجاد حلول ومقترحات حول المشاكل البيئية لكوننا همزة وصل بين المواطن والسلطات المحلية على غرار أوقات إخراج النفايات المنزلية، ثقافة الرسكلة، حيث عملنا كمرحلة أولية بالتركيز على شباب المجتمع المدني والجمعيات للتطوير من قدراته في الحفاظ على البيئة، وفي المرحلة الثانية  نعمل على التنسيق مع السلطات المحلية كالبلديات وشركات التنظيف مع العمل على إرساء ثقافة لجان الأحياء وهي هامة جدا”.

وأكد السيد زلاق، أن المجتمع المدني يلعب دوره من خلال إعطاء أفكار جديدة  وجمعية ”سيدرا” تعمل على ذلك من خلال الشركات التي تشكلها ويقول في هذا الصدد: ”نحن نعمل في شبكة جمعيات لأن التعارف فيما بيننا مهم جدا ونحرص على التعامل مع الجمعيات على مستوى ولايات الوطن بهدف تقوية الروابط بين الجمعيات المحلية رغم تواجدنا بالعاصمة وقدرات الجمعيات الشبانية من خلال اللقاءات والتدريب في عدد من المجالات لأنه لابد من وضع إستراتجية تعتمد على خبرة المسؤولين، وعلى قدرات الشباب الذي يعتبر قوة ويحتاج للمرافقة والتوجيه بالنصائح وإشراكه في أعمال مشتركة بين السلطات المحلية والمجتمع المدني، لأنها تعطيه القوة والرغبة في العمل أكثر، مشيرا إلى أن جمعية ”سيدرا” قد أعطت الفرصة بالمناصفة بين الذكور والإناث للعمل وإخراج الطاقة الخيّرة.


الفنّان التشكيلي علي يماني : مع السّلم يزداد الإبداع

يقول الفنّان التشكيلي علي يماني، ابن مدينة تيارت، المتخرج من مدرسة الفنون الجميلة الذي أصبح له رواد كثر بساحة البريد المركزي، أنه بفعل الأمن والسّلم الذي تنعم به جزائر اليوم تنامت روح الإبداع في شوارع العاصمة، حيث أصبح الناس يطلبون بورتريهات لهم من الفنّانين المتواجدين هناك، وهي الصورة التي كانت تطبع البلاد سنوات السبعينيات والثمانينيات واختفت بفعل الإرهاب.

وأضاف الفنان قائلا: ”بوجود الأمن والسّلم عاد الفن للشوارع، فبوجود السّلم تكون روح الإبداع  مرتفعة، والفن إحدى لغات الإبداع فهو فلسفة وعلم ورسالة يمكن تبليغها في شتى المجالات، فأنا مثلا أروّج للسياحة من خلال الفن ومنه المساهمة في الاقتصاد الوطني”.


الإمام موسى زروق لـ”المساء”: السلام أساس العلاقات الاجتماعية

أكد الإمام موسى زروق، رئيس دائرة النشاط الثقافي بالمركز الإسلامي، أستاذ رئيسي أن الله عز وجل قد منّ على الجزائر بنعمة الأمن والسلام التي تعد من أكبر النعم التي يمكن بفعلها تحقيق الرفاه والرقي الاقتصادي والاجتماعي والعلمي، وتعد مكسبا كبيرا يستوجب المحافظة عليه وغرسه في نفوس الناشئة في المدارس والمساجد والبيوت، خاصة أن بلادنا قد كانت سبّاقة لإفشاء ثقافة السلم والمصالحة، داعية العالم للعيش في سلام وسط ترحيب دولي كبير.

يقول الإمام في ماهية السلام وارتباطه بالإسلام: ”السلام مرتبط بالإسلام من حيث الاعتقاد، أي العقيدة والإيمان ومن حيث أصل الإسلام أيضا ومن السلوك وأخلاق المسلم، فمن حيث أنه مرتبط بالإيمان وأصول العقيدة الإسلامية أنه من أسماء الله عز وجل ”السلام” وأيضا أن الجنة هي دار السلام لقوله تعالى: ”لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون”. وسميت دار السلام لسلامتها من الآفات والنقائص لأنه لا متاعب فيها. والله عز وجل يسلم على أهل الجنة كما قال تعالى: ”سلام قول من رب رحيم” والملائكة تسلم على أهل الجنة ”والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم”، وتحية المؤمنين ”السلام”.

ويضيف الإمام قائلا: ”السلام مرتبط بأركان الإسلام، ففي الصلاة التي هي عماده حسبما جاء في قول رسول الله ”إحرام الصلاة بالتكبير وتحليلها بالتسليم”، وكذا التشهد الذي جاء فيه السلام، فالمصلي يسلم في صلاته وعند الخروج منها وفي الأذكار البعدية يقول ”اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام”.

وفيما يخص العلاقات بين الأفراد، يقول الإمام إن الرسول صلى الله عليه وسلم ”أظهر مفهومه في الإسلام بقوله: ”المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه”، فهو يبين لنا أنه من حيث السلوك أن يسلم المسلمون من الأذى الذي يصدر من اليد أو اللسان.

ويضيف قائلا: ”نجد معنى السلام حاضرا في العلاقات الاجتماعية والترابط بين أفراد المجتمع، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ”وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ”، فالسلام طريق للاستقرار والترابط الاجتماعي الوطيد فنجد تحية الإسلام هي السلام، وهي ليست فقط للمجاملة، بل فيها معنى الأجر والمثوبة، فعند إلقاء السلام بقول ”السلام عليكم” فأجرها 10 حسنات ثم ”ورحمة الله 20 حسنة” ثم ”وبركاته 30  حسنة” وكلما ازدادت التحية ازداد الأجر.

فإذا تأملنا النصوص نجد أن ديننا يحثنا على السلام وأن نعيشه ونحافظ على الأمن، يوضح بالقول: ”نجد في سورة يحفظها كل مسلم إمتن فيها الله تعالى على قريش بنعمتين  بقوله تعالى: ”فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” (سورة قريش)، حيث ربط الله تعالى الاقتصاد بالأمن، فتحقيق الأمن الاقتصادي والغذائي مرتبط بعنصر الأمن، ففي سلوك المسلم هذا المعنى صار مغروسا ومستقرا، بل تحول إلى خلق يعيشه المسلم مع عائلته في بيته وأهله ووالديه وفي مجتمعه أيضا ومع سائر أفراد المجتمع. ونجد بلادنا الجزائر سبّاقة إلى هذا المعنى، واليوم العالمي للتعايش والسلام من اقتراح الجزائر ولقي موافقة دولية على إقراره والجزائر تناصر قضايا السلام، كقضية فلسطين، وهذا فيه حرص على تحقيق معنى السلام”.

وحيّال الوصية التي يقدمها للشباب للحفاظ على هذا المكسب، يقول الإمام: ”ألامان والأمن والسلم من كبريات النعم التي منّ الله تعالى بها علينا والنعمة لابد أن ترعى بالشكر لله، وعمليا أيضا بتعزيز هذا المعنى والمكسب وأن لا ننسى أن ما حصل في المصالحة الوطنية التي تؤكد الأمن والسلم والسلام هي من نعم الله علينا، وهنا يحضرني قول ذكره أستاذ متقاعد في هذا الباب: ”لو تأملنا عقودا في تاريخنا بعد الاستقلال نجد الكثير من نعم الله التي يجب ألاّ ننساها وأن تكون حاضرة لدينا ولا نكفرها ونقويها”، ويوضح: ”فالسلم مكسب ونعمة لابد من المحافظة عليها بسلوكنا وأخلاقنا بغرسها في نفوس الصغار والناشئة ووسائل الإعلام، فينبغي أن نتعاون جميعا على تحقيق النعمة وتعزيزها وترسيخها”.