أميني زكية.. حائكة الزرابي:
المرأة عنصر فعال... بها وعليها يعتمد المجتمع

- 844

قالت الحرفية في حياكة الزرابي أميني زكية من قرية الساحل ببوزقان بولاية تيزي وزو، إن المرأة يمكنها القيام بكل شيء؛ أينما وُجهت تجدها قادرة على القيام بذلك النشاط؛ فهي فلاحة تمارس الزراعة، وحرفية تمارس مختلف الصناعات، ومثقفة تساهم في تربية الأجيال بالعلم والقلم وغيرها، مضيفة أن المرأة القبائلية تُعد أساس البيت، عليها تقف تربية الأبناء، وتعليمهم العادات والتقاليد، ونشر روح الأخوة والمحبة بين أفراد العائلة ومع محيطهم. وأضافت أن تعلّمها حرفة الحياكة كان بفضل والدتها، التي حرصت على نقل الحرف والصناعات التقليدية لتعتمد عليها وأخواتها في المستقبل، موضحة أن الأمهات حريصات على أن تكون البنت تتقن عدة أشغال وصناعات حتى تضمن مستقبلها، وتساعد زوجها. وفي حال لم يسعفها الحظ في بيتها الزوجي تعتمد على صنعة يدها لإعالة نفسها، ومواصلة حياتها.
وكشفت الحرفية عن مسيرتها في مجال الحياكة، بأن الحرف اليدوية كثيرة، والمرأة القبائلية تتفنن في كل المجالات؛ فمنذ الصغر تبدأ في تعلم كل ما قد يساعدها في حياتها اليومية والتحضير لمستقبلها، لذلك تقوم بالخياطة، والحياكة، والطرز، والزراعة، وتربية المواشي، إضافة إلى إنشاء عائلة وخدمتها، مؤكدة على أن المرأة مهما قُدم لها من شكر ومهما قيل لها من كلام جميل يبقى لا يساوي ما تقدمه للغير بدون شكوى أو أنين حتى في آلامها، حيث نجدها تعبّر عن ذلك في الأشكال الهندسية التي نجدها في الزرابي، وفي الفخار وتزيين البيوت، والتي يحمل فيها كل رسم معنى ودلالة. وقالت: "مهما تعلمت المرأة من مجالات فهي تميل في نهاية الأمر، إلى مجال محدد وتتخصص فيه، لكن في أي وقت تحتاج إلى مجال معيّن تعود إليه"، مشيرة إلى مجالها المتمثل في حياكة الزرابي، حيث قالت إنها تعمل على خلق تمازج بين الأصالة والمعاصرة في الحياكة وإعداد أغراض؛ كأفرشة وأغطية وزرابي موجهة للتزيين، والتي ترافق جهاز العروس، مؤكدة على استعمالها أدوات تقليدية مختلفة، منها "اقرذاش و"اجباذان"، لإعداد "اوسثوا"، و"اولمان"، يتم تجهيز الصوف عبر مراحل حتى يكون جاهزا للحياكة، وإعداد أغراض مختلفة أيضا حياكة البرنوس وغيره، موضحة أنها تقوم بالحياكة بحب بدون ملل ولا تعب؛ لأن هذه الحرفة تسير كالدم في عروقها.
ووسعت الحرفية نشاطها لتقوم بخياطة الجبة القبائلية وإنجاز أحزمة بواسطة الصوف مختلفة الأشكال والألوان التي تناسب كل منها أذواق الزبائن، والتي شاركت بها في معارض وصالونات، حيث لقيت إبداعاتها إقبالا من طرف الزبائن من داخل الولاية وخارجها أيضا. وقالت الحرفية إن التنوع في العرض يبرز التنوع الثقافي والموديلات التي تبدعها المرأة حسب كل منطقة، والتي تعمل الحرفيات على التمسك بها من أشغال الحياكة والخياطة، لضمان حمايتها كإرث، موضحة أن حياكة الزرابي ليست وليد اليوم بل منذ الصغر، حيث بدأت تعلّم الحرفة وعمرها لا يتجاوز 12 سنة، ومع مرور الوقت أخذت تتفنن في الألوان والأشكال؛ سواء في مجال الخياطة أو الحياكة، وأصبحت كلما تلامس يدها الصوف أو قطعة من القماش، تطلق خيالها الواسع لتصنع موديلات تتزاحم الطلبيات عليها.
واغتنمت المتحدثة الفرصة للإشارة إلى مشكل قلة المادة الأولية "الصوف"، مؤكدة وجود صعوبات في توفيرها. وقالت إنها غالبا ما تلجأ لاقتنائها من الولايات الأخرى، والتي تكون مكلفة، لكنها مجبرة لضمان تلبية احتياجات الزبائن. وقالت إنها تملك ورشة لتعليم الخياطة والحياكة، تشهد تخرج وتكوين فتيات الحرف بإتقان، معبّرة عن أملها في مواصلة ممارسة الحرفتين، وضمان الحفاظ عليهما؛ لكونهما إرثا قديما وعريقا.
الحركة الجمعوية... نساء ناشطات في مجال حماية البيئة
أصبح موضوع حماية البيئة أحد أهم انشغالات المرأة القبائلية اليوم؛ حيث قامت النساء بتأسيس جمعيات تعمل في مجال حماية الطبيعة والمحيط والحفاظ عليهما؛ من خلال القيام بأشغال تنظيف وتزين وكذا تهيئة، ولعل نجاح مسابقة أنظف قرية كان أهم تحد رفعته القرى بفضل تعاون الرجال والنساء لإعطاء صورة جميلة للقرى، أمثلة كثيرة عن القرى الجميلة بفضل مبادرات نسوية، منها جمعية تابودة بإيلولة أومالو، التي تقوم، باستمرار، بحملات تنظيف وتزيين للمحيط. كذلك نساء قرى آث عزيز؛ حيث انتقل نظام "تاجمعت" الذي يسهر الرجال على تنظيم أمور القرية في إطاره، إلى أحضان النساء، اللواتي أخذن مشعل خدمة المجتمع عبر التعاون والتنظيم، ليشكلن مؤسسات جمعوية ولجانا منهن لأول مرة؛ من أجل القيام بمبادرات تنظيف وتزيين القرى للحفاظ على نظافتها، إلى درجة أصبح فيها يُضرب المثل بالعديد من القرى، لتكون السند في إنجاز الأشغال والمشاريع بالقرى، مثل ما هو سار، أيضا، بوزبقة إيليلتن بحيدوس بإيفيغا، وآث بوعظة باعزازقة، وغيرهما.