مكاتب حفظ الصحة بالعاصمة في وضع غير مريح..

الكوليرا "عرت" المكشوف والبلديات تنتظر دعم الولاية

الكوليرا "عرت" المكشوف والبلديات تنتظر دعم الولاية
  • القراءات: 1653
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

تواجه مكاتب النظافة وحفظ الصحة بولاية الجزائر وضعية غير مريحة، عرقلت سير العمل وتركت القائمين على شؤون الصحة والبيئة والنظافة بالجماعات المحلية في حيرة من أمرهم، حسبما صرح به مسؤولون عن هذه المكاتب لـ«المساء". مؤكدين أن ما هو موجود في قانون البلدية، من هيكلة ومهام وصلاحيات، لا يتوافق مع طبيعة الإمكانيات المتاحة، خاصة ما تعلق بوسائل النقل التي أصبحت حجر عثرة في عمل هذه المصلحة الهامة والمحورية في حياة المواطن.

يطالب القائمون على سير مكاتب حفظ الصحة بالعاصمة، مصالح الولاية،  بالتعجيل في دعمهم بوسائل النقل التي تعد المشكل العالق منذ سنوات، والذي ظل يثنيهم عن عملهم الميداني، ويضعهم في قفص الاتهام، خاصة أن أعين المواطنين كلها تتجه نحو الإدارة المحلية الممثلة في المجلس الشعبي البلدي، ونقلت "المساء" تصريحات العديد من مسؤولي مكاتب حفظ الصحة الذين أحصوا جملة من النقائص، أكدوا أنها أثرت سلبا على مردود عملهم، رغم أن مهامهم حساسة وتتعلق بصحة المواطن وسلامته. يجمع من تحدثنا إليهم في هذا الروبورتاج، على أن الصلاحيات والمهام المنوطة بهم في غاية الأهمية، لأنها تخص سلامة المواطن وصحته، سواء تعلق الأمر بما يستهلكه الإنسان أو ما يعيشه في محيطه. ذكر أعضاء مكتب حفظ الصحة ببلدية الحراش، أن هذه البلدية لها خصوصيات، كونها تضم واديا ملوثا ونسيجا عمرانيا بعضه غير متناسق، ومزارع على ضفاف المدينة، فضلا عن نشاط تجاري فوضوي، مما يتطلب تكثيف التدخل والمراقبة، والسهر على تسوية مختلف المشاكل والنقائص.

الكوليرا "عرت" المكشوف!!

يؤكد مسؤولو مكاتب حفظ الصحة بالعاصمة، الذين التقيناهم في هذا الروبورتاج، أن مخاوف إنتشار من وباء الكوليرا، أعادت إلى السطح أهمية هذا المكتب والمهام التي يجب أن يقوم بها، وأن والي العاصمة عبد القادر زوخ كان يركز على هذه المكاتب ويطلب تدخلها في الميدان، والمساهمة في محاصرة الوباء والقضاء على مسبباته المتعلقة، بصفة خاصة، بالمياه المستعملة، الآتية عن طريق الحنفيات. كما شدّد على مراقبة المياه الجوفية بالمزارع، ومياه الوديان وقنوات الصرف الصحي.

يؤكد القائمون على مكتب النظافة ببلدية الحراش لـ«المساء"، أن كل بلدية لها خصوصيتها في هذا المجال، فمثلا بلدية الحراش التي يمر بها أكبر واد للمياه الملوثة، وبحواشيها عدة مزارع، يكون الاهتمام بالجانب البيئي بها كبيرا، يضاف إليها النشاط التجاري، ومنه الفوضوي الذي بات يشكل قلقا للسلطات المحلية، لاسيما في حي بومعطي، وبالقرب من السوق المغطاة، قبل أن يتم إزالة جزء كبير منه، في انتظار مسحه تماما، والأمر نفسه ببلديات أخرى، مثل براقي، الدار البيضاء برج الكيفان، سيدي موسى، أولاد الشبل، بئر توتة وغيرها، التي ليست في منأى عن مخاطر انتشار مختلف الأمراض.

أكد الوالي زوخ، مؤخرا، بهذا الخصوص، أن المحافظة على البيئة والنقاوة تبدأ من الجماعات المحلية الممثلة في مكاتب النظافة، التي يتعيّن أن تكون على دراية واسعة، ولها معلومات كافية عن الجانب الصحي والبيئي في المنطقة.

تنسيق غير كاف بين مختلف المصالح

يشتكي العديد من القائمين على مكاتب حفظ الصحة، غياب التنسيق بين الأطراف التي تشكل هذه المصلحة، ومنها الأطباء، البياطرة، مفتشي التجارة وممثلين عن مديرية الري، فضلا عن التقنيين السامين في الصحة  والبيطرة. في هذا الإطار، ذكر أعضاء مكتب الحراش لـ«المساء"، أن ممثلي التجارة والري لا يلتزمون بالحضور والتنسيق مع مكتب حفظ الصحة، والتحجج دائما بالعمل ضمن رزنامة القطاع. حسب محدثينا، فإن اللجان المشتركة المحلية التي تخرج إلى الميدان ويتطلب أن تكون ممثلة في عدة قطاعات، قليلا ما تتجسد، وأنه غالبا، يقوم كل طرف بعمله بصفة انفرادية. يقول أحد بياطرة مكتب الحراش بأنه غالبا ما يقومون بخرجاتهم، وعندما يقصدون متجرا معينا، أو مؤسسة لإجراء المراقبة الدورية، يجدون أن مفتشي التجارة مروا بنفس المكان، رغم أنه يفترض أن تتم العملية بالتنسيق مع مختلف الأطراف. ويضيف مسؤول المكتب أن ممثلي الري لا يلتزمون بالحضور أيضا، وأن هذه الوضعية ينتج عنها اضطراب في العمل والتغطية الحقيقية. 

مقرات غير مريحة وغياب للنقل

رغم أهمية هذه المصلحة، فإن العديد من بلديات العاصمة لم تجد مكاتب لائقة لهذه المصلحة ذات الأهمية البالغة، مثلما هو الحال ببلدية الكاليتوس التي فصلت مكتب حفظ الصحة عن المصالح الأخرى، وأبعدته بأكثر من كيلومتر عن مقر البلدية. وقد ذكر لنا أحد نواب المجلس الشعبي البلدي بالكاليتوس، أن المقر موجود على مستوى طريق سيدي موسى بمزرعة قاوقاو، ولم يجد محدثنا تفسيرا لذلك، رغم أن هذه المصلحة تضم عدة مهام تتعلق بالصحة، النظافة وحياة المواطن برمتها. أما بلدية الحراش فقد وفرت مقرا، يقع على مرمى حجر من مقر البلدية، بوسط المدينة، يتوفر على مكاتب وبعض أدوات أخذ العينات من مختلف المواد الاستهلاكية، لتحويلها إلى مخابر التحليل عند الحاجة.

يشكو القائمون على مكاتب الصحة بأغلب بلديات العاصمة من مشكل  غياب السيارات الخاصة بهذه المصلحة، التي تتطلب خرجات يومية إلى الميدان، حيث صار أصحابها ينتظرون ما "تجود" به عليهم بقية المصالح بالبلدية. في هذا الصدد، ذكرت لنا النائب المكلفة بالصحة والنظافة ببلدية محمد بلوزداد، عقيلة بسعدي، أن مكتب حفظ الصحة بحاجة ماسة لوسيلة النقل، وأنها تنازلت عن السيارة المخصصة لها لهذا المكتب، قصد تمكينه من أداء مهامه على أكمل وجه، وأن كل هذه الانشغالات تم رفعها مرارا إلى مصالح الولاية عن طريق الوالي المنتدب، وأنهم ينتظرون الدعم الذي وعدت به ولاية الجزائر لتسهيل مهامهم وخرجاتهم الميدانية، وأكد ممثلو مكاتب حفظ الصحة أنه لو تتوفر لديهم الإمكانيات المادية والدعم اللوجيستيكي، لاسيما النقل، فإنهم لا يكتفون بالخرجات الروتينية، بل يساهمون بشكل كبير في تنظيم خرجات توعوية وأبواب مفتوحة، تطرح خلالها جملة الانشغالات والنقائص التي تتطلب الاستدراك.

الجريدة الرسمية تشرح المهام والصلاحيات

تذكر الجريدة الرسمية أنه في إطار أحكام المادة 94 من الأمر رقم 67/24 المؤرخ في 18 جانفي 1967، يوضع تحت تصرف رئيس المجلس الشعبي البلدي مكتبا لمساعدته على تنفيذ مهام الوقاية الصحية وحفظ الصحة والنقاوة العمومية، كما يحددها المرسوم رقم 81/ 167 المؤرخ في 10 أكتوبر 1981. يتكون المكتب من مستخدمين تقنيين، حسب كل قطاع مُعنَى، يجمعهم مكتب يسمى "مكتب حفظ الصحة البلدي"، ويتكون المكتب من 1 إلى 4 تقنيين سامين أو تقني الصحة العمومية، ومن 1 إلى تقنيين (2) سامين في البيئة، ومثله في الفلاحة، وكذا طبيب بيطري أو تقني سامي في الصحة الحيوانية، إلى جانب مفتش أو مفتش مساعد في مراقبة النوعية.

يتولى مكتب حفظ الصحة، إعداد الوثائق والعقود والملفات التقنية التي يتطلبها عمل أجهزة البلدية والمراقبة الدائمة لحفظ الصحة والنقاوة العمومية بإقليم البلدية، ويكلف بالاتصال مع المصالح المعنية، حيث يدرس ويقترح كل التدابير الرامية إلى ضمان المحافظة الدائمة عل الصحة والنقاوة في جميع المؤسسات والأماكن العمومية، ويقترح ويطبق، عند الاقتضاء، أي تدبير أو برنامج يخص حماية صحة الجماعة المحلية وترقيتها، لاسيما في مجال مكافحة الأمراض المتنقلة ومقاومة ناقلات  الأمراض، وينظم محاربة الحيوانات الضارة، ويأمر بتنفيذ عمليات التطهير وإبادة الجرذان والحشرات.

كما يسهر المكتب المذكور على مراقبة النوعية البكتيرية للماء المعد للاستهلاك المنزلي ويتولى معالجته، عندما لا يتعلق ذلك بذمة هيئات عمومية وخصوصية، فضلا عن مراعاة شروط جميع المياه المستعلمة، والنفايات الصلبة الحضرية وتصريفها ومعالجتها، إلى جانب مراقبة نوعية المواد الغذائية ومنتجات الاستهلاك والمنتجات المخزونة أو الموزعة على مستوى البلدية، وتنشأ مكاتب حفظ الصحة بقرار مشترك بين وزارة الداخلية ووزارات؛ المالية، الصحة، التجارة، الري والبيئة والفلاحة.