مناطق النزاع البيئي

الدكتورة درغوم تقدّم الأدوات وآليات الحماية

الدكتورة درغوم تقدّم الأدوات وآليات الحماية
  • القراءات: 1286

تطرقت الدكتورة أسماء درغوم من جامعة قسنطينة 3 خلال مداخلتها  الموسومة بـ "جهود المنظمات الدولية في حماية أطفال النزاع البيئي"، لنتائج التدهور البيئي ومشاكل الحرمان النسبي بسبب الاستغلال اللاعقلاني للموارد، وظهور نوع جديد من النزاعات البيئية، التي تمس بأمن الإنسان، خاصة فئة الأطفال في إقليم أو داخل حيز دولة لا تستطيع توفير الأمن والحماية لهذه الفئة من البشر، سواء بسبب هشاشة البنى القاعدية أو انعدم الاستقرار السياسي، أو بسبب الفساد السلطوي، الأمر الذي قد يتطلب تدخّل هيئات ومؤسسات دولية غير حكومية من أجل النظر في كيفية توفير أمن الأطفال وحمايتهم.

أكّدت الدكتورة في معرض مداخلتها أنّ انعدام الأمن البيئي في العديد من الأحيان، يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي والصحي، وهذا يجرّ بدوره إلى اندلاع شكل جديد من التوترات والأزمات والحروب التي تمسّ مباشرة بأمن الإنسان عامة، وأمن الطفل على وجه التحديد. وفي البحث عن العلاقة التداخلية بين أمن الطفل والبيئة، وُجد أن البيئة تلعب متغيّرا مستقلا إلى جانب المتغيّر التابع المتمثل في النزاعات والأزمات، بعد انعقاد مؤتمر "قمة الأرض" في ريو ديجانيرو سنة 1992، أول مؤتمر للأمم المتحدة حول البيئة والتنمية، الذي كان بمثابة نقطة تحول في الطريقة التي ننظر بها إلى البيئة والتنمية.

يعرّف كينيث بولدين النزاع على أنه حالة وضعية تنافسية، يكون فيها طرفان أو أكثر مدركين عدم تطابق محتمَل لوضعيتهما المستقبلية، التي يمكن لأحد الأطراف أن يحتل فيها مكانا آخر بما لا يتطابق مع رغباته. ويحدد بولدين الأطراف بالدول، أما السلوك النزاعي فهو الوضعية التنافسية، ومصدر النزاع هو تناقض الرغبات.

وفيما يخص أشكال النزاعات البيئية أشارت الأخصائية إلى أنها النزاع البيئي المباشر الذي يحدث جراء الطلب على الموارد الطبيعية بسبب ازدياد السكان، وهذا ما يشكل اختلالا في ميزان العرض والطلب أو الإنتاج والطلب، خاصة جراء النقص الإنتاجي والناتج عن التدهور البيئي، مما سيدفع بالدول إلى التنافس من أجل الواردات الطبيعية، لكن تزايد عملية التنافس سوف يفتح مجالا للتوتر والأزمات، وهو شكل النزاعات المسلحة، الذي هيمن طوال النصف الثاني من القرن العشرين، ناهيك عن النزاع البيئي الدولاتي المباشر، الذي يشرح إمكانية نشوب نزاع مباشر من أجل الوصول إلى الموارد الموجودة في منطقة حدودية مثل الموارد المائية وأحواض الأنهار أو النفط والموارد الأحفورية... وهي حالة النزاع البيئي في البحيرات العظمى. والنوع الثالث، وهو النزاع البيئي غير المباشر على غرار حدوث نزاعات بسبب المنافسة المباشرة حول "الوصول إلى الموارد". تحدث نزاعات غير مباشرة، تتفاعل ندرة الموارد غير المتجددة فيها مع عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية تسبب النزاع. مثل هذه التحليلات ترى أنّ عمليات الإفراط في صيد الأسماك، استنفاد الثروة الغابية، مع تآكل التربة وانتشار التلوث المائي بالإضافة إلى التغيّر في المناخ وبروز أشكال أخرى والتدهور البيئي، كل ذلك سوف يؤدي إلى هجرات جماعية شاملة، وتدهور شروط الصحة الإنسانية، والفقر المزمن، وهي حالة جزيرة بورنيو، كيريباتي.... قد يؤدي تفاعل هذه الآثار إلى إنتاج أشكال من العدوان والعنف بين الدول، وفي كثير من الأحيان إلى نزاعات مسلحة.

إن العديد من التحليلات المقدّمة لهذا النوع من النزاعات البيئية عمد إلى التركيز على الانعكاسات طويلة المدى للتغيّر البيئي؛ مثل الاحتباس الحراري، وتوسّع ثقب الأوزون. وخرجت بعدة إيضاحات منها أنّ مثل هذا النوع من التهديدات البيئية سوف يخلق أرضية للنزاعات والحروب الدولية؛ فظاهرة الاحتباس الحراري على سبيل المثال، ستؤدي إلى تراجع عائدات الزراعة، كما تُرفع عن مستوى البحار، وهاتان النتيجتان تؤديان إلى الفقر والمعاناة الإنسانية والهجرات الموسعة، كما تؤدي في آخر الأمر إلى نزاعات، تكون فيها الطفولة أكثر تعرضا للخطر والتهديد المباشر.

وعرضت الأخصائية أدوات وآليات حماية أطفال في مناطق النزاع البيئي، والمتمثلة في الدبلوماسية المناخية، ودفع الدول إلى التصديق على القرارات البيئية العالمية، وتطبيق مبدأ "من يلوث يدفع"؛ أي الحس بالمسؤولية البيئية، وتوجيه السياسات البيئية المحلية والعالمية "عولمة التربية البيئية، الثقافة البيئية والقيم البيئية". وأشارت إلى بناء السلّم البيئي عن طريق التعاون البيئي، ودفع عجلة التنمية المستدامة مع البحث على سبل إرساء حوكمة بيئية عالمية عن طريق مبدأي  المساواة؛ أي العدالة البيئية.

أ.م