الخبير الدولي جمال شرفي يطالب بتوسيع لجنة مراقبة السكنات:

الدراسات والرقابة غابتا عن المشاريع منذ 2010

الدراسات والرقابة غابتا عن المشاريع منذ 2010
  • القراءات: 2631
زولا سومر زولا سومر

طالب مختصون في العمران والسكن وحماية المستهلك، بتوسيع لجنة التحقيق في نوعية السكنات والبنايات التي نصّبها رئيس الجمهورية، إلى خبراء معماريين حقيقيين ومختصين في الهندسة المدنية، للقيام بخبرة صحيحة تحدد مدى مطابقة السكنات المنجزة لتصنيفها في الخانة اللازمة؛ حفاظا على سلامة المواطنين، مع إشراك المجتمع المدني ممثلا للمستهلك، حتى يكون شاهدا على هذه الخبرة؛ لطمأنة المواطن، وكشف كل حقيقة يمكن التستر عليها، مؤكدين أن إبعاد مكاتب الدراسات وإسناد المهمة للمقاولين، أدى إلى غياب النوعية وغياب الرقابة.

في هذا السياق، أوضح السيد جمال شرفي رئيس المجلس العربي الأعلى للمعمار والعمران وتطوير المدن والخبير الدولي لدى هيئة النقد الدولي لـ "المساء"، أن لجنة التحقيق في نوعية السكنات المنجزة في السنوات الأخيرة التي تم تنصيبها الأسبوع الماضي بأمر من رئيس الجمهورية، يجب توسيعها لتشمل أهل الميدان؛ من خبراء معماريين ومهندسين مدنيين حقيقيين، يكونون بمثابة إضافة إلى هذه اللجنة، توكَل لهم مهمة المعاينة والخبرة التقنية في كل التفاصيل.

وأشار المتحدث إلى أن اللجنة التي تضم حاليا إداريين من الهيئة الوطنية للمراقبة التقنية للبنايات ومختصين في العمران موظفين لدى الإدارة بدون إشراك المتدخلين في الميدان من مهندسين معماريين، يبقى عملها غير كاف لرصد كل الجوانب التقنية والعيوب المتعلقة بسوء الإنجاز.

وأكد السيد شرفي أن مراقبة كل البنايات التي أُنجزت خلال عشر سنوات الماضية، أمر صعب للغاية؛ لأن العملية تتعلق بملايين السكنات وآلاف المرافق العمومية التي تم تشييدها بطريقة استعجالية، مع تغييب دور مكاتب الدراسات في الرقابة بطريقة مقصودة عمدا، لأسباب متعددة تعلقت "بالإسراع في تسليم السكنات من جهة، والتلاعب بالمبالغ المالية التي رُصدت لإنجازها، وتضخيم فواتيرها من جهة أخرى"، موضحا أن أغلب هذه البنايات التي أوكلت مهمة إنجازها لمقاولات أجنبية، تحصلت على المشاريع عن طريق "المحاباة والتفضيل"، وهي غير مطابقة لمعايير العمران المعمول بها، و"مهددة بالانهيار في حال وقوع زلزال تصل درجته إلى 6 درجات على سلّم رشتر".

الترميم يتطلب مؤسسات مختصة غير موجودة وأموالا ضخمة

ولم يستبعد السيد شرفي إمكانية تصنيف العديد من البنايات في حال إنجاز تقارير خبرة شفافة، في الخانة الحمراء التي تستدعي التهديم، أو الخانة البرتقالية التي تستدعي الترميم، متوقعا أن تكون هذه التقارير "كارثية"؛ لأن العملية تتطلب مبالغ مالية كبيرة جدا ووقتا طويلا لإعادة الإنجاز، قد ترجعنا إلى أزمة السكن التي عشناها سابقا. وأضاف المتحدث أن الأمر قد يلزم مغادرة السكان منازلهم لتهديمها وإعادة بنائها من جديد أو ترميمها، مؤكدا أن عملية الترميم تتطلب أموالا ضخمة؛ ذلك أن ترميم السكنات أكثر تكلفة من بنائها، كما أن العملية تتطلب مؤسسات مختصة ومهندسين مختصين في الترميم، وهو أمر غير موجود ببلادنا حاليا.

وقال السيد شرفي إن إنقاذ السكنات غير المطابقة للمقاييس، أمر "غير مضمون"؛ لأن المختصين في القطاع وحتى المستفيدين من هذه السكنات، أكدوا أن الأمر يتعلق بجوانب أساسية غير مطابقة، أُهمل فيها الجانب النوعي، مثل الأعمدة، والغش في كمية الحديد ونوعية الخرسانة المسلحة، مقابل ذلك أكد المصدر إمكانية معالجة العيوب البسيطة. وأضاف أن التقارير التي ستخرج بها اللجنة، هي التي ستؤكد أو تنفي ذلك، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب وقتا طويلا وموارد مالية معتبرة وإمكانيات ضخمة، كما يستدعي تنصيب خلايا يقظة لمتابعة العملية، تكون مكملة للجنة المراقبة.

البنايات المنجزة منذ 2010 تمت بدون دراسات وخارج الرقابة

وأرجع السيد شرفي غياب النوعية في البنايات التي أُنجزت في السنوات الأخيرة، إلى تغييب الدور الرقابي لمكاتب الدراسات، التي يخوّل لها القانون السابق توقيف المشروع، وتغيير مؤسسة الإنجاز إذا اقتضى الأمر ذلك، موضحا أن تغييب الدور الرقابي لمكاتب الدراسات، أدى إلى غياب النوعية والغش في الإنجاز.

وذكر محدثنا بأن قانون المالية لسنة 2010، تضمّن إجراء استثنائيا، أبعد بموجبه مكاتب الدراسات من حلقة السكن، حيث قام بإسناد مهمة الرقابة والإنجاز في آن واحد، للمقاولة المكلفة بالإنجاز؛ بحجة أن المشاريع استعجالية لا يمكنها الانتظار طول الوقت الذي تستغرقه الدراسة، مشيرا إلى أن كل ما تم إنجازه منذ ذلك الوقت، تم بدون أي دراسات ناضجة تخص الأرضية وطريقة البناء ونوعية الإنجاز.

وأوضح السيد شرفي أن المهندسين المعماريين والخبراء في المجال، طالبوا في مناسبات عدة، بإلغاء هذا القرار الذي تضمّنه قانون المالية لسنة 2010، والعودة إلى العمل بالقانون السابق، الذي يلزم الاستعانة بمكتب دراسات في إنجاز أي مشروع سكني؛ تحقيقا للنوعية وحفاظا على سلامة السكان، وتفاديا للتلاعب بالأموال المخصصة لإنجاز هذه المشاريع.

وفي هذا الصدد، أفاد رئيس المجلس العربي الأعلى للمعمار والعمران وتطوير المدن، بأن القانون ينص على أن عقود الإنجاز والمراقبة يمضيها ثلاثة متدخلين، هم مكتب الدراسات (صاحب العمل) ومؤسسات الإنجاز (المقاولة) وصاحب المشروع (الممول). ويكون مكتب الدراسات مستشارا فعليا لمراقبة المشروع؛ لأنه يتمتع بالصلاحيات القانونية التي تخوّل توقيفه في حال تسجيل تجاوزات، وهو قانون تم تغييره في قانون المالية لسنة 2010.

إبعاد مكاتب الدراسات وراء تضخيم كلفة المشاريع

كما أرجع محدثنا تغييب دور مكاتب الدراسات "الممنهج" والمقصود"، كما قال، وإسناد المشاريع للمقاولات الأجنبية، إلى نية "التلاعب بالأموال العمومية المخصصة للمشاريع"، موضحا أن القانون الجزائري يمنح لمكاتب الدراسات صلاحية توقيف المشروع، وإخطار العدالة في حال تسجيل إضافة قيمة مالية تزيد بنسبة 20 بالمائة عن القيمة الأولى المصرح بها، وتعرّض كل من أشرف على المشروع، للمتابعة القضائية.

وذكر السيد شرفي بأن المشاكل التي تعرفها السكنات المهددة بالسقوط وغير الصالحة، تعود إلى "غياب النظرة الاستشرافية عن بعض المسؤولين، الذين لم يتقنوا تسيير هذه المشاريع"؛ الأمر الذي يتطلب مراجعة سياسة الدولة في مجال الإسكان من الناحية القانونية والتقنية.

وشدد محدثنا على تحرك العدالة، ومباشرة دعوات قضائية في ما يخص النوعية والتلاعب بأموال مشاريع السكنات ضد كل المتسببين في ذلك.